كتب - أحمد الجناحي:
كتاب «بيكاسو وستاربكس» لياسر حارب، الأكثر مبيعاً في الأسواق بفترة قياسية، من الوهلة الأولى بعد قراءة العنوان يشعر القارئ أنه سيبحر عبر سلسلة مقاهي ستار بكس التي انتشرت على مدى واسع من العالم، وسرعان ما يثير انتباهه أيضاً اسم بيكاسو أشهر فناني القرن العشرين، ليترك الكاتب سؤال في الأذهان عنوانه التشويق «ما علاقة بيكاسو بستار بكس؟، وما وجه الشبه بينهما؟».
كتاب «بيكاسو وستاربكس» يبحث في عدد من القضايا الاجتماعية والوجدانية مثل الحب والنجاح والوجود والمشكلات الاجتماعية المنتشرة في الوطن العربي، ويتميز هذا الكتاب بأنه لا يكتفي بعرض المشكلات بل يقدم عدداً من الحلول التي تتناسب مع معظم شرائح المجتمع، ويعد الكتاب واحداً من أهم الكتب التي صدرت في عام 2011 حيث تمت طباعته للمرة الأولى في16/3/2011 وقد تمت طباعته للمرة الثالثة في أقل من عام، كما يتميز الكتاب أيضاً بالبساطة حيث اعتمد الكاتب على السهولة في إيصال المعلومة، فابتعد ياسر حارب في كتابه عن كل ما يكون قريباً من الحشو الأدبي أو الإطالة، فهو يحاول أن يوصل المعلومة بمنتهى الإيجاز، مع القدرة على إيصال المعنى كاملاً وإن اضطر لشرح النقطة بأكثر من طريقة، كما قال في التفريق بين البساطة والسطحية «البساطة هي أن تقوم بعمل عظيم من غير تكلف، أما السطحية هي أن لا تقوم بأي عمل».
المعاني البسيطة والمفردات السلسة والأفكار التي تحاكي الواقع سهلت على القارئ فهمها وبالتالي تبنيها، كما شرح في كتابه «لماذا يكره الإنسان نفسه، لكي لا تكره نفسك، يجب أن تبحث عنها، وتكتشفها، وتنميها، وتطورها لتسمو بها، عليك أن تعرفها وتتصالح معها».
إغواء إدمان المكان
وفرض النمط
بيكاسو وستاربكس عنوان لأحد مواضيع الكتاب، ليبين في النهاية سر اتفاق الثقافة بين بيكاسو وستار بوكس، ويذكر في المواضيع الأخرى مواقف غريبة وتأملات عذبة وكلمات، يقول الكتاب في مقدمة الكتاب «في ستاربكس عليك أن تتخذ ستة قرارات لشراء كوب قهوة واحد. قصير، طويل، خفيف، ثقيل، بدون كافيين، مع حليب قليل الدسم.. وبالتالي يتمكن الناس الذين لا يستطيعون اتخاذ قرارات في حياتهم، والذين لا يعرفون من هم أو ماذا يفعلون على الكرة الأرضية، أن يشعروا بالرضا عن أنفسهم لأنهم استطاعوا أن يشتروا كوب قهوة صغيراً» هكذا يعرّف الممثل الأمريكي (توم هانكس) ستاربكس في فيلمه الرائع (استلمتَ بريداً) حيث يرى فيه مكاناً يغويك لإدمانه ثم يفرض عليك نمط حياة آخر. ستاربكس هو إسقاطٌ مصغرٌ للحياة التي نعيشها، فكل شيء فيه سريع، حتى تحضير القهوة الذي يفترضُ أن يتمّ على تؤدةٍ، يتعمد موظفو المقهى أن يستعجلوه أمامك لكي تأخذها وتمضي دون أن تتحدث إلى أحدهم، حتى لا تربكَ تدفق الزبائن وتخرق تقاليد المكان. يمنحكُ ستاربكس خياراتٍ كثيرة، ولكن ليست كلها حقيقية، وهذا ما أوردتهُ في موضوع (هل خياراتنا حقيقية؟) حيث افترضتُ أن الخيارات الحقيقية هي الخيارات التي نقوم بها بأنفسنا، لأنها تعكس رغباتنا وطموحاتنا، والخيارات الكاذبة هي تلك التي يقوم بها الآخرون بالنيابة عنا. إلا أننا نستمتع كثيراً، ودون أن نشعر أحياناً، بكثير من الخيارات الزائفة، وخصوصاً تلك التي تتعلق بالقهوة وطريقة ارتشافها.
