أنقرة - (وكالات): أكد المدعي العام التركي معمر أكاش أمس وقف مرحلة جديدة من التحقيق في فضيحة الفساد الكبيرة التي تهز الحكومة مندداً بضغوط على النظام القضائي. فيما أجرى رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان تغييراً وزارياً واسعاً على حكومته بعد استقالة وزراء الداخلية والاقتصاد والبيئة على أمل خنق فضيحة الفساد ولكنه لايزال تحت تهديد المحتجين الذين يطالبون باستقالته.
وقال المدعي معمر أكاش في بيان «يجب أن يعلم كل زملائي وأيضاً الجمهور أنني كمدعٍ منعت من إطلاق تحقيق»، مشيراً إلى دور للشرطة في هذا المنع.
واستنادا إلى معلومات نشرت أمس الأول في العديد من وسائل الإعلام التركية أمر المدعي بإيقاف نحو 30 شخصاً آخر بينهم نواب ورجال أعمال في إطار التحقيق الجاري في فضيحة الفساد التي تسيء إلى السلطة الإسلامية المحافظة. وقال «رغم اجتماع مع مسؤولي شرطة إسطنبول المكلفين بهذه العملية اكتشفت عدم تنفيذ قرار المحكمة ومذكرات الاعتقال». وأدى التحقيق الذي أطلق الأسبوع الماضي إلى استقالة 3 وزراء، من بينهم اثنان وجه الاتهام إلى نجليهما في هذه القضية. وأجرى رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان تغييراً وزارياً واسعاً على حكومته بعد استقالة وزراء الداخلية والاقتصاد والبيئة على أمل خنق فضيحة الفساد السياسية والمالية غير المسبوقة ولكنه لايزال تحت تهديد المحتجين الذين يطالبون باستقالته.
وأعلن أردوغان بعد لقائه رئيس الدولة عبد الله غول استبدال نحو نصف أعضاء حكومته بعد استقالة 3 وزراء بسبب قضية فساد مالية وسياسية اعتبرت على أنها «زلزال» سياسي. وخرجت تظاهرات في عدة مدن تركية بينها إسطنبول وأنقرة تطالب باستقالة الحكومة. وفي إسطنبول، فرقت الشرطة بعنف تظاهرة شارك فيها 5 آلاف شخص بعد وقوع صدامات في منطقة كاديكوي في الجانب الآسيوي من إسطنبول. وردد المتظاهرون شعارات مناوئة لأردوغان الذي يواجه أكبر تحد له منذ ترؤسه الحكومة التركية عام 2002، ونظمت مسيرات أخرى في أنقرة وإزمير. وأطلقت دعوات إلى التظاهر في ساحة تقسيم في إسطنبول، التي كانت مهد احتجاجات الصيف الماضي.
واستقال 3 وزراء، هم وزراء الداخلية والاقتصاد والبيئة في إطار فضيحة فساد تورط فيها أبناؤهم.
وبين الوزراء الذين تم استبعادهم خصوصاً وزير الشؤون الأوروبية ايغمان باغيس الذي أوردت الصحافة اسمه في هذه القضية التي تهز الحكومة التركية منذ 8 أيام. واستبدل باغيس الذي لم يتعرض حتى الآن لأي ملاحقة من جانب القضاء التركي، بالنائب مولود تشاووش أوغلو الذي ينتمي إلى حزب «العدالة والتنمية» الحاكم منذ 2002.
وفي المحصلة، تم استبعاد 10 وزراء في هذا التغيير بينهم وزراء الداخلية معمر غولر والاقتصاد ظافر تشاغليان والبيئة أردوغان بيرقدار. وكما كان متوقعاً قبل انفجار الفضيحة، تم أيضاً استبعاد وزراء العدل والأسرة والنقل الذين كانوا مرشحين للانتخابات المحلية في مارس المقبل. وبعد 6 أشهر فقط من التظاهرات غير المسبوقة التي تحدت سلطته في يونيو الماضي يجد أردوغان الذي يحكم تركيا بلا شريك منذ 11 عاماً، نفسه أمام عاصفة سياسية عنيفة. وكان وزير الاقتصاد الذي اتهم ابنه في إطار قضية فساد أول من قدم استقالته. ثم أعقبه وزير الداخلية. وقد استقطب الوزيران النافذان في حكومة أردوغان كل الانتقادات بعد حبس نجليهما لاتهامهما بالرشوة والتزوير وتبييض الأموال في إطار تحقيق قضائي بشأن عمليات بيع ذهب غير مشروعة لإيران الخاضعة لحظر دولي. ووجه الاتهام إلى نحو 20 شخصاً آخر في إطار القضية التي تشوه صورة حزب العدالة والتنمية الحاكم في خضم حملة الانتخابات المحلية المقررة في 30 مارس 2014. وندد أردوغان بالهجوم الذي يتعرض له متهماً ضمنياً جمعية الداعية الإسلامي فتح الله غولن باستعمال الفضيحة لضرب التقدم السياسي والاقتصادي لحكومته في السنوات العشر الماضية. وبعد أن كانت لفترة طويلة تعتبر حليفة حزب العدالة والتنمية الحاكم منذ 2002 أعلنت الجماعة حرباً على الحكومة بسبب مشروع إلغاء مدارس خاصة تستمد منها قسماً من مواردها المالية، وهذا الانفصال يهدد موقف أردوغان في الانتخابات البلدية التي ستجري في مارس المقبل والتي ينبغي أن تكون بمثابة نقطة الانطلاق نحو الرئاسة الصيف المقبل.
ولم يعلن أردوغان حتى الآن عن نواياه، ولكنه مقيد بقواعد حزبه التي تحتم عليه مغادرة رئاسة الوزراء في الانتخابات التشريعية عام 2015، ولم يعد سراً أنه يطمح بمنصب رئيس الدولة والذي سيجري انتخابه للمرة الأولى بالاقتراع المباشر. من جهتها، اتهمت المعارضة التركية رئيس الوزراء بأنه يحاول أن يحكم من خلال «دولة عميقة» تعمل في الخفاء.