كتب - علي الشرقاوي:
من منا لا يعشق المحرق؟، من منا لا يرى في المحرق تلك الروح المنفتحة على الفضاء الكوني؟ هي مدينة تختصر المدن، هواؤها مختلف، ترابها مختلف، وسماؤها مختلفة وبحرها مختلف، لذلك ظهر فيها رجال مختلفون، وعلى جميع الأصعدة، في الاقتصاد، في الثقافة، في العمل الوطني. من هنا، فكل الإضاءات التي نراها الآن وهنا، جاءت من مدينة المحرق. المحرق الأسطورة التي شغلتنا، والأسطورة التي أخذتنا وتأخذنا في هذه اللحظة إلى ما لا نهايات الزمن.
لذلك نتوقف نحن عشاق المحرق أمام كل كتاب يكتب عن المحرق، فما بالنا إذا كان هذا الكاتب هو ابن من أبنائها، وقامة كبيرة من قاماتها، هذا الابن البار العاشق هو الشاعر قاسم حداد الذي اشتغل عليها في ورشة قلبه وقلب كل العشاق الذين انشغلوا بالمحرق، فكانت (ورشة الأمل).
ويقول قاسم حداد: «بأن تأمل تجربته الذاتية في ضوء التجربة الأغنى لمدينة المحرق، هو سياق يضعه في محب كان قد تولع به وأنجز له نصوصاً متفاوتة الشكل والسياق، الأمر الذي منحه حرية الزعم بأنه وفي سردياته في هذا الكتاب هو لا يكتب في السيرة هذه سيرة الشخص، أي سيرته الذاتية، بقدر ما يحاول كتابة النص الذي يضع فيه أبجدية الناس في قاموس الشخص العتيق».
يخاطب حداد نفسه في بداية الكتاب قائلاً: «أيها الطفل كيف ستكتب نص المحرق حبراً وماء؟»، سأكتبه، مثلما يصقل الشخص أسماء أطفاله كي يؤثث مستقبلاً للكتاب .. مثل سيف ولد في غمده».
يقول حداد عن كيفية كتابة نص المحرّق: «مثل سيف ولد في غمده، سيف، سرعان ما شرعت زرقة البحر في صقله، لتحيله إلى موضع الندى. هل يمكنني اقتراح هذا الوصف لعلاقتي بمدينة المحرق، التي ولدت وعشت فيها أجمل سنوات التكوين؟ لا أعرف لماذا خطرت في بالي هذه الصورة. لكن من المؤكد أن ثقة السيف في بيته، وشعوره بالاطمئنان في عزلته، واستعداده الدائم للمجابهات الجميلة والجديرة، هي صورة سوف أحبها يوماً بعد يوم. مثل حنين غير معلن إلى عالم لم يعد موجوداً. بالرغم من معرفتي مدناً كثيرة بدرجات مختلفة، إلا أنني أشعر باكتناز في معرفة أناس كثيرين وأشياء تستعصي على الوصف في مدينة واحدة، مدينة كفيلة باختزال المدن. وأظن أن معرفة أشياء كثيرة في مدينة واحدة، مثل مدينة المحرق، يمكن أن تغني عن معرفة مدن كثيرة».
ثمة أيضاً في سيرة المحرق، ما ينحاز إلى النثر القصصي، الذي يؤلف جزءاً من تاريخ ولد وحيد، في حرية بوح غير محدود، تنهض بها السفن التي تفضي إلى البحار، وأعتقد أن ما منح الكتابة متسعاً، هو الماء، نواة التذكّر والغوص فيه.
