أنقرة - (وكالات): أدت تداعيات الفضيحة المالية التي هزت تركيا إلى حصول أزمة سياسية في البلاد أمس بعد استقالة 3 وزراء هم وزراء الداخلية والاقتصاد والبيئة، ودعا الأخير رئيس الوزراء الإسلامي المحافظ رجب طيب أردوغان ليحذو حذوه.
ويتوقع أن يعجل رحيل الوزراء الثلاثة بالتعديل الوزاري المتوقع والذي يسبق الانتخابات البلدية التي ستجري في 30 مارس المقبل، وفقاً لمراقبين.
ويمكن لأردوغان في أي وقت مقابلة الرئيس عبد الله غول وتقديم تشكيلة حكومته الجديدة.
وفي البداية اعلن وزير الاقتصاد ظافر تشاغلايان الذي اتهم ابنه في إطار قضية فساد استقالته. ثم أعقبه وزير الداخلية معمر غولر. وقد اتهم ابنا هذين الوزيرين النافذين في حكومة أردوغان مع نحو 20 شخصاً آخرين في إطار تحقيق عن قضايا فساد طال حلفاء قريبين للحكومة ورجال أعمال كبار. وبعد ليلة طويلة من الاستجواب في قصر العدل في إسطنبول أودع باريس غولر ابن وزير الداخلية عمر غولر وكنعان تشاغلايان ابن وزير الاقتصاد ظافر تشاغلايان في السجن المؤقت صباح السبت الماضي طبقاً لتوصيات المدعين المكلفين بالملف. كما تم استدعاء ابن وزير البيئة للاستجواب واطلق سراحه فيما بعد.
واستخدم غولر وتشاغلايان مقتطفات مما ورد في خطاب رئيس الوزراء منددين بعملية الشرطة والفضيحة التي تلت ذلك، معتبرين أن الأمر يتعلق بـ «مؤامرة» لزعزعة حزب «العدالة والتنمية» الحاكم.
واعلن وزير البيئة اردوغان بيرقدار استقالته ودعا رئيس الوزراء ليحذو حذوه.
وقال الوزير على شبكة «ان تي» في الإخبارية «استقيل من منصبي كوزير ونائب». وأضاف بيرقدار أنه ليس ما لديه ما يخفيه عن التحقيق حول مشاريع البناء المذكورة في الفضيحة المالية الكبيرة وبأنه كان يتصرف بعلم كامل من رئيس الوزراء. وتابع «لذلك، أعتقد أن على رئيس الوزراء أيضاً أن يقدم استقالته». وبالإضافة إلى هؤلاء، هناك وزير رابع هو وزير الشؤون الأوروبية ايغمن باغيس هو أيضاً هدف للإجراءات القانونية لتورطه في فضيحة فساد وهو مشتبه بتلقي رشاوى. ونفى الوزراء الأربعة جميع التهم الموجهة إليهم.
وقال رئيس صحيفة «حرييت» دنيز زيرك تعليقاً عن الحادث، إن «الدعوة من قبل أحد الوزراء لرئيس الوزراء بالاستقالة هو حدث غير مسبوق. هذا أحدث صدمة في حزب العدالة والتنمية». من جهته، رحب زعيم المعارضة البرلمانية من حزب الشعب الجمهوري كمال كليادارأوغلو بهذه الاستقالات، معتبراً أنها «جاءت متأخرة».
من جانبه، رفض أردوغان الذي يقود الحكومة التركية منذ عام 2002 والذي عاد إلى أنقرة مساء أمس الأول بعد زيارة لباكستان استغرقت يومان إبداء أي رد فعل إزاء استقالة الوزراء. لكنه حذر من «تداعيات المؤامرة الدولية» التي تحاك لزعزعة استقرار البلاد واقتصادها. وقال «هناك بعد دولي لكل هذه المؤامرة، إنها قضية تم تقديمها على شكل عملية قضائية ولكنها في الواقع تهدف إلى تقويض مستقبل تركيا». وكان أردوغان الذي استقبله الآلاف من أنصاره في المطار أكد أمام مستقبليه في المطار «عندما يواصلون وضع الأفخاخ فهذا لن يؤثر علينا، نحن سنواصل طريقنا الذي نعتقد أنه الاتجاه الصحيح».
وندد أردوغان أيضاً بالهجوم الذي يتعرض له متهماً ضمنياً جمعية الداعية الإسلامي فتح الله غولن باستعمال هذه الفضيحة لضرب التقدم السياسي والاقتصادي لحكومته في السنوات العشر الماضية.
وبعد أن كانت لفترة طويلة تعتبر حليفة حزب العدالة والتنمية الحاكم منذ 2002 أعلنت الجماعة حرباً على الحكومة بسبب مشروع إلغاء مدارس خاصة تستمد منها قسماً من مواردها المالية. وأطلق رئيس الحكومة الذي أضعفته هذه الزوبعة السياسية المالية التي اندلعت قبل 4 أشهر من موعد الانتخابات البلدية، عملية تطهير عميقة في الشرطة، وهي قوة كان عززها سابقاً للتصدي لنفوذ الجيش وأصبح يأخذ على مسؤوليها عدم إبلاغ وصايتهم السياسية بتحقيق كان يستهدفها.
والتحدي الأكبر أمام أردوغان سيكون الانتخابات البلدية التي ستجرى في مارس المقبل والتي ينبغي أن تكون بمثابة نقطة الانطلاق نحو الرئاسة الصيف المقبل.
ولم يعلن أردوغان حتى الآن عن نواياه، ولكنه مقيداً بقواعد حزب العدالة والتنمية التي تحتم عليه مغادرة رئاسة الوزراء في الانتخابات التشريعية عام 2015، ولم يعد سراً انه يطمح بمنصب رئيس الدولة والذي سيجري انتخابه للمرة الأولى بالاقتراع المباشر. وتهز تركيا منذ أيام فضيحة الفساد الكبيرة، وأودع السجن فيها 20 شخصاً آخر بمن فيهم رئيس مجلس إدارة مصرف «هالك بنكاسي» العام سليمان إصلان ورجل الاعمال المتحدر من اذربيجان رضا زراب.
ويشتبه في تورطهم جميعا في الفساد والتزوير وتبييض الأموال في إطار تحقيق أولي حول بيع ذهب وصفقات مالية بين تركيا وإيران الخاضعة للحظر.