أما بيسكاسو فإنه قد فرِضَ علينا بفنه الغريب، وعلى كل من تحدّث عنه أن يحترم عمله ويقدّره لأنه أحد أشهر فناني القرن العشرين، هكذا يقول الخبراء الذين لم نعرف أسماءهم يوما، وعليك إذا وقفتَ أمام إحدى لوحاته أن تقف بصمت وتبدي إعجابك، فالامتعاضُ مرفوضٌ جملة وتفصيلاً لأنك بذلك تكون غير متذوق للفن وغير آبه بالإبداع، وهو ما يقع تحت طائلة العبودية، مثلما ورد في موضوع (العبيد الجدد) حيث يستعبد الإنسان نفسه بنفسه، ولا ينفكّ يتلذذ بتلك العبودية حتى في أحلك ساعاتها المظلمة، لأنه يظنّ بأن انغماسه في الظلام سيؤدي به إلى النور لا محالة، وخصوصاً إذا كانت عبودية ملوّنة كإحدى لوحات بيكاسو المعقدة.
وجه الشبه بين بيكاسو وستاربكس أنهما مثالٌ للامبالاة، فهما أقرب إلى الفوضى المنظمة، كما أنهما يُعطيان قيمة لأشياء قد لا تستحق قيمة، ويفرضان علينا، بجمال وهدوء، اعتناق مبادئ جديدة ثم تصديقها على مضض، حتى ونحن نتجرّعها بمرارة شديدة. «الصفحات القادمة تقولُ ما لَم يقل بعد، عن الإنسان والحياة، عما يجمعهما ويفرّقهما.. إنها تحكي لنا، ثم تحكي عنا»، ورغم هذه العبارة التي وجدت في المقدمة إلا أن معظم القراء أشاروا أن صفحات الكتاب أعادت ما قيل من قبل وبصورة سطحية أكثر، وأختلف البعض معهم مبرراً سطحية الكتاب وألفاظه لاستهداف الكاتب الشريحة التي لا تقرأ من الناس.
أما في الغلاف الخلفي للكتاب فهناك توضيح لسبب التراجع العربي والتأخر الإبداعي، كتب على الغلاف الخلفي «في بعض المجتمعات العربية، يندُر أن تجد من يقول لك «أنت ناجح»، ولكن من السهل أن تجد من يقول «أنت مخطئ»، وهذا أحد أسباب التراجع العربي. ولذلك لا يشعر غالبية المبدعين في تلك المجتمعات بالأمان المعرفي، ويسعون إلى استرضاء طائفة فكرية معينة، حتى يجــدوا لديها تشجيعاً أياً كانت صيغته. فيتحــول المبدعون في هذه الحال إلى نسخ مكررة، تردد نفس الشعارات، وتستشهد بنفس المقولات التي يتداولها من حولهم. لا أؤمن بالأمثال كثيراً، وقلما أستخدمها في حياتي، فالأمثال تجارب إنسانية لبشر مروا قبلنا، قد يخطئون وقد يصيبون، وكلامهم ليس من التنزيل حتى ينزَّه عن الخطأ. في هذا الكتاب قد لا تجد من يقول لك «أنت ناجح» ولكنك بالتأكيد ستجد من يقول لك «أنت مخطئ».
النقد.. وتجاوز مرحلة الألم
فكرة الكتاب الغريبة التي لمعت في أذهان الكثير ودفعتهم لأن يبحروا مع رحلاته بين سرد للمواقف والقصص من ونقد صريح يطرق القلب بهدوء تارة وبقسوة تارة أخرى ليصل الكاتب إلى هدفه.