أن ينسى نفسه الولد الوحيد، مستلقياً على ظهره في بطن مركب بصحبة كتاب، هذا أكثر مما يحتاجه التذكر في سرد عربي، محصنون بالتأمل الأقصى، وبالتساؤل الوجودي الذي يستدعيه البحر، وبجاذبية نداهة الحب من نوافذ سرية غير متوقعة، كأن يطبع الوالد قبلة ليلية على الوجنة الصغيرة، فتبدو كما لو الجنة استحالت في اللحظة، في ندرة المكاشفة العاطفية، وفي وفرتها في التستر
المحرق منارة الداخل
ما أراده قاسم حداد هو وضع المحرّق في قلب الضوء مناراً من الداخل (بمونولوغ الكاتب الخاص) ومن الخارج (عبر الشخصيات الأخرى التي تكمل لوحته: الأب، الأصدقاء، الزوار، الجدة، البحر، السفن، العمل). كل ملمح من ملامح المحرق الماضية، ينيرها الكاتب بكثافة حدوثها الماضي، وبما رسخ منها في قلبه، كما يضفي على الإضاءة طابعه الشخصي والخاص، السري إلى حد، الممكن إدراكه مع ذلك، كأنما المحرق بحياته الغنية بالدلالات، مشهد لطيف للقارئ، يرى إليه من خلف الزجاج من دون أن يتسنى له مسّه، شأن سائر المقدسات الجميلة، العصية على اللمس.
لكل جزء من السرد عند حداد منظوره الخاص وديمومته الخاصة. ثمة أجزاء قاربها بتلميح قصير لكي لا يكسر في علاقته النبيلة بها، وثمة أجزاء طويلة إلى حد، ارتاح فيها الكاتب إلى منتهى القول. غير أننا افتقدنا إلى مزيد السرد في العلاقة مع والدته، كما فاتنا كقراء التلصص على الجزء العاطفي المختص بشؤون القلب، والذي من الطبيعي أن يمليه سن الشباب وفورته، كان بإمكان بعض البوح العاطفي الذي لا يتجزأ عن سيرة المحرق كمكان لكل المشاعر التي ولدت يوماً أن يشكل ثقلاً إبداعياً ويوفر للنص إيقاعه الروحي وإن أتى في مقاربات خاطفة غير منتظمة. محيّر غياب المكابدة العشقية في مديد سنوات الشباب تلك، المتفتحة على كل جميل وبهي.
شؤون القلب
إن شؤون القلب التي غيّبها حداد عمداً لا سهواً بطبيعة الحال، كان رفد السرد قوته العاطفية، إضافة إلى بديهيات السرد العاطفية القوية المختصة بمشاغل أخرى. بيد أن نكهة حرّيفة للحب بقلم الشاعر الذي خبره جيداً في شعره، كان ليبدو وجودها عادلاً في غمرة التذكر، الذي يبدو من دونها مراوغاً ومؤدباً ومترفعاً أكثر مما يحتمله الشباب الذي كان، ويحتمله قلبه الذي يرفع في مساواة مطلقة بين المشاعر الوطنية وتلك العاطفية في اهتياج الشعور ودعته في آن.
في الفائدة القصوى لسرد قاسم حداد «ورشة الأمل» سيرة شخصية لمدينة المحرّق، هو ذهابه دوماً إلى قلب الأشياء التي بدت يوماً طيبة وخيرة وجميلة، وتعكس تعقد الوجود في عالمنا الحديث، في إدانة الكاتب للحاضر وفي لعبته المعكوسة للخير والشر، وفي فن الإيجاز الذي خدم السرد
المكان يكتب الشاعر
تقول شادية الترك في قراءة نقدية في كتاب قاسم حداد «ورشة الأمل... ذاكرة المكان»، مشدودة نحو الرواية مأخوذة بشاعرية الشاعر حين يكتبها ممزوجة بعبق الواقع وسحر الكتابة هي أو هو فالنص لا يتبع التأنيث أو التذكير في قالبه ومضمونه و»ورشة الأمل”نص يطرح الأسئلة حوله فلا تعرف هويته أو شخوصه أو ملامح نوعه الأدبي تختلط بك الرؤيا ما بين الشعر والرواية والسارد يصنف النص على أنه سيرة شخصية فأين أنت أيها القارئ ؟لا تدري كل ما ستعرفه وأنت تمارس القراءة هو أنك تسبر أعماق شخص وتحيط بذاكرة المكان وتستمتع بذائقة الشعر وصور الجمال.
