قال علماء إن «هناك 3 أسباب تحصل بها مغفرة الله وعفوه عن عبده مهما كثرت ذنوبه وعظمت، وهي الدعاء مع الرجاء، والاستغفار مهما عظمت الذنوب، والتوحيد الخالص».
واستشهد العلماء «بالحديث القدسي، الذي روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه الذي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تبارك وتعالى: «يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة»، مشيرين إلى أن «هذا الحديث من أرجى الأحاديث في السنة، ففيه بيان سعة عفو الله تعالى ومغفرته لذنوب عباده، وهو يدل على عظم شأن التوحيد، والأجر الذي أعده الله للموحدين، كما أن فيه الحث والترغيب على الاستغفار والتوبة والإنابة إلى الله سبحانه وتعالى».
وقد تضمن الحديث أهم 3 أسباب تحصل بها مغفرة الله وعفوه عن عبده، مهما كثرت ذنوبه وعظمت، وأول الأسباب هي الدعاء مع الرخاء، وفي هذا الصدد يقول الداعية الشيخ محمد حسان إن «الله أمر عباده بالدعاء ووعدهم عليه بالإجابة، فقال سبحانه «وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين»، وقال صلى الله عليه وسلم «الدعاء هو العبادة ، ثم قرأ هذه الآية»، ولكن هذا الدعاء سبب مقتض للإجابة عند استكمال شرائطه وانتفاء موانعه، فقد تتخلف الإجابة لانتفاء بعض الشروط والآداب أو لوجود بعض الموانع.
ومن أعظم شروط الدعاء حضور القلب، ورجاء الإجابة من الله تعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي «ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه»، ولهذا أُمِر العبد أن يعزم في المسألة، ونُهِي أن يستعجل ويترك الدعاء لاستبطاء الإجابة، وما دام العبد يلح في الدعاء ويطمع في الإجابة مع عدم قطع الرجاء، فإن الله يستجيب له ويبلغه مطلوبه.
والسبب الثاني من أسباب المغفرة المذكورة في الحديث، هو الاستغفار مهما عظمت ذنوب الإنسان، حتى لو بلغت من كثرتها عنان السماء، وهو السحاب أو ما انتهى إليه البصر منها، وقد ورد ذكر الاستغفار في القرآن كثيراً فتارة يأمر الله به كقوله سبحانه: «واستغفروا الله إن الله غفور رحيم» وقال الرسول الكريم في الحديث «والله إني لأستغفر الله في اليوم أكثر من سبعين مرة». والاستغفار الذي يوجب المغفرة هو الاستغفار مع عدم الإصرار على المعصية والذنب، وهو الذي مدح الله تعالى أهله ووعدهم بالمغفرة في قوله: «والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون»، ومن صيغ الاستغفار العظيمة ما ورد في الحديث الصحيح عند الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قال أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، غفر له وإن كان فر من الزحف». وفي هذا الصدد، يقول الشيخ حسان إن «رحمة الله وفضله اكبر بكثير من ذنوب الإنسان الضعيف، ولذلك فإن الإنسان عليه أن يتوجه إلى ربه في كل وقت وحين ولا ييأس من رحمة الله في أن الله الكريم سوف يعفو عنه ويرحمه». والسبب الثالث من أسباب المغفرة تحقيق التوحيد، وهو من أهم الأسباب وأعظمها، فمن فقدَه فقَدَ المغفرة، ومن جاء به فقَدْ أتى بأعظم أسباب المغفرة، قال تعالى: «إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثماً عظيماً»، والتوحيد في الحقيقة استسلام وانقياد، وطاعة لله ولرسوله، وتعلق القلب بالله سبحانه محبة وتعظيماً، وإجلالاً ومهابة، وخشية ورجاء وتوكلاً، وكل ذلك من مقتضيات التوحيد ولوازمه، وهو الذي ينفع صاحبه يوم الدين، وهنا يقول الشيخ الدكتور عمر عبدالكافي في فضل التوحيد أنه «يشحذ الهمم وينقي القلوب لطاعة الله».