فاطمة القلاف عضوة مجموعة «نلتقي لنرتقي» التابعة لفريق قوة الكلمة، توقعت أن الكاتب سيتناول مواضيع جديدة ومميزة وتتناسب مع عنوان الكتاب «الكتاب تناول مواضيع جداً سهله نستطيع تطبيقها بسهوله في حياتنا اليومية، وتوقعت أن الكاتب سيتناول مواضيع جديدة ومميزة وتتناسب مع العنوان، تناول الكاتب موضوعات جداً مكررة تناولتها الكثير من الكتب قبلة، وأيضاً في بعض المواضيع لم يستطع إيصال فكرته، وكانت الإطالة مملة في بعض المواضيع، أما عنوان الكتاب فلم يرتبط ارتباطاً كلي بالمضمون»، وتضيف «رغم ذلك التوقع، إلا أني استفدت من الكتاب أمور عديدة أهمها أنه لا يوجد سن معين للحكمة والإبداع، من الممكن لأي شخص مهما كان عمره وعمله أن يبدع، وأيقنت أنه ليس بالضرورة أن نكون عظماء لنحلم ولكن يحب أن نحلم لنكون عظماء، الأمر الآخر تعلمت أن أكون قادرة على قول لا مثل قدرتي على قول نعم».
نيلة العيسى أشارت إلى أن عنوان الكتاب كان جذاباً بالنسبة لها «جذبني جداً عنوان الكتاب، وكانت توقعاتي بأن يحكي الكاتب قصة بيكاسو والقصص والمواقف الذي حدثت له في حياته، وينقل رأيه وأفكاره لهم مستعيناً بهذه القصص، ولكن الكتاب تمرد على توقعاتي»، وترى العيسى أن الكتاب يتناول بعض عادات المجتمع بشكل سلس وجميل «الكتاب بشكل عام جيد يتناول بعضاً من عادات المجتمع سواء الإيجابية أو السلبية، و طرح بعض الأفكار للتغلب على السلبية».
وأضافت «بالنسبة للموضوعات جاءت متكررة في مغزاها فتجد موضوعاً إيجابياً ثم يأتي سلبي ومن ثم إيجابي وهكذا بشكل متكرر»، وتشير إلى أن الكاتب تحدث كثيراً عن الألم والموت وأسرف بالتحدث عنها حتى غلبته السلبية في بعض الأحيان. وجذب موضوع «النمطيون»، وموضوع «الخائفون من الإبداع» و»علمت نفسي» نيلة، وأشارت أنها قرأتهم أكثر من مرة.
ومن خلال الكتاب تعلمت نيلة كيف يمكن للإنسان أن يتجاوز مرحلة الألم ولا يسمح لها بأن تؤثر على حياته بشكل سلبي بل يستبدلها بالراحة والسعادة والإيجابية والأمل، واقتنعت بالتأثير السلبي للتكنولوجيا ووسائل الاتصالات الحديثة على حياة الإنسان وتواصله مع الآخرين، واكتسبت معرفة جديدة مضمونها كيف يعلم الإنسان نفسه الإصرار وحب المستحيل، وكيف يبني مستقبلاً مليئاً بالإبداع والإيجابية والنجاح وتحقيق أهدافه. أما هدى الخالدي وهي عضوة أيضاً بمجموعة نلتقي لنرتقي، تقول «بشكل عام عجبني الكتاب، أسلوب الكاتب كان خفيفاً ومفهوماً، استعمل القليل من الكلمات لم أفهمها وذكر بعض الشخصيات المهمة في التاريخ، وهذا أمر جيد يشوق فيه القارئ للقراءة أكثر عن هذه الشخصيات والبحث عن هذه الشخصية أو عن المصطلح غير المفهوم»، ولكن هدى تشير إلى أن التكرار والإطالة في شرح ووصف بعض الفقرات كانت ثغرة لتسلل الملل للقارئ «الإسهاب بالإعادة والتكرار في نفس الفكرة كان مدخلاً للملل، كان من الممكن شرح الفكرة في سطور بسيطة، وفي كثير من الأحيان لم أفهم بالضبط النتيجة التي يريد أن يصل لها الكاتب»، وتسجل هدى إعجابها بطريقة ربط الأشياء المادية في كثير من الأحيان في الكتاب بالأشياء المعنوية، مثل الدائرة ومثل النخلة والسدرة.