سيرة الإنسان أم ذاكرة المكان
وتواصل شادية الترك حديثها وتقول: يستدرجك وأنت تقرأ الكتاب العنوان المكتوب على الغلاف «ورشة الأمل - سيرة شخصية لمدينة المحرق» ولكن مادام المكان هو من يكتب الشاعر سيرته فأين مفردة «شخصية» من الإعراب؟ هل هي الفاعل أو المفعول به ؟هل هي السارد أو مادة السرد؟ هذه الأسئلة تستغرقك للوهلة لأولى وأنت تقرأ نص قاسم حداد «ورشة الأمل» ولكن سرعان ما تتلاشى هذه الاستفهامات وتتحول إلى إجابات بل وربما تأويلات تدفع بك نحو فهم النص وقراءته» فورشة الأمل «تحكي سيرة» قاسم حداد «الإنسان وتعكس في الآن نفسه ذاكرة المكان «المحرق» وكأن القاسم المشترك بين المكان والإنسان هو شخص «قاسم» المتوحد مع مدينته ومكانه، مع جذوره وانتمائه الكاتب هنا لا ينفرد بسرده آناً متضخمة تبتعد بنرجسيتها عن الزمان والمكان لتصف ذاتها وتتملق بأوصافها وتداخلاتها أنها ذات تبحث في المكان عن نفسها وتتجاهل الزمان لكي تختزل سنوات العمر في حضورها الآني وتسترجع ذاكرة المكان بشخوصه وملامحه”أهل المحرق، بيوتها المشرعة، دكاكينها المتقاربة.
كلها رموز تحيل القارئ إلى هوية مسلمة لم يصرح بها الكاتب مباشرة ولكن من خلال رمزية المكان وملامحه التي وظفها في رسم صورة المجتمع الذي ينتمي إليه وكذا هو الواقع السياسي المتشكل عبر صوت المظاهرات وأمكنة السجون وظروف الاعتقالات السياسية التي توحي بعمق التجربة السياسية التي عاشتها «المحرق» الجزء و»البحرين» «الكل» بكل إرهاصاتها وتحدياتها التي انعكست على تجربة وحياة ”قاسم” الشاعر مروراً بتلك العلاقات الاجتماعية والبنية الاقتصادية التي تشكل المعيشة المحلية في حياة أهل البحرين «الصيد والغوص والمهن السائدة كالحدادة والنجارة» وطابع الأسرة الممتدة «البيت العود، البيوت المشرعة» كلها إحالات تعكس نمط الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تربى عليها قاسم حداد وشكلت بعد ذلك هويته وصاغت تجربته الجديدة والحداثية في الشعر العربي الذي كان أكثر ملامسة لواقع وظروف جيل السبعينات والستينات الأمر الذي أسهم في إرساء تجربته الشعرية وتطورها.
النصوص الشعرية تفتح على حوارية الأصوات
يقول الناقد الراحل محمد البنكي تحت عنوان «ورشة الأمل، السرد، الرؤية، الزمن» «حين تتراءى لنا تجربة قاسم حداد في مجال من مجالي الكشف اليقظ، المنصت للأغوار، ستسفر المعاينة عن كثافة الأنساغ الماتحة، وعن منابت رؤيوية ومهادات حاضنة موصولة طوال الوقت بمسارات الشعرية العربية الجديدة في تحولاتها ومعارجها، تنجدل معها، وتتلابس بها وتقترح وتتشكل وترتشف وتكتشف وتأتلف وتختلف وتتفرع بدءاً من الفتنة بقصيدة الرواد الحرة، مروراً بقصيدة النثر، وليس انتهاءً بالكتابة الجديدة وما تمضي إليه.
