ليس جديداً أن تدشن شركات الطيران خطوطاً إضافية، تطير رحلاتها شرقاً وغرباً، تبحث عن وجهات أكثر كثافة وأشد إقبالاً، تروج لخدماتها، وتعين مضيفات حسناوات يثرين حزمة العوامل الجاذبة على متن رحلاتها.
في شركة طيران الخليج يأخذنا هذا الحديث لأبعاد أخرى، ومقاصد مغايرة، فبعد سلسلة خسائر منيت بها الشركة على مدى سنوات خلت، وقدرت بالملايين، وكانت مادة دسمة لأقلام الصحافيين وألسنة النواب، جاءت جملة التغييرات الإجرائية لتضع الناقلة الوطنية على السكة الصحيحة، لتدير ظهرها للماضي وتوصد دونه الأبواب، ومن جملة ما فعلته الشركة إعادة الهيكلة، وفتح خطوط جديدة، وتحسينات طالت كل المرافق والمفاصل.
قد يكون من المبكر القول إن «طيران الخليج» انتهت من إرث الماضي الثقيل، وخطت مساراً جديداً لا يقفز على الأخطاء بل يعالجها، ووضعت إصبعاً على المشكلات ومواطن الخلل وباشرت إصلاحها، ولكن الأكيد أن الشركة اليوم غيرها بالأمس، وليس أدل على ذلك حصتها الهزيلة من المخالفات المرصودة بتقرير ديوان الرقابة الأخير، قياساً بتقرير 2012 المتخم بالتجاوزات المشبع بالخسائر.
لسنا بصدد تعداد مآثر الشركة، تاريخها وسلسلة منجزاتها، ولكن لأن الشيء بالشيء يذكر، نتتبع بترقب وربما بارتياب، إطلاق رحلاتها الجديدة إلى مشهد والهند وباكستان ومطار آل مكتوم الجديد في دبي، هل هي نقلة نوعية بمشوار تقليص الخسائر؟ أم جراحات تجميلية تطيل عمر شركة يراها البعض تدب بخطى حثيثة نحو الهرم والشيخوخة؟!
من حسن الطالع أن كنت برفقة مجموعة صحافيين على متن أولى رحلات طيران الخليج المتجهة إلى مطار آل مكتوم، وخلال الرحلة من البحرين إلى دبي، وطيلة يوم شاق ببرنامجه المزدحم، ممتع برفقة ممثلة الشركة الأنيقة المتعاونة، كانت رفيقتنا المهذبة ومثلها ممثلو الشركة في دبي على ثقة أن الشركة تجاوزت عثرتها، حددت مسارها، رسمت معالم مستقبلها، وزعموا أن الماضي تاريخ ولى بأوجاعه، وأن أجمل الأيام لم تعشها الشركة بعد.
عند وصولنا بدت دبي وهي تتكئ على الخليج، بأبراجها الشامخة وحدائقها ومولاتها وشوارعها المتشابكة، كأيقونة تزين نحر غيداء فاتنة، كأغنية، كمطلع قصيدة لم تكتمل سطورها، ومن الجو ونحن نغادر ليلاً وقد هدنا التعب، كانت المدينة تشتعل، تتلألأ كآلاف الأنجم المنثورة.
الكبوات والعثرات لم تنل من «طيران الخليج» بل زادتها قوة إصراراً، واليوم يبدو أنها تبدأ خطوتها الأولى في مشوار الألف ميل، تدشن عهداً جديداً، ترسم ملامح مستقبل يليق باسمها الكبير.. الناقلة الوطنية.
إسماعيل الحجي