كتاب «بيكاسو وستاربكس» لياسر حارب، الأكثر مبيعاً في الأسواق بفترة قياسية، من الوهلة الأولى بعد قراءة العنوان يشعر القارئ أنه سيبحر عبر سلسلة مقاهي ستار بكس التي انتشرت على مدى واسع من العالم، وسرعان ما يثير انتباهه أيضاً اسم بيكاسو أشهر فناني القرن العشرين، ليترك الكاتب سؤال في الأذهان عنوانه التشويق «ما علاقة بيكاسو بستار بكس؟، وما وجه الشبه بينهما؟».
كتاب «بيكاسو وستاربكس» يبحث في عدد من القضايا الاجتماعية والوجدانية مثل الحب والنجاح والوجود والمشكلات الاجتماعية المنتشرة في الوطن العربي، ويتميز هذا الكتاب بأنه لا يكتفي بعرض المشكلات بل يقدم عدداً من الحلول التي تتناسب مع معظم شرائح المجتمع، ويعد الكتاب واحداً من أهم الكتب التي صدرت في عام 2011 حيث تمت طباعته للمرة الأولى في16/3/2011 وقد تمت طباعته للمرة الثالثة في أقل من عام، كما يتميز الكتاب أيضاً بالبساطة حيث اعتمد الكاتب على السهولة في إيصال المعلومة، فابتعد ياسر حارب في كتابه عن كل ما يكون قريباً من الحشو الأدبي أو الإطالة، فهو يحاول أن يوصل المعلومة بمنتهى الإيجاز، مع القدرة على إيصال المعنى كاملاً وإن اضطر لشرح النقطة بأكثر من طريقة، كما قال في التفريق بين البساطة والسطحية «البساطة هي أن تقوم بعمل عظيم من غير تكلف، أما السطحية هي أن لا تقوم بأي عمل».
المعاني البسيطة والمفردات السلسة والأفكار التي تحاكي الواقع سهلت على القارئ فهمها وبالتالي تبنيها، كما شرح في كتابه «لماذا يكره الإنسان نفسه، لكي لا تكره نفسك، يجب أن تبحث عنها، وتكتشفها، وتنميها، وتطورها لتسمو بها، عليك أن تعرفها وتتصالح معها».
إغواء إدمان المكان
وفرض النمط
بيكاسو وستاربكس عنوان لأحد مواضيع الكتاب، ليبين في النهاية سر اتفاق الثقافة بين بيكاسو وستار بوكس، ويذكر في المواضيع الأخرى مواقف غريبة وتأملات عذبة وكلمات، يقول الكتاب في مقدمة الكتاب «في ستاربكس عليك أن تتخذ ستة قرارات لشراء كوب قهوة واحد. قصير، طويل، خفيف، ثقيل، بدون كافيين، مع حليب قليل الدسم.. وبالتالي يتمكن الناس الذين لا يستطيعون اتخاذ قرارات في حياتهم، والذين لا يعرفون من هم أو ماذا يفعلون على الكرة الأرضية، أن يشعروا بالرضا عن أنفسهم لأنهم استطاعوا أن يشتروا كوب قهوة صغيراً» هكذا يعرّف الممثل الأمريكي (توم هانكس) ستاربكس في فيلمه الرائع (استلمتَ بريداً) حيث يرى فيه مكاناً يغويك لإدمانه ثم يفرض عليك نمط حياة آخر. ستاربكس هو إسقاطٌ مصغرٌ للحياة التي نعيشها، فكل شيء فيه سريع، حتى تحضير القهوة الذي يفترضُ أن يتمّ على تؤدةٍ، يتعمد موظفو المقهى أن يستعجلوه أمامك لكي تأخذها وتمضي دون أن تتحدث إلى أحدهم، حتى لا تربكَ تدفق الزبائن وتخرق تقاليد المكان. يمنحكُ ستاربكس خياراتٍ كثيرة، ولكن ليست كلها حقيقية، وهذا ما أوردتهُ في موضوع (هل خياراتنا حقيقية؟) حيث افترضتُ أن الخيارات الحقيقية هي الخيارات التي نقوم بها بأنفسنا، لأنها تعكس رغباتنا وطموحاتنا، والخيارات الكاذبة هي تلك التي يقوم بها الآخرون بالنيابة عنا. إلا أننا نستمتع كثيراً، ودون أن نشعر أحياناً، بكثير من الخيارات الزائفة، وخصوصاً تلك التي تتعلق بالقهوة وطريقة ارتشافها.