تنهض كتابة قاسم على هذا كله، تندس في مساحاته، وتؤسس اندفاعاتها للأوج من خلاله، ثمة توظيف، وأساليب قطع ووصل، واكتشافات، وعذابات في الأسئلة، لاشك في ذلك. ويمكن أن نتبين بعض فرادة البنينة التي تَهْدُرُ بها التجربة من خلال حضور هذا الإصرار على التمثل والمغايرة في آن واحد، شكيمة عتيّة على الحلول الناجزة تظل تمتد وتتجاوز مستندة إلى الأمل... وإلى «الكتابة كأنها المرّة الأولى» تمنح نص قاسم قدرة مضاعفة على الهدم والبناء واختبار الخيارات والممكنات التقنية في طرائق التشكل واشتغالات التوليد... وربما أذنت لي المعايشة الطويلة أن أقول بأن خيار السرد، وأعني بذلك استدعاء السرد كتقنية مستثمرة في إنتاج شاعرية النص، هذا الخيار ظل يزهوه لقاسم منذ مخاتلات باكرة تتزيّا بأكثر من قناع، وتموِّه تلاوينها بغير شكل من الأشكال. إلا أن سجلات الذاكرة الخاصة بالتجربة فضّاحة مع ذلك، فقد تجلت صبوة أولى إلى مراودة السرد في مسرحية بعنوان «دم أوديب» لم يكتب لها أن تنشر، ثم حضرت سطوة السرد في «الجواشن» فـ»نقد الأمل»، فـ»أخبار المجنون»، فـ «ليس بهذا الشكل، ولا بشكل آخر»، ثم في «له حصة في الولع»، ثم «ورشة الأمل».
وعلى خلفية الاعتمال بهاجس السرد، في مفاصله الكبرى خلال كل تلك المراحل، كانت النصوص الشعرية تفتح على حوارية الأصوات، ولعب الضمائر، وإغناء المستويات الإيقاعية، ومراكبة عناصر المعمار، وتنويع حركة الدلالة وفضاءات تحققها في أشواط التجربة ونصوصها.
لقد جاءت العوالم السردية، في مستوى من مستوياتها على الأقل، كأحد رهانات التجربة من أجل إنجاز بحثها الخاص عن فرادة الصوت الشعري. رهاناتٌ أخرى انبجست من خلال الانفتاح على فنون الموسيقى والتشكيل والتصوير الفوتوغرافي، وأخرى اختبرت مدّ آفاقها عبر ما يتيحه تقاطع الشعر بالتشبيك العنكبوتي الافتراضي. وسوف يكون لذلك كله ترسيباته المولِّدة في رحاب النصوص.
خطاب ينطلق في فضاء المتخيّل
في ثقافة اليوم يكتب معجب الزهراني «ورشة الأمل.. مجاز الفضاءات المفتوحة»، في حكايات الحياة بمدينة المحرق التي يبدو جلياً إن الكاتب.. الشاعر لم يشف من عشقها فضاءً لتجارب الطفولة الماضية والكتابة الراهنة. إنه مقطع آخر من خطاب المحبة الذي أزعم انه المكون الأحلى والأجمل في كل ما كتب قاسم شعراً أو نثراً. «أخبار مجنون ليلى» ذروة تعبيرية لهذا الخطاب إذ ينطلق في فضاء المتخيل وتختبر الذات طاقاتها وكأن حكاية الحب هي حكايته وحكاية كل الشعراء العشاق. «ورشة الأمل» يمكن أن يشكل قاعدة للخطاب ذاته إذ يتنزل إلى واقعية الأشياء وعلاقات البشر. هو هكذا لأنه يكشف عن جذور ذلك الخطاب في تجربة الحياة إذ تنتشر في فضاءات مفتوحة على البر والبحر. فالشاعر ينتمي لوسط أسري اجتماعي بسيط تخترق المعاناة حياته اليومية لكنه يواجه الحياة كلها بالعمل البسيط والأمل العظيم الذي هو قرين اليأس وقناعه الأمثل. قيم التآلف والتعاطف والتعاون في وسط كهذا هي حاجة لكل أحد عند كل أحد.
وتبلغ هذه القيم مرتبة الضروريات عندما تواجه جماعة محلية صغيرة البحر الذي يمكن أن يتسع كالصدر الحنون لكل عمل وأمل ويمكن أن يتسع كالقبر المفتوح على كل الخيبات والمرارات. البحر هنا كالصحراء، كلاهما يعلم الإنسان عدم التعلق بالأشياء التي ما إن تتكاثر حتى تتملك الإنسان وتصبح المصدر الماثل لكل مخاوفه اليومية القاهرة المبتذلة.
