كتب - حذيفة إبراهيم:
قال رئيس التحرير المساعد لجريدة «الحياة» اللندنية- السعودية جميل الذيابي إن الاتحاد الخليجي قادم لا محالة، وأن المخاوف الموجودة لدى بعض دول الخليج يجب تجاوزها، مشيراً إلى أنه من المبكر الحديث عن خروج عمان من المنظومة الخليجية.
وأضاف جميل الذيابي في ندوة «دور الإعلام في تشكيل الرأي نحو الاتحاد الخليجي» والتي نظمتها جمعية الصحافيين في مقرها بالجفير مساء الثلاثاء الماضي، أن من يضع حواجز مستقبلية أمام الاتحاد لا يعرف أن التحديات والضغوطات الموجودة والمستقبلية تتطلب الوحدة والاتحاد.
وأشار إلى أن منطقة دول مجلس التعاون تتشابه في الدم والدين وغيرها من الأمور، متسائلاً «ما المانع من قيام الاتحاد».
ودعا الذيابي الأمانة العامة لدول مجلس التعاون لإجراء استفتاء عبر الموقع الإلكتروني لها، لمعرفة أراء دول الخليج بشأن الانتقال الاتحاد، ويكون ذلك بإدخال رقم البطاقة تفادياً للتلاعب المحتمل بالتصويت، مؤكداً تعطش الشعوب لذلك.
تأهيل اليمن للدخول للاتحاد الخليجي
وفي رده على سؤال رئيس تحرير «الوطن» يوسف البنخليل في مستقبل منظومة مجلس التعاون الأساسية في حال قرار 3 أو 4 دول بالدخول للاتحاد، قال جميل الذيابي إن مجلس التعاون لن يلغى حتى في حال البدء بالاتحاد وسيظل المجلس فيه اتفاقات والتزامات من الدول، وسيجري تشكيل مفوضية تعبر عن هذه الدول ينظم فيه الوزراء المعنيين للدول التي قبلت بالاتحاد.
وقال إن هناك 3 دول خليجية جاهزة للاتحاد الذي تم تحديد مكانه في «قمة الرياض»، إلا أن زمانه لم يحدد بعد، منوهاً بإمكانية إقامة الاتحاد بدولتين أو 3 دول، خصوصاً وأن عمان لم يعرف انسحابها هل هو نهائي أو «كأحرف الجر في اللغة العربية».
وأشار إلى أن المرحلة الحالية مفتوحة سياسياً، وهناك تساؤلات حول تأهيل اليمن للدخول إلى الاتحاد الخليجي، فضلاً عن مدى انتظام المغرب والأردن، فضلاً عن مصر.
وبيّن أن للاتحاد الأوروبي شروطاً قبل انضمام أي دولة له، إلا أنه يؤهل الدول من جميع الجوانب للالتحاق بالاتحاد، والذي شهد دخول أرمينيا في فبراير الماضي.
وحول الموقف العماني، أكد أن السلطنة لديها رؤية خاصة لها، إلا أن مخاوفها وملاحظاتها، مردود عليها بنص المادة الرابعة من ميثاق دول مجلس التعاون، والذي يشير إلى «التعاون والتكامل وصولاً للاتحاد».
وشدد على أن الاتحاد لا تأثير له على سيادة أو استقلال الدول، وأن «يخطئ من يصور أن الدول ستخضع لهيمنة دولة شقيقة كبرى وهو خطأ فادح، ولدينا مثال في الاتحاد الأوروبي».
أمريكا غزل وشهر عسل مع طهران
وحذر الذيابي من أن عدم تحقيق الاتحاد، فهناك عدة مخاطر، أهمها أن «أمريكا في حالة غزل وشهر عسل مع طهران، وبدأت منذ العام 2003، حيث كانت المفاوضات تجري عبر وسطاء، أدت إلى إعادة انتخاب رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، وذلك عبر الوسيط التركي».
وتابع «ثم كانت نتيجة المفاوضات السرية في سلطنة عمان، ما حصل من توافق في جنيف»، متسائلاً «هل سيصبح الخليج بوابة مفتوحة للريح، وأن يذهب بخطيئة سياسية، وذلك كون القادم يستحق أن يعمل له الكثير من الخطط والاستراتيجيات لحماية أمن واستقرار وسلم شعوب المنطقة.