أما بيسكاسو فإنه قد فرِضَ علينا بفنه الغريب، وعلى كل من تحدّث عنه أن يحترم عمله ويقدّره لأنه أحد أشهر فناني القرن العشرين، هكذا يقول الخبراء الذين لم نعرف أسماءهم يوما، وعليك إذا وقفتَ أمام إحدى لوحاته أن تقف بصمت وتبدي إعجابك، فالامتعاضُ مرفوضٌ جملة وتفصيلاً لأنك بذلك تكون غير متذوق للفن وغير آبه بالإبداع، وهو ما يقع تحت طائلة العبودية، مثلما ورد في موضوع (العبيد الجدد) حيث يستعبد الإنسان نفسه بنفسه، ولا ينفكّ يتلذذ بتلك العبودية حتى في أحلك ساعاتها المظلمة، لأنه يظنّ بأن انغماسه في الظلام سيؤدي به إلى النور لا محالة، وخصوصاً إذا كانت عبودية ملوّنة كإحدى لوحات بيكاسو المعقدة.
وجه الشبه بين بيكاسو وستاربكس أنهما مثالٌ للامبالاة، فهما أقرب إلى الفوضى المنظمة، كما أنهما يُعطيان قيمة لأشياء قد لا تستحق قيمة، ويفرضان علينا، بجمال وهدوء، اعتناق مبادئ جديدة ثم تصديقها على مضض، حتى ونحن نتجرّعها بمرارة شديدة. «الصفحات القادمة تقولُ ما لَم يقل بعد، عن الإنسان والحياة، عما يجمعهما ويفرّقهما.. إنها تحكي لنا، ثم تحكي عنا»، ورغم هذه العبارة التي وجدت في المقدمة إلا أن معظم القراء أشاروا أن صفحات الكتاب أعادت ما قيل من قبل وبصورة سطحية أكثر، وأختلف البعض معهم مبرراً سطحية الكتاب وألفاظه لاستهداف الكاتب الشريحة التي لا تقرأ من الناس.
أما في الغلاف الخلفي للكتاب فهناك توضيح لسبب التراجع العربي والتأخر الإبداعي، كتب على الغلاف الخلفي «في بعض المجتمعات العربية، يندُر أن تجد من يقول لك «أنت ناجح»، ولكن من السهل أن تجد من يقول «أنت مخطئ»، وهذا أحد أسباب التراجع العربي. ولذلك لا يشعر غالبية المبدعين في تلك المجتمعات بالأمان المعرفي، ويسعون إلى استرضاء طائفة فكرية معينة، حتى يجــدوا لديها تشجيعاً أياً كانت صيغته. فيتحــول المبدعون في هذه الحال إلى نسخ مكررة، تردد نفس الشعارات، وتستشهد بنفس المقولات التي يتداولها من حولهم. لا أؤمن بالأمثال كثيراً، وقلما أستخدمها في حياتي، فالأمثال تجارب إنسانية لبشر مروا قبلنا، قد يخطئون وقد يصيبون، وكلامهم ليس من التنزيل حتى ينزَّه عن الخطأ. في هذا الكتاب قد لا تجد من يقول لك «أنت ناجح» ولكنك بالتأكيد ستجد من يقول لك «أنت مخطئ».
النقد.. وتجاوز مرحلة الألم
فكرة الكتاب الغريبة التي لمعت في أذهان الكثير ودفعتهم لأن يبحروا مع رحلاته بين سرد للمواقف والقصص من ونقد صريح يطرق القلب بهدوء تارة وبقسوة تارة أخرى ليصل الكاتب إلى هدفه.