الفصل بين الشعر والنثر ليس قابلاً للنقاش
في حوار النهار الخميس 18 أيار 2006 الذي أجرته زينب عسـاف قال الشاعر قاسم حداد إن «قراءةً أخرى لكتاب ورشة الأمل كفيلةٌ بكشفَ القدر العميق والواضح من التداخل والمزج التعبيري في لغة الكتاب، حيث الشعر يخترقه ويتجلَّى في تصعيد تعبيري. وأذكر أن أحد أجمل فصول هذا الكتاب قد نُشِرَ في جريدة النهار قبل صدوره. على ذلك كلِّه، لا أفهم معنى أن يكون الشعر هو للذاتي والنثر هو للعام والآخرين. الآن، وبعد كلِّ هذين العمر والتجربة، لم يعد مثل هذا الفصل موضوعًا قابلاً للنقاش».
ظاهرة الأبواب المفتوحة
يقول الكاتب الأردني عمر شبانة إن «سيرة مدينة المحرّق هي سيرة كائن أكثر منها سيرة مكان. كائن يضم الكائنات البشرية والطبيعية من شجر وحجر وبحر... التي تحضر في الكتابة عبر صور شديدة الحميمية. كائن يصفه الكاتب في لحظتين باهرتين من الاكتشاف، لحظة اكتشاف «مدينة الأبواب المفتوحة دائماً»، ولحظة اكتشاف المدينة بصفتها «ورشة الأمل».
في اللحظة الأولى يرى الشاعر مؤلف سيرة مدينته أن هذه المدينة كانت، ولاتزال، بالنسبة إليه المدينة التي لن يصادف فيها، سواء كان طفلاً أم شيخاً «حدوداً فاصلة بين داره وعائلته وبين الدور والعائلات الأخرى... لأن ظاهرة الأبواب المفتوحة سأصادفها بأشكال مختلفة...»، أي ضمن ما يسميه «الآلية الحيوية الغنية بالنماذج البشرية والتجارب والمشاعر» حيث تعرّف على «شبكة من علاقات البشر» وتحسس «المعنى البسيط والعميق لضرورة الفرد في المجتمع وحيوية تقاطعه مع الآخرين»، لأن الأبواب المفتوحة كانت على حد سواء «مفتوحة للضيف وللمحتاج كما كانت مفتوحة للمتظاهرين والهاربين من بطش الشرطة».
وفي اشتباك وتقاطع مع هذه اللحظة تأتي اللحظة الثانية حيث تكون مدينته «مشروعاً لا يكتمل إلا إذا اتصل بحيوية الأمل الإنساني». ولمسألة الأمل هنا أبعاد ترتبط بأسئلة الشعر الأولى، الأسئلة المرتبطة بالحياة اليومية وبالسؤال الجوهري في الوجود في آن واحد. أسئلة الحرية والعدالة، وأسئلة النضال السياسي والاجتماعي.
اكتشافات أخرى بعد قراءة الكتاب مرة ثانية
إن كتاب «ورشة الأمل»، واحد من الكتب النادرة التي تحيلنا إلى العلاقة الحميمية بين الشخص والمكان، والذات والبيئة التي تتخلق فيها، بل التماهي بين الاثنين، حيث لا نستطيع بعض الأحيان أن نفرق بين الكائن - الذات والمكان - الموضوع، يتدخلان إلى درجة أن يكونا شيئاً واحداً. هل هذا الحب بين قاسم - قيس والمحرق- ليلى، هو ما أنتج لنا إخبار المجنون، آم أن هناك أبعاداً صوفية، أعني صوفية العشق التي تجعل العاشق يذوب في المعشوق، بحيث لا يبقى إلا المعشوق.
كل قراءة جديدة لكتاب «ورشة الأمل» تدفعنا إلى اكتشافات مغايرة عن اكتشافاتنا الأولى نرى ألواناً وشخصيات وأماكن، نرى من خلالها هذه الورشة التي تعمل على خلق الأمل بكل أنواعه وأشكاله.