بريتوريا - (وكالات): أنهى نلسون مانديلا، الرمز العالمي للسلام والمغفرة، أمس رحلته الطويلة بالعودة إلى منزله في قرية كونو التي أمضى فيها طفولته وحيث سيوارى اليوم في غياب صديقه ورفيق نضاله ديزموند توتو الذي لم يتلق دعوة للمشاركة في الجنازة. وبعد أسبوع من مراسم التكريم غير المسبوقة التي قدمها كبار هذا العالم وشعبه الجنوب أفريقي، نقل جثمان بطل النضال ضد التمييز العنصري إلى أرض أجداده في الجنوب الريفي للبلاد حيث دائماً ما أعرب عن رغبته في أن يرقد إلى الأبد. ودعي نحو 5 آلاف شخص منهم شخصيات أجنبية كبيرة إلى المشاركة اليوم في مراسم التشييع. وسيوارى الثرى في حضور عائلته وأقاربه فقط. وسيدفن مانديلا إلى جانب والديه و3 من أبنائه.
وحسب عادة قديمة، ستحيط بالدفن شعائر قبائل الكوزا بما في ذلك ذبح ثور ثم يلقي وجهاء من التيمبو كلمات أمام القبر.
وقال جوغينيانيسو متيرارا الذي ينتمي للتيمبو إن «الجنازة مراسم معقدة تتطلب الاتصال بالأجداد وإفساح المجال لروح الميت لترتاح».
وهنا ستنتهي المسيرة الطويلة جداً لأب الديمقراطية الجنوب أفريقية الذي توفي عن 95 عاماً في 5 ديسمبر الجاري.
وقال ديزموند توتو «حتى لو رغبت في حضور الاحتفال لأودع شخصاً كنت أحبه وأعزه، سيكون ذلك انتقاصاً من احترامي لتاتا «اب» ومثابة تدخل في جنازة عائلية محضة».
وكانت رحلة مانديلا بدأت في 1918 في منطقة ترانسكي الريفية والخضراء. وقد ولد في مفيزو التي لا تبعد كثيراً ودائماً ما قال إنه أمضى أفضل أوقات طفولته في كونو.
وكتب في سيرته الذاتية «طريق طويل نحو الحرية» «لقد ولدت حراً، حراً من كل الأشكال التي كان يمكن أن أتصورها». وأضاف «ما إن بدأت أدرك أن حرية طفولتي كانت وهماً وما إن بدأت أكتشف عندما أصبحت شاباً أنهم أخذوا حريتي، حتى بدأت أتشوق إليها».
وقد أمضى مانديلا بالإجمال 27 عاماً في سجون نظام التمييز العنصري حتى الإفراج عنه في 1990.
وكان نعش مانديلا الذي لف بعلم جنوب أفريقيا الديمقراطية التي كان أول رئيس لها، نقل من المستشفى إلى القاعدة العسكرية في ووتركلوف بالقرب من بريتوريا لمراسم نظمها المؤتمر الوطني الأفريقي الذي لم يبدل مانديلا من ولائه له يوماً.
وبعيد وصوله لف النعش بعلم المؤتمر الوطني الأفريقي الذي أسس مانديلا جناحه السياسي «رمح الأمة» «اومخونتو وي سيزوي».
ورافق الجثمان أكبر أحفاد مانديلا الذكور الذي وقف إلى جانب النعش حسب التقاليد المتبعة.
وحضرت أكبر شخصيات الحزب مثل ثابو مبيكي الذي تولى الرئاسة بعده من 1999 إلى 2008، وجاكوب زوما «الرئيس الحالي منذ 1999»، وأرملته غراسا ماشيل وزوجته السابقة ويني ماديكيزيلا مانديلا التي بدت منهارة.
وحضر عدد كبير من الناشطين في المؤتمر الوطني الأفريقي والحزب الشيوعي ونقابيون ومناضلون سابقون ضد الفصل العنصري مثل القس الأمريكي جيسي جاكسون.
وخلال 3 أيام من الأربعاء إلى الجمعة، قام أكثر من 100 ألف من مواطني جنوب أفريقيا بإلقاء نظرة الوداع على جثمانه الذي سجي في مقر رئاسة الحكومة «يونيون بيلدينغز» في بريتوريا. وقد اقتحم مئات من الأشخاص حواجز الشرطة لدخول المبنى وإلقاء نظرة الوداع على جثمان مانديلا. واقتحم الحشد الحواجز بعدما أعلنت الشرطة أنها لن تسمح بعد الآن لأحد بدخول مقر الرئاسة. وحاول رجال الشرطة أولاً منعهم من التقدم لكنهم سمحوا لهم بالمرور بعد ذلك.
وشهد مقر رئاسة جنوب أفريقيا اكتظاظاً كبيراً بينما انتظر آلاف الأشخاص في الخارج على أمل إلقاء نظرة الوداع على بطل النضال ضد الفصل العنصري.