فاطمة القلاف عضوة مجموعة «نلتقي لنرتقي» التابعة لفريق قوة الكلمة، توقعت أن الكاتب سيتناول مواضيع جديدة ومميزة وتتناسب مع عنوان الكتاب «الكتاب تناول مواضيع جداً سهله نستطيع تطبيقها بسهوله في حياتنا اليومية، وتوقعت أن الكاتب سيتناول مواضيع جديدة ومميزة وتتناسب مع العنوان، تناول الكاتب موضوعات جداً مكررة تناولتها الكثير من الكتب قبلة، وأيضاً في بعض المواضيع لم يستطع إيصال فكرته، وكانت الإطالة مملة في بعض المواضيع، أما عنوان الكتاب فلم يرتبط ارتباطاً كلي بالمضمون»، وتضيف «رغم ذلك التوقع، إلا أني استفدت من الكتاب أمور عديدة أهمها أنه لا يوجد سن معين للحكمة والإبداع، من الممكن لأي شخص مهما كان عمره وعمله أن يبدع، وأيقنت أنه ليس بالضرورة أن نكون عظماء لنحلم ولكن يحب أن نحلم لنكون عظماء، الأمر الآخر تعلمت أن أكون قادرة على قول لا مثل قدرتي على قول نعم».
نيلة العيسى أشارت إلى أن عنوان الكتاب كان جذاباً بالنسبة لها «جذبني جداً عنوان الكتاب، وكانت توقعاتي بأن يحكي الكاتب قصة بيكاسو والقصص والمواقف الذي حدثت له في حياته، وينقل رأيه وأفكاره لهم مستعيناً بهذه القصص، ولكن الكتاب تمرد على توقعاتي»، وترى العيسى أن الكتاب يتناول بعض عادات المجتمع بشكل سلس وجميل «الكتاب بشكل عام جيد يتناول بعضاً من عادات المجتمع سواء الإيجابية أو السلبية، و طرح بعض الأفكار للتغلب على السلبية».
وأضافت «بالنسبة للموضوعات جاءت متكررة في مغزاها فتجد موضوعاً إيجابياً ثم يأتي سلبي ومن ثم إيجابي وهكذا بشكل متكرر»، وتشير إلى أن الكاتب تحدث كثيراً عن الألم والموت وأسرف بالتحدث عنها حتى غلبته السلبية في بعض الأحيان. وجذب موضوع «النمطيون»، وموضوع «الخائفون من الإبداع» و»علمت نفسي» نيلة، وأشارت أنها قرأتهم أكثر من مرة.
ومن خلال الكتاب تعلمت نيلة كيف يمكن للإنسان أن يتجاوز مرحلة الألم ولا يسمح لها بأن تؤثر على حياته بشكل سلبي بل يستبدلها بالراحة والسعادة والإيجابية والأمل، واقتنعت بالتأثير السلبي للتكنولوجيا ووسائل الاتصالات الحديثة على حياة الإنسان وتواصله مع الآخرين، واكتسبت معرفة جديدة مضمونها كيف يعلم الإنسان نفسه الإصرار وحب المستحيل، وكيف يبني مستقبلاً مليئاً بالإبداع والإيجابية والنجاح وتحقيق أهدافه. أما هدى الخالدي وهي عضوة أيضاً بمجموعة نلتقي لنرتقي، تقول «بشكل عام عجبني الكتاب، أسلوب الكاتب كان خفيفاً ومفهوماً، استعمل القليل من الكلمات لم أفهمها وذكر بعض الشخصيات المهمة في التاريخ، وهذا أمر جيد يشوق فيه القارئ للقراءة أكثر عن هذه الشخصيات والبحث عن هذه الشخصية أو عن المصطلح غير المفهوم»، ولكن هدى تشير إلى أن التكرار والإطالة في شرح ووصف بعض الفقرات كانت ثغرة لتسلل الملل للقارئ «الإسهاب بالإعادة والتكرار في نفس الفكرة كان مدخلاً للملل، كان من الممكن شرح الفكرة في سطور بسيطة، وفي كثير من الأحيان لم أفهم بالضبط النتيجة التي يريد أن يصل لها الكاتب»، وتسجل هدى إعجابها بطريقة ربط الأشياء المادية في كثير من الأحيان في الكتاب بالأشياء المعنوية، مثل الدائرة ومثل النخلة والسدرة.