الكويت- وليد صبري:
قال خبراء ومحللون عرب وأجانب إن إقرار قمة الكويت الخليجية القيادة العسكرية الموحدة كمنظومة دفاعية مشتركة لتحقيق الأمن الجماعي وإنشاء جهاز للشرطة الخليجية «إنتربول خليجي» خطوة متقدمة نحو تحقيق الاتحاد الخليجي، مشيرين إلى أن «القمة نجحت في تمرير قرارات يتوافق عليها الجميع وتصب في صالح الوحدة الخليجية مستقبلاً».
وأضافوا، في تصريحات لـ«الوطن» أن مخاوف بعض الدول من التحول من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد سوف تتبدد مستقبلاً.
ووصف المحللون موقف مجلس التعاون من إيران والاتفاق النووي الذي أبرم مؤخراً بين طهران والقوى الكبرى بـ «العقلاني والمتزن»، موضحين أن «بيان قمة الكويت الخليجية يمنح إيران الفرصة لإثبات حسن النية وإعادة تقييم علاقاتها بدول الخليج».
وأضافوا أن التكامل الاقتصادي بين البحرين والسعودية نموذج مصغر للوحدة الخليجية، فيما تعد تجربة الإمارات النموذج الأقرب للاتحاد الخليجي المرتقب
وأكدوا أن حماية الأمن القومي الخليجي ضرورة ملحة أمام الأطماع الإيرانية، مشيرين إلى أن، مشاركة دول الخليج في مفاوضات «نووي إيران» حق مشروع.
التكامل الاقتصادي
وقال المحلل السياسي والمؤرخ البريطاني عادل درويش إن «القرارات التفعيلية الاقتصادية والعسكرية لقمة الكويت الخليجية ستؤدي بلاشك إلى إقرار الاتحاد الخليجي مستقبلاً»، فيما توقع أن «يتم الاتحاد الخليجي في البداية بين دولتين أو أكثر داخل منظومة دول مجلس التعاون»، مستشهداً «بتجربة بلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ التي يجمعهم اتحاد كونفيدرالي داخل الاتحاد الأوروبي، ولا يوجد تعارض أو تناقض على الإطلاق في هذا الشأن».
وقال إن «مسألة الوحدة بين دول التعاون ستعتمد بالدرجة الأولى على التعاون العسكري والتكامل الاقتصادي في البداية، خاصة وأن قطاعات كبيرة من شعوب الخليج لاسيما المستثمرين ورجال الأعمال والمواطنين يشعرون بضرورة إقرار قوانين لتسهيل حرية التنقل ونقل البضائع وتوحيد العملة وكل هذا سيدفع بلاشك نحو الوحدة الخليجية».
وأكد «ضرورة تسهيل التملك للخليجي في أي دولة أخرى من دول مجلس التعاون»، موضحاً أن «التكامل ين البحرين والسعودية نموذج مصغر للوحدة الخليجية في المجال الاقتصادي، خاصة مع سهولة التنقل ونقل البضائع ومن ثم هناك فوائد اقتصادية واجتماعية وأمنية يستفيد منها مواطنو المملكتين».
ورأى درويش أن «مخاوف بعض الدول من التحول من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد سوف تتبدد مستقبلاً».
وذكر أن «اعتماد القيادة العسكرية الموحدة لدول مجلس التعاون ليس بديلاً عن قوات درع الجزيرة ولكن يمكن أن تكون نواة لقوات التدخل السريع».
وفيما يتعلق بإيران، وما ذكره البيان الختامي لقمة الكويت، أوضح درويش أن «رسائل دول الخليج لإيران فيها الكثير من المرونة وحسن النية لكنها مشروطة باحترام إيران لدول الجوار وعدم التدخل في شؤون دول مجلس التعاون واحترام سيادتها والالتزام ببنود الاتفاق النووي مع القوى الكبرى الذي أبرم في جنيف في 24 نوفمبر الماضي».
ورأى درويش أن «سياسات أمريكا في المنطقة متغيرة بما يخدم مصالحها ما يجعل دول مجلس التعاون تبحث عن استراتيجيات أخرى، وإقامة علاقات قوية مع قوى عظمى أخرى، مثل الصين وروسيا»، مشيراً إلى أن «موسكو وبكين ربما ترحبان بانضمام دول مجلس التعاون للمفاوضات النووية مع إيران لتصبح المفاوضات مستقبلاً بين «6+1».
الأمن القومي الخليجي
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي السعودي مهنا الحبيل إن «القمة حاولت أن تمرر قرارات يتفق عليها الجميع، ورغم عدم إعلان الاتحاد الخليجي إلا أنه تم اتخاذ قرارات ذات علاقة بالاتحاد وأهمها التنسيق العسكري واعتماد القيادة العسكرية الموحدة لدول مجلس التعاون، وإنشاء أكاديمية خليجية للدراسات الاستراتيجية والأمنية وإنشاء الإنتربول الخليجي».
ورأى الحبيل أنه «بالرغم من أن التنسيق الأمني والعسكري يمهد للوحدة الخليجية إلا أن دول مجلس التعاون تحتاج إلى دفع أكبر لمواجهة المخاطر الإيرانية»، معتبراً أن «ما اتخذ من قرارات عسكرية وأمنية في قمة الكويت الأخيرة موجهة بالدرجة الأولى تجاه إيران وإن لم يذكر ذلك صراحة، فحماية الأمن القومي الخليجي ضرورة ملحة أمام الأطماع الإيرانية وسياسة التوسع ومحاولة الهيمنة».