وأكد أنه لا يمكن الحفاظ على الاستقرار والسلم إلا في حالة الانتظام في قرار يعبر عن الخليج بشكل جماعي تكاملي، مشدداً في الوقت ذاته على أنه وفي حالة الموافقة على الاتحاد لن يؤثر على دولة دون أخرى، وإنما سيوحد المواقف ويجعل اللجان التفاوضية تعبر عن عمل خارجي واحد وحماية أمنية واحدة.
وقال الذيابي إنه كان هناك اختلاف في المواقف بشأن اتفاقية جنيف، حيث رحبت المملكة العربية السعودية بالاتفاق إذا خلصت النوايا، بينما رحبت البحرين بالاتفاق كونها تريد الاستقرار للمنطقة، ورحبت الكويت كون الاتفاق جاء بالعمل ضمن الوسائل الدبلوماسية، وهو الأمر ذاته لقطر، إلا أن عمان أشارت إلى أنه جاء نتيجة للمفاوضات، مشيراً إلى أنه وفي حال وجود مفوضية خارجية واحدة تعبر عن المواقف الخليجية ستكتفي بذلك.
وأكد أن «الهستريا» التي أصابت بعض الدول كالعراق وإيران جاءت كونها تسعى لأن يبقى مجلس التعاون «هش .. لا يهش ولا ينش»، مشيراً إلى أن الأجندة الأمنية تفرض نفسها على كل قمة خليجية، حيث سيظل الهاجس الأمني على طاولة كل قمة.
وتابع الذيابي أن إيران سعت لتطويق دول الخليج من الشمال والجنوب، حيث لديها محور مع العراق – سوريا، وحزب الله في لبنان، أما من الجنوب، فهي دعمت الحوثيين في اليمن، مؤكداً أن تلك الأخطار تحتم التحرك والحسم وليس التأجيل، مستطرداً بأن الحلول ليست جميعها أمنية، وإنما يجب أن تكون من خلال أساليب خلاقة كالدعوة للاتحاد.
واحد من أهم 10 اقتصاديات بالعالم
ورأى الذيابي أن الاتحاد قادم لا محالة، إلا أن الإجابة تبقى في كيف ومتى، متوقعاً أن يتم الإعلان عن الكيفية خلال العام القادم، مستطرداً بأن «المسارعة لا تخلق دائماً نتائج جيدة .. ولكن يجب الاستعانة بالقانونيين والخبراء».
وأشار إلى أنه وفي حال حصول الاتحاد، سيصبح الكيان الجديد واحد من أهم 10 اقتصاديات في العالم.
وشدد على أن دولة الكويت بحاجة للاتحاد الخليجي، الذي سيساعدها في بعض العراقيل الموجودة داخلها، وأن الإمارات العربية المتحدة، تتشاور وتأخذ توصيات وتتدارس منذ العام 2011، مما يؤكد أن الاتحاد الكونفدرالي الذي سيبدأ بـ 3 دول سينضم إليه ثنائي آخر.
وقال إن ما يتم طرحه أحياناً من قبل الغربيين حول أن السعودية تسعى لهيمنة عسكرية يكون واهماً، حيث تساعد المملكة الدول الأخرى في حال الحاجة، وتقف إلى جانبهم ولم تهيمن عليهم، كما هو الحال في احتلال صدام للكويت عام 1990، والأزمة التي مرت بها البحرين في 2011، حيث كانت السعودية حاضرة بقلبها لتصون شقيقتها الأخرى، من جارة لديها رغبة بالتوسع والنفوذ وبناء طابور خامس على حساب أن تحقق مشروع الإمبراطورية الفارسية.
وأكد أن الاتحاد يعزز فكرة الدولة الكبيرة ذات الدفاعات والسياسات الواحدة.
وشدد على أن المواطن شريك في المبادرة الخليجية للانتقال إلى الاتحاد، وما لم يكن يتم الحديث عنه قبل 5 سنوات يجري حالياً تحليل أهميته.
