نلسون مانديلا الذي أقيم أمس (الثلاثاء) حفل تأبين له في سويتو بعد وفاته 95 عاماً الخميس في جوهانسبورغ؛ انتقل من مناضل ضد سياسة الفصل العنصري إلى سجين سياسي كان الأشهر في العالم ثم رئيس جنوب أفريقيا حيث كان يتمتع بشعبية واحترام كبيرين.
وتدفق عشرات الآلاف من مواطني جنوب أفريقيا إلى ستاد سوكر سيتي وقادة من جميع أنحاء العالم بينهم الرئيس الأمريكي باراك أوباما وثلاثة من الرؤساء السابقين، والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند وسلفه نيكولا ساركوزي، لحضور حفل تأبين «ماديبا» كما يحلو لأهل جنوب افريقيا تسميته.
أمضى زعيم نضال السود ضد النظام العنصري الأبيض الذي بذل جهوداً شاقة لترسيخ الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، 27 عاماً في السجن من 1964 إلى 1990.
وقد أضحى رمزاً عالمياً للحرية ثم للمصالحة منذ أن خرج من سجون نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا في 11 فبراير 1990.
وقد ساهم الإفراج عنه في 1990 بعد سجنه 27 عاماً في سجن روبن آيلند في تسريع سقوط نظام الفصل العنصري. وبعد أربع سنوات أصبح أول رئيس أسود ينتخب ديموقراطياً في جنوب أفريقيا.شكل مانديلا لجنة الحقيقة والمصالحة التي تولى رئاستها توتو واصبحت نموذجا يطبق في الدول التي تشهد اعمال عنف رغم الانتقادات بأنها غير مثالية لدى نشر تقريرها في 1998 بعد المئات من جلسات الاستماع.
ولد مانديلا في 18 يوليو 1918 في منطقة ترانسكاي (جنوب شرق) في قبيلة ملكية وأطلق عليه والده اسم «روليهلاهلا» أي المشاكس الذي يجلب المشاكل. وفي سن مبكرة بدا مانديلا فتى متمردا واقصي من جامعة فورت هار للسود بسبب خلاف حول انتخاب ممثلي الطلاب.
وفي جوهانسبرغ التحق المحامي الصاعد الذي يعشق النساء والملاكمة، بحزب المؤتمر الوطني الافريقي واسس مع أشخاص آخرين رابطة الشباب في الحزب.
وأمام السلطة التي تطبق نظام الفصل العنصري في 1948 تولى مانديلا رئاسة الحزب. واعتقل مانديلا مراراً وحكم مرة أولى بتهمة الخيانة قبل تبرئته في 1956.
وبعد عام قاد مانديلا النضال المسلح واعتقل وحوكم بتهمة التخريب والتآمر ضد الدولة في إطار محاكمة ريفونيا (1963-1964).
وصدر على مانديلا حكم بالسجن المؤبد لكنه أعلن مبدأه بالقول «إن مثلي الأعلى هو قيام مجتمع حر وديموقراطي يعيش فيه الجميع مع فرص متساوية (...) إني مستعد لأن أضحي بحياتي في سبيل ذلك».
والهم مانديلا رفاقه في سجن روبن آيلند قبالة سواحل الكاب (جنوب غرب) أو سجون أخرى. واعتبارا من 1985 أطلق نظام الفصل العنصري الخاضع لعقوبات دولية والنضال الداخلي المتواصل، مناورات سرية.
ففي 11 فبراير 1990 كان «المعتقل الذي يحمل رقم 46664» رجلاً حراً إلى جانب زوجته الثانية ويني. وعلى الفور تواصلت المفاوضات.
وبفضل نجاح المفاوضات مع آخر رئيس لنظام الفصل العنصري فريديريك دو كليرك، حاز الرجلان جائزة نوبل السلام في 1993.
وفي 27 أبريل 1994 انتخب مانديلا في الدورة الاولى من الانتخابات المتعددة الاعراق واعلن عزمه على بناء «امة تعيش بسلام في الداخل ومع العالم».
ونجح مانديلا في أن يكسب مودة البيض لأنه لم يظهر مرارة لكل السنوات التي أمضاها خلف القضبان.
وفي 1998، في اليوم الذي احتفل فيه بعيد ميلاده الثمانين تزوج مانديلا غراسا ماشيل أرملة رئيس موزمبيق السابق التي تصغره بـ 27 سنة. وبعد سنة استقال من الرئاسة واعتزل السياسة.