وأضاف أن «دول الخليج لديها قدرات كبيرة خاصة المملكة العربية السعودية في مواجهة الأخطار الإيرانية»، مشدداً على «ضرورة تقوية البنية الداخلية لكل دولة من دول المجلس».
وخلص الحبيل إلى «ضرورة احتواء عمان وإقناعها بضرورة الانضمام إلى الاتحاد الخليجي والتعامل مع الموقف بسياسة توازن القوى بالمنطقة».
«الخليج» يقود العرب
بدوره، وصف الكاتب والمحلل السياسي اللبناني خيرالله خيرالله قمة الكويت الخليجية الأخيرة بـ»قمة الصراحة»، مضيفاً أنها «قمة مفصلية سمت الأشياء بمسمياتها في قراراتها كما إنها لم تتجاهل أي موضوع أو قضية على المستويين العربي والدولي».
وقال خير الله إن «موقف دول مجلس التعاون الأخير تجاه إيران يتسم بالعقلانية والاتزان ويمنح إيران الفرصة لإعادة تقييم علاقاتها بدول مجلس التعاون والدول العربية على أساس عدم التدخل في شؤون دول الخليج والعرب واحترام السيادة الخليجية والعربية».
وذكر أن «قمة الكويت كشفت أن دول مجلس التعاون سواء كانت مجتمعة في اتحاد أو مجلس فإنها قادرة على اتخاذ قرارات مصيرية ومستقلة بالمنطقة، تصحح سياسات أمريكا الخاطئة بالمنطقة، مشدداً على أن «قرار دخول قوات درع الجزيرة إلى البحرين يثبت استقلالية الموقف الخليجي وتقويمه لسياسات أمريكا الخاطئة بالمنطقة».
وقال إننا «أمام تحولات كبيرة بالمنطقة وعلى دول الخليج أن تأخذ زمام المبادرة والقيادة وتقود العرب في المرحلة المقبلة لأنها الوحيدة المؤهلة لذلك في الوقت الراهن»، موضحاً أن «أمريكا أوباما» الآن ليست كأمريكا التي نعرفها لأن طريقة اتخاذ القرارات داخل البيت الأبيض تغيرت كثيراً».
النموذج الإماراتي
من جانبه، رأى الكاتب والمحلل السياسي المصري الأمريكي مأمون فندي أن «هناك خلافات غير معلنة طفت على السطح قبل انعقاد قمة الكويت خاصة فيما يتعلق بالاتحاد الخليجي، والأوضاع في مصر»، موضحاً أن «البيان الختامي للقمة وإن أكد دعمه خيارات الشعب المصري، ورفضه التدخل الخارجي في شؤون مصر، إلا أن قطر وعمان لم تعلنان تأييدهما للسلطة الحاكمة الآن، في المقابل تؤكد البحرين والسعودية والإمارات والكويت دعمها للحكومة الانتقالية ومساندة مصر اقتصادياً في المرحلة المقبلة».
وذكر فندي أن «العمل العسكري المشترك وبناء منظومة دفاعية مشتركة لتحقيق الأمن الجماعي بين دول مجلس التعاون خطوة ضرورية لإقرار الاتحاد الخليجي في المستقبل»، موضحاً أن «تخوف بعض الدول من التحول من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد بذريعة إمكانية هيمنة إحدى الدول على الاتحاد، يعد تخوفاً غير منطقي وفي غير محله»، مستشهداً «بتجربة الإمارات العربية المتحدة وكيف تحولت من إمارات متفرقة، إلى أن أصبحت دولة متوحدة، وهذه قد تكون هي التجربة الأقرب لطريقة الاتحاد الخليجي، ومن ثم قضية الهيمنة لم تظهر في الإمارات، ودول الخليج مجتمعات متقاربة، واقتصادها متقارب، والنظم السياسية متقاربة، لذلك فهي مؤهلة بشكل كبير لمشروع الاتحاد الخليجي».
«الخليج»
بالمفاوضات النووية
وقال الكاتب والمحلل السياسي القطري والمدير العام لصحيفة «الوطن» القطرية أحمد علي إن «جملة التحديات التي تواجهها دول مجلس التعاون تؤكد ضرورة الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد»، مشدداً على أنه «خيار جماعي رغم تحفظ عمان على الانضمام إليه»، داعياً إلى «احتواء الموقف العماني ومحاولة إقناع مسقط بالانضمام للوحدة الخليجية وتبديد مخاوفها من الاتحاد الخليجي». ورأى علي أن «الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى هو اتفاق مصالح بالدرجة الأولى لكن الأهم ألا يكون على حساب دول مجلس التعاون، ولذلك لابد من حضور دول الخليج للمفاوضات النووية لأن الاتفاق ينعكس بشكل إيجابي أو سلبي على دول الجوار ولذلك لابد أن تكون على علم بتلك التفاصيل فهي الأحق بالمشاركة في تلك المفاوضات». وقال إن «قمة الكويت أكدت حرصها على دعم مصر ورفضها التدخل في شؤونها الداخلية»، مضيفاً أن «دول الخليج جميعها حريصة على استقرار البلاد ودعم خيارات الشعب المصري»، لافتاً إلى أن «الإدارة المصرية ستتفهم موقف قطر وستزول الخلافات بين القاهرة والدوحة قريباً».