وأشار إلى أهمية وجود «برلمان نصف منتخب» على الأقل في دول الخليج، حيث كانت قطر أعلنت عن ولادة ذلك الموضوع منذ فترة، مؤكداً حاجة الشعوب للبرلمانات.
وبيّن أن كلمة رئيس البرلمان الكويتي أمام دول مجلس التعاون خطوة جيدة نحو الأمام، وتعبر عن إرادة الشعوب، مؤكداً أن الاستماع لآراء الكتاب والمفكرين في قمة الكويت هي «فكرة جميلة نتمنى استمرارها».
وأكد أن الطموحات تبنى على «تعليم الشعوب»، مستشهداً بإجابة رئيس الوزراء البريطاني عندما سئل عن أهم ما يبني الشعوب فكانت إجابته «التعليم التعليم التعليم».
وأشار إلى أن من يرى التفاوت في المستوى المعيشي بين الدول والأفضلية لدولة على أخرى، فهو «سيسحب إلى الخلف» وليس للأمام، وهي ليست سوى «هرطقات بليدة».
تكسير البيروقراطية
وأوضح الذيابي «كان العرب في السبعينات من القرن الماضي، يكتب الصحافي ويقرأها الناس، وفي الثمانينات، يكتب الصحافي، وتقرأها المخابرات، أما في التسعينات فكانت المخابرات تكتب وهي من تقرأ أيضاً، إلا أنه حالياً، فإن المواطن هو من يكتب وينشر ويقرأ أيضاً».
وبيّن أن الدور القادم يتمثل في «تكسير البيروقراطية» في الممرات لدى الدول الخليجية، وهو الأمر الذي عرقل العديد من المشاريع، منها التعرفة الجمركية، والربط الكهربائي الذي يسير كالسلحفاة.
وتابع «اجتماعياً، فإن عدد السكان يصل إلى 47 مليون نسمة، وثقافياً، فإن كل هذا الجهد والنشاط ينتظم في منظومة ومهرجانات ومؤتمرات ثقافية تعبر عن المصير الواحد».
وأكد أن الشعوب الخليجية لديها رغبة في الاتحاد، وحتى أن الشكل واحد، والهوية أصبحت موجودة ولا غرابة فيه.
وبيّن أنه وبالنظر للتحديات القادمة، فإن دول الخليج ذات الثروات الطبيعية، وأن الغرب يراها بوابة للمطامع، مؤكداً أن القوة تأتي من الاتحاد.
وشدد على أن الاتحاد الخليجي لا يعني أن أي دولة تفرض على الأخرى، كون السيادة والاستقلال موجودة ومحفوظة لكل دولة، والباقي يتم بالتنسيق عبر المفوضية.
وأكد أن توحيد الدفاع تجاه القوات الخارجية، وذلك مختلفاً عن الموجود بدرع الجزيرة، حيث تختلف الصيغة، فضلاً عن دمج القوة العسكرية والقدرات الأمنية، ويثبت مبدأ الاعتداء على أي دولة يعني الاعتداء على الباقي. وأشار إلى أن الكونفدرالية تبدأ بمعاهدة، ويتم لاحقاً اعتماد دستور مشترك يتم التوافق عليه، مؤكداً أن مبدأ الكونفدرالية ينشأ لدعم القضايا الحساسة.
وأوضح أن صيغة الاتحاد المرتقبة ستشابه ما هو موجود في الاتحاد الأوروبي وليس كالموجود في كندا أو سويسرا.
وفي السياق ذاته، أكد جميل الذيابي أن الديموغرافيا في دول الخليج يعتبر قنبلة موقوتة وستنفجر في أي لحظة، إلا أن الاتحاد سيحل الأعباء الوظيفية والاقتصادية الموجودة فيها، حيث تعاني دول الخليج من استقدام العمالة الوافدة بنسب كبيرة، تجاوزت المواطنين في عدة دول منها.
وأكد أن التنصل من مشروع الاتحاد والتفكير في إحداث شروخ في جسم الاتحاد هو السيناريو الأخطر الذي قد يواجهه.
وشدد على أن الاتحاد يتعلق بمصير الشعوب والأجيال التي يجب أن تحيا في أمن واستقرار وسلم، مشيراً إلى فئة الشباب تزيد عن 40? من مواطني دول المجلس.