أكد نائب رئيس اللجنة المالية ونائب رئيس كتلة المستقلين محمود المحمود أن المشكلة الرئيسة في الدعم تكمن في الغاز الطبيعي الذي يستحوذ على نصيب الأسد من إجمالي الدعم الحكومي وتستفيد منه الشركات بنسبة 55%، مطالباً الحكومة بعدم رفع الدعم الحكومي عن المواد والسلع بقرارات ارتجالية بحجة توجيه الدعم للمستحقين من المواطنين إلا بعد التشاور والتباحث مع أعضاء المجلس النيابي وتقديم دراسات اقتصادية واجتماعية وافية بعيدة المدى تبين فيها التأثيرات الإيجابية والسلبية على المواطنين والاقتصاد.
وأوضح المحمود أن إجمالي الدعم الحكومي المقدم في 2013 بلغ حوالي مليار و500 مليون دينار وأن أكثر من نصف هذا الدعم يذهب لدعم مبيعات النفط والغاز بحوالي 880 مليون دينار، وأن ثلاثة أرباع هذا الدعم يذهب لدعم مبيعات الغاز الطبيعي بحوالي 634 مليون دينار، وأضاف المحمود إن المشكلة تكمن في منتج الغاز الطبيعي الذي يستحوذ على أكثر من 41% من إجمالي الدعم الذي تقدمه الحكومة في جميع القطاعات الأخرى، في حين بدأت الحكومة في الإعلان عن تحرير سعر منتج الأسفلت ورفع سعر الديزل، ولم تأتِ على ذكر المنتج الحاصد الأكبر للدعم مقابل جميع المواد الأخرى المدعومة من الدولة وهو الغاز الذي تصل نسبة الدعم له 41%.
وأشار إلى أن المؤسسات التجارية والصناعية تستحوذ على 55% من الغاز المدعوم مقابل 45% لاستهلاك المواطنين، لافتاً إلى أنه يتم توجيه دعم الغاز إلى جميع الشركات دون معايير محددة، وأن الغاز المنتج في البحرين يتم استهلاكه محلياً بالكامل ولا توجد كميات إضافية لتصديرها، وهو ما يفتح الباب لأسئلة حول الاحتياطي التقديري لهذا المنتج ولكل عام سنكتفي ذاتياً ثم نبدأ في الاستيراد. وأكد نائب رئيس اللجنة المالية أنه كان من الأجدر والأكثر توفيراً لأموال الدعم هو تحرير سعر الغاز بالنسبة للشركات الكبرى بدلاً من التفكير في رفع الدعم عن المواد الغذائية التي لها صلة مباشرة بالمواطن البحريني أو من رفع الدعم عن منتج الديزل الذي تسبب في كثير من الجدل لصلته غير المباشرة بالمواد الغذائية التي يستهلكها المواطنون.
وأردف «حتى لو تم رفع سعر الديزل إلى 180 فلساً فإن ذلك لن يمنع عمليات التهريب المستمرة لأن هذا السعر لم يتجاوز نصف السعر المباع به في بعض دول الخليج وهي الأكثر استقطاباً للديزل المهرب عبر البحر».
التدرج في التطبيق
من جانبه رأى عضو مجلس النواب للبرلمانات الإسلامية عثمان شريف أهمية التدرج في التطبيق على مراحل نسبية، مثلما كان الحال في الديزل.
وشدد على ضرورة أن تضع الحكومة دراسة شاملة وافية تقدر حجم المبالغ التي ستوفرها من خلال إعادة توجيه الدعم، إضافة إلى المبالغ التي ستصرف، وكيفية صرفها، داعياً إلى التوافق في هذه المواضيع مع السلطة التشريعية لتكون مدروسة بدون أي سلبيات». وأضاف شريف أن الحكومة لم تصدر أي شيء لرفع الدعم سوى الكلام، مرجحاً وجود توجه حكومي، وقال إن مبلغ الدعم لا يشكل أي نسبة إذا قورن بدعم المشتقات النفطية، حيث إن مبلغ دعم السلع الأساسية بحدود 67 مليون دينار، بينما النفطية فوق المليار دينار.
ودعا ضرورة إلى أخذ آراء القطاعات المعنية مثل التجارة والصناعة والتشريعية قبل تطبيق الموضوع، إضافة إلى التنسيق مع السلطة التنفيذية لأنها المعنية، مطالباً بتوفير فترة كافية للمباشرة بالتطبيق لتجنب الخسائر. وفضل أن يكون هناك تدرج في التطبيق بالزيادة على مراحل نسبية وأن لا ترتفع مرة واحدة كالديزل كل سنة «20» فلساً.
