الدين يحض على معاملة الخادمات بالحسنى و«إعطائهن أجورهن قبل أن يجف عرقهن»
د. اليعقوبي يحذر من إذلال الخادمات واهانتهن
عبدالرحيم المحمود: هروب الخادمات بسبب المعاملة غير الحسنة وزيادة ضغط العمل
د. التوني: الحق في معاملة الخادمة صيانة للإنسانية
كتبت - سلسبيل وليد:
دعا شيوخ دين لإنشاء مركز لخادمات المنازل من أجل تدريبهن فور قدومهن من الخارج وإعطائهن التعليمات اللازمة وأرقام تواصل مع المركز، وتلجأ إليه الخادمة حال حصول سوء، مؤكدين أن ذلك يمكن أن يكون أحد الحلول للمحافظة على الخادمات والحد من الدعارة.
وأشــــاروا، فــــــي تصريحــــــات لـ«الوطن»، إلى ضرورة معاملة خادمــات المنــازل بالحسنــــى، وإعطائهن أجورهن، موضحين أن الأسلوب الذي يعامل به الكفيل أو عائلته الخادمة يولد هروبها، حيث إن الضغوط تدعها تقع في قفص الدعارة أحياناً.
وأكدوا أنه لا يجوز إساءة الخلق معهن بنحو الضرب والتعذيب وغيره وأنه من المشاهد لو قام أحدهم بذل الخادمة فقد تنتقم منه في أهله وأولاده ودس السم له ولغيره، مبينين أن الخادمة تقوم بالتنظيف والطبخ وتطلع على أسرار البيت بينما يقوم رب البيت بظلمها، فإن لم يكن يخشى الله على الأقل معاملته بالخير خوفاً على أهله وأولاده.
الدين المعاملة
قال عضو هيئة الرقابة الشرعية د.نظام يعقوبي إن العلاقة بين الإنسان والإنسان علاقة مقيدة بضوابط الشرع سواء كان مسلماً أو كافراً، قريباً أو بعيداً، مخدوماً أو خادماً فهي مقيدة فلا يجوز تجاوز تلك الأمور، موضحاً أن الدين ليس مجرد صلاة وزكاة فهو يشمل كل هذه العلاقات الاجتماعية.
وأكد أن الدين معاملة وأن النبي صلى الله عليه والسلام قال «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» وقال «إن من خياركم أحسنكم أخلاقاً»، حيث وجب على المسلم أن يعرف أن الخادم أمانة وأن الله أنعم عليه بأن جعل الخادم هو الذي يخدمه وكان من الممكن أن يكون العكس، لذلك واجب شكر نعمة الله عليه في أنه استطاع أن يكون لديه خادم، وليس بأن يكون مخدوماً.
وأوضح اليعقوبي أن النبي عليــه السلام أوصى بالخدم والضعفة وبالسابــــق «ملـــك اليميـــــن» وهو يشبه خادم اليوم، فلا يجوز إساءة الخلق معهم بنحو الضرب والتعذيب وغيره وأنه من المشاهد لو قام بذل الخدم فقد ينتقم الخادم منه في أهله وأولاده ودس السم له ولغيره، مبيناً أن الخادمة تقوم بالتنظيف والطبخ وتتطلع على أسراره بينما يقوم بظلمها، فإن لم يكن يخشى الله على الأقل معاملته بالخير خوفاً على أهله وأولاده.
وأضاف «استدل أنس بن مالك بقوله «خدمت رسول الله 10 سنين فما قال لي أوف قط وما قال لي شيئاً صنعته لم صنعت ولا لشيء لم أصنعه لما لم تصنع»، مشيراً إلى أنه الخلق النبوي الذي أوصى به عليه السلام بالخدم لأنهم ضعفاء، موضحاً أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال»إنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم»، لذلك وجب أن يعامل الضعيف بمقدار الإحسان وأن يأخذه بحقه لأنه القوي لا يحتاج لمن يأخذ بحقه.
وأوضـــح اليعقوبـــي أن النبـــي عليه الصلاة والسلام قال «إننا نطعمهم مما نطعم ونلبسهم مما نلبس» موضحاً أنها غاية الخلق والإحسان وليس من خلق الإنسان ولا المروءة ولا الشيم ومكارم الأخلاق ولا بطبع العرب معاملتهم بالسوء، فهم يمتازون برعايتهم للضعيف والمسكين.
وأشار إلى أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يجلس مع الخدم على مائدة الطعام، حيث إن الكثير من كبار الأثرياء والأسر الحاكمــة بالخليــــج والبحريــــن يطبقون هذه السنة ويعتبرون الخدم كأنهم أحد أبنائهم، مما يدل على المروءة والشهامة وحسن الخلق والإحسان بالخدم.
وبين اليعقوبي أنه ما نسمع من ضرب الخدم وتعذيبهم في هذه الأيام يعتبر من أكبر الذنوب وقد يعذبه الله بالدنيا ويجد أثره في أهله بسبب ما يفعل، موضحاً أن الخدم في هذه الأيام يأتون بعقد وهو شرط والله تعالى يقول «أوفوا بالعقود»، فلابد من الوفاء بالعقد ولا يجوز الإخلال به وهو مسجل بوزارات العمل والسفارات ومن خالف ذلك فمن حق العامل أن يقاضيه.
وحرم الضغط على الخادم في العمل بجعله يعمل أعمالاً شاقة، أو تكليفه بما ليس من صميم العمل دون رغبة منه كالخادمة التي تقوم بغسيل السيارات في البرد القارس، مشيراً إلى أنهم مخالفون لشروط العقد ويستحقون العقوبة.