فيما أكد رئيس اللجنة التنسيقية للكتل النيابية حسن بوخماس أن موقف الكتل داعم لإعادة توجيه الدعم ولكنها ترفض الانفراد الحكومي باتخاذ هذه القرارات. مشيرا إلى أن اللجنة التنسيقية للكتل النيابية عقدت اجتماعها ظهر أمس وناقشت موضوع إعادة توجيه الدعم الحكومي بصفة عامة. وأكد أنه لا يمكن اتخاذ قرارات مصيرية تمس حياة المواطن ومعيشته دون التشاور مع ممثلي الشعب في السلطة التشريعية، مؤكداً أن وزير المالية نقض العهد الذي قطعه أمام المجلس قبل ست سنوات بتقديم دراسة متكاملة والجلوس مع النواب قبل اتخاذ أي خطوات في هذا الموضوع.
وأوضح أن النواب تفاجؤوا كما تفاجأ شعب البحرين بهذه القرارات المتمثلة برفع أسعار الديزل والتوجه بشأن رفع الدعم عن اللحوم، حيث إن ذلك لا يخدم التعاون بين السلطتين ولا يليق بمن يدعي الشراكة في اتخاذ القرار.
واستغرب بوخماس من عدم البدء في إعادة توجيه الدعم لقطاع الغاز الطبيعي، حيث إن تكلفة الدعم الحكومي للغاز تصل إلى 610 ملايين دينار في 2013، و48 مليون دينار في 2014، الأمر الذي يحتم البدء بهذه المبالغ الكبيرة قبل تلك الخطوات التي تدل على عدم وجود دراسة لهذا الموضوع.
فيما أشار نائب رئيس لجنة الشؤون التشريعية والقانونية بمجلس النواب علي العطيش إلى أنَّ الجزء الأكبر من الدعم الحكومي يتوجه إلى الغاز الطبيعي وليس إلى المواد الغذائية، فلا داعي للتلويح برفع الدعم عن السلع الغذائية التي يستفيد منها المواطن بصورة مباشرة. وأضاف: «ينبغي على الحكومة أن تعيد النظر في دعمها للشركات الكبرى وفي جدوى ذلك الدعم بحسب مردوده في الإيرادات، بدلاً من منافسة المواطن على غذائه».
وشدد النائب العطيش على ضرورة إبقاء الدعم للسلع الأساسية، مشيراً إلى أنَّ كلفة دعم السلع الغذائية لا تهدد الاقتصاد الوطني، وأن إلغاءها لن يحسن من وضع الدين العام بما يستحق التضحية باستقرار السوق البحرينية.كما شدد على «رفضه القاطع للتوجه الحكومي برفع الدعم عن السلع الأساسية»، ووصف القرار بأنه «يفتقر إلى روح المسؤولية وإلى الدراسة المتأنية» على حد قوله، لافتاً إلى أنَّ «هذا القرار ستكون له انعكاسات سلبية خطيرة على الوضع المعيشي والاقتصادي للمواطنين».
وتوقع أنَّ يرفع الدعم عن السلع الغذائية الأسعار بشكل مرعب لا تغطيه المبالغ المتوقع صرفها للمواطنين بعد تطبيق القرار. ودعا الحكومة إلى إعادة النظر في مثل هذه القرارات وعدم التفرُّد بها والنظر إلى المواطنين بعين المسؤولية وعدم افتعال الأزمات في المجتمع، مناشداً سمو رئيس الوزراء التدخل لوقف القرار بحكمة سموه المعهودة، وحرص سموه على أبنائه المواطنين.
قال عضو لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بمجلس النواب عيسى الكوهجي إن «موضوع رفع تسعيرة الديزل سيكون حاضرًا وبقوة في جلسة مجلس النواب المقبلة يوم غد الثلاثاء، وسيكون من ضمن المطالب، تشكيل لجنة متخصصة ومصغرة لبحث هذا القرار وتداعياته وبدائله المتاحة واطلاع الرأي العام على ما ستتوصل إليه هذه اللجنة ليتحمل كل طرف مسؤولياته في هذا الأمر الحيوي».
واضاف إن: «قرار الحكومة برفع سعر لتر الديزل من 100 إلى 120 فلساً اعتباراً من 15 يناير 2014، وزيادة سعره سنوياً بمقدار 20 فلساً ليصل إلى 180 فلساً في 2017، بالقرار الصادم، مؤكداً رفضه التام للقرار من حيث التوقيت والمضمون.
وأوضح أن «من الحكمة اختيار التوقيت الصحيح والملائم للقرارات المعيشية المهمة لجميع أفراد المجتمع دون استثناء، مضيفاً أن التوقيت الصحيح يساعد في كثير من الأحيان على تقبل القرار والتعامل معه بموضوعية وهدوء».
وقال إن: «صدمة رفع الديزل جاءت في غمرة فرح وبهجة المواطنين بأجواء العيد الوطني المجيد، الذي كان يتأهب فيه لسماع الأخبار السعيدة التي تجسد قرب قيادته منه وتواصل حكومته معه وتلمسها لمتطلباته الكثيرة ومساعدته في تلبية احتياجاته المرهقة، خصوصاً في ظل ما يراه في دول شقيقة من ارتقاءات مستمرة بحياة مواطنيها وقرارات كثيرة تعبر عن دعم هذه الدول لشعوبها». وأشار الكوهجي إلى أن «القرار، جاء -أيضاً- متزامناً مع المخالفات والتجاوزات التي كشف عنها تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية، التي تكبدت الدولة بسببها ملايين الدنانير، مضيفاً أن مسلسل الهدر مازال مستمرًا دون اتخاذ خطوات محاسبية أو قرارات رادعة، وبدا الأمر وكأن الدولة أرادت تحميل المواطن هذه الخسائر دون أن تكلف نفسها عناء البحث عن حلول هيكلية والبحث في المشروعات غير المفيدة، حيث لجأت لهذه الحلول السريعة والجاهزة لتعويض الخسائر من جيوب المواطنين».
وأضاف أن «القرار جاء معاكسًا ومناقضًا للتصريحات الحكومية المشددة على عدم المس بحياة المواطنين وعدم اتخاذ أي قرار من شأنه التأثير سلباً على معيشته، مشيراً إلى أن هذا القرار سيزيد من معاناة ذوي الدخل المحدود بصفة خاصة الذين لا يملكون خيارات وبدائل في حياتهم ومعيشتهم كما هو حال أصحاب الدخول العالية والتجارة الخاصة».
وأوضح ، أن «من الطبيعي أن يشعر المواطن بغصة، وهو يرى الكرم الحكومي يتدفق بالملايين على شركات ومشروعات خاسرة بينما «تبخل» في ذات الوقت على هذا المواطن بزيادات في راتبه أو تحسينات في دخله ومعاشه، مضيفاً أن الحكومة تغض الطرف عن خسائر هذه الشركات التي كان يفترض فيها أن تكون داعمة للدولة واقتصادها ولا ترى أمامها إلا جيوب هذا المواطن».
وعد قرار رفع أسعار الديزل، أسوأ مقدمة ممكنة لما هو قادم في سياق رفع الدعم الحكومي عن سلع وخدمات أساسية التزمت بتقديمها للمواطنين بأسعار مخفضة إيماناً منها بالدور الاجتماعي لها، مشيراً إلى أن القرار، تطبيق خاطئ لما يشدد عليه ويطالب به دوماً صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، بالتعاون التام والتواصل الدائم بين السلطتين التنفيذية والتشريعية بعد أن «استأثرت» الحكومة ممثلة في وزير المالية باتخاذ هذا القرار دون حتى أن يكون في إطار رؤية متكاملة أو تصور شامل لموضوع الدعم بما يجعل المواطن محدود الدخل مطمئنًا على حياته وبما يجعل السلطة التشريعية غير متوجسة لمزيد من القرارات المنفردة التي من شأنها إحراج النائب أمام المواطنين وإظهاره بمظهر المتفرج على قرارات مصيرية في حياة الوطن والمواطنين. وشدد الكوهجي على أن «البرلمان مليء بالخبرات والكفاءات المالية والاقتصادية القادرة على أن تدلوا بدلوها في هذا الموضوع وتقدم الدراسات النافعة التي تثري النقاش حول هذا الموضوع وتساهم في التوصل لأفضل القرارات الممكنة والموازنة بين ما تحتاج إليه الدولة وما يحتاج إليه المواطن دون حدوث أي خلل لصالح طرف على طرف، خصوصاً أن الجميع يسعى للصالح العام، لكن المشكلة تأتي دائماً في الآلية والكيفية التي يتم اللجوء إليها».