وشدد اليعقوبي على ضرورة الحرص على الخدم الملتزمين من المسلمين فإن لم يوجد من أهل الكتاب فلا ينبغي أن يؤتى بعبدة الأوثان والأصنام، مضيفاً أنه لا يجوز للخادمة أن تقوم بدور الأم فعلى المرأة المسلمة عدم التخلي عن مسؤوليتها في تربية الأولاد ومراعاة الزوج.
مركز لتدريب الخدم
فيما قال الشيخ عبدالرحيم المحمود أن الكفيل لا يجوز له التعدي أو إيذاء الخادمة فالإسلام يحفظ كرامة الإنسان ويصونها، فلا يجوز التجريح بالكلام أو إهانتهــــا، فضــــرورة إعطائهــا حقوقها بالكامل، إضافة إلى منحها فترات راحة وعدم تكليفها بأعمال شاقة.
وأوضح أن النبي عليه الصلاة والسلام قال «لا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم»، حيث إنــه لا يجوز ضربهم، فعلى الإنسان أن يعامل الخدم بأحسن معاملة ويحفــظ لــه كرامتــه وحقوقــه وواجباته، واستـدل بقــول أنــس بن مالك «خدمت رسول الله عشر سنين فلم يضربني ضربة قط».
وشــدد المحمــود على ضــرورة عدم تكليفهــم فــوق طاقتهــم وإن كلفهم بذلك فيعينهم، ولا يجــب أن يحرمهــم من أبســط حقوقهم الأكل أو جعلهم في غرفة لا يدخلها هواء ولا يوجد فيها تكييف، مستدلاً بقول النبي عليه الصلاة والسلام «أطعموهم مما تأكلون وألبسوهم مما تلبسون».
وأضاف أنه من الممكن المعاقبة إذا كان هناك تقصير في العمل ولكن يجب التوجيه والإنذار ثم بعد ذلك قطع جزء من الراتب كعقاب وعدم الإفراط في هــذا الشيء بحيث ألا يتجاوز الحدود المعقولة، كالموظف إذا أخل في العمل أو تمادى في الإهمال يحاسب وكذلك الخادم ولكن بضوابــط، منبهــاً علــى عــدم التأخير في إعطاء الراتب للخادم إلا بوجود عائق أو أمر طارئ، موضحاً أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال «أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه».
وأشـــار المحمـود أن الأسلـــــوب الذي يعامل به الكفيل أو عائلتـه الخادمة يولد هروبها، حيــث إن الضغوط تدعها تقع في قفص الدعارة أحيان، موضحاً أن في بعض الأحيان تهرب الخادمة من تلقاء نفسها لوجود مغريات، فعند خروجها «للبرادة» أو أي مكان خارج المنزل بمفردها تصادف من يعدها براتب أعلى وإغراءات أكثر، حيث تستغل استغلالاً سيئاً وتتعرض لأنواع الاغتصاب. واقترح إنشاء مركز للخدم يتم تدريبهم حين قدومهم من الخارج وإعطائهم التعليمـــات اللازمـــة وأرقــــام التواصل مع المركز، حيث تقوم الخادمة باللجوء للمركز في حال حصول سوء لها وأن يقوم هو بدوره بتقييم المشكلة في حال أنها أخلت بالواجب أو التقصير من صاحب العمل، موضحاً أن ذلك أحد الحلول للمحافظة على خدم المنازل والحد من الدعارة.
وبين أن للخادمة الحق في أن تختار أو ترفض العمل في البيت كأن تود أن تعمل في فندق أو غيره، فعلى صاحب العمل تحويلها لكفيل آخر، وعدم معاملتها بقسوة وإعطائها حقها المطلوب، موضحاً أن لها كرامتها كامرأة ثم كخادمة حيث إن الإسلام يحرص على حسن المعاملة.
صيانة إنسانية الخدم
وأوضح الشيخ د.فريد التوني أن وجود الخدم أمر اضطراري وفي الأصل لا يصح أن نأتي بهم من مدينتهم من أجل العمل بدون محارم، فقد أصبح الأمر يتعلق بـ«الرق الأبيض» بما يعني العبودية البيضاء، حيث إنها أصبحت تدخل على الرجال بدون حرمة.
وقال إن الحق في معاملة الخادمة هو صيانة الإنسانية فقد أوصى الرسول عليه الصلاة والسلام الرفق بالعبيد، حيث قال» لا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم» فيجب مساعدتهم في مهامهم إن كانت صعبة عليهم، والرفق بالخدم، حينما نطلب الخدمة، فيجب ألا نكلفهم بما لا يطيقون.
وأضـاف التوني لابد أن نبعد عن ضربهم خاصــة علـــى وجوههم فهو منهي عليه، منوهاً لضرورة المحافظة على الخدم المسلمين، على حشمتها وحجابها وصلاتها، وإذا اضطررنا أن نأتي بالنصرانيات فلابد أن نكرمهم ولا نهينهم ولا بد أن نعرفهم على إسلامنا لنجعلهم يحبون الدين الذي ننتمي إليه ولا نجبرهم على الدخول في الإسلام «فلا إكراه في الدين»
وشدد على ضرورة إعطاء العامل أجره فقد أوصى الرسول عليه الصلاة والسلام بهم قال»أعطى الأجير أجره قبل أن يجف عرقه»، مع ضرورة عدم التأخير في إعطائهـــم الرواتب والتفكير بالمكافأة قبل العقاب.
وأشار التوني إلى أن السلبية بما نراه هذه الأيام كالإثيوبية التي تقوم بقتل أطفال المسلمين فيجب الانتباه، أو من يقومن بجلب السحر من بلادهن، أو من يقمن بإفساد العلاقات الزوجية بين الرجل وزوجته.