أكدت الكاتبة بثينة خليفة قاسم أن واقع المرأة البحرينية الإعلامية شهد تغيراً جوهرياً ملموساً منذ العام 1999 بفضل العهد الإصلاحي لجلالة الملك، وما صاحبه من حرية في الرأي والتعبير وتعدد خيارات وبدائل العمل الإعلامي، لافتة إلى تعدد الصحف وتباين وجهات النظر وتعدد وسائل التواصل، وظهور مضامين جديدة في الحقل الإعلامي كالتواصل الأجتماعي، مما خلق معه فرص عمل جديدة.
وأشارت قاسم في محاضرتها «المرأة البحرينية الإعلامية في ظل المشروع الإصلاحي لجلالة الملك» أمس بمركز الرفاع الاجتماعي التابع لوزارة التنمية الاجتماعية إلى استحداث المجلس الأعلى للمرأة العام 2001 برئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة ملك مملكة البحرين كأحد أبرز المؤسسات الوطنية الداعمة لتمكين المرأة البحرينية في كافة المجالات – ومنها المجال الإعلامي- وما شملته الخطة الوطنية لتنفيذ إستراتيجية نهوض المرأة البحرينية لعام 2007، من حيث البرامج والجهات ذات الصلة برفع منسوب المناصب القيادية التي تشغلها المرأة البحرينية، فضلاً عن تخصيص جائزة باسم سموها للوزارات والمؤسسات التي تحقق تقدماً أكبر في مجال نهوض المرأة وإبراز أدائها.
وقالت قاسم إن المرأة البحرينية بدأت الكتابة الصحفية منذ بواكير نشأة الصحافة في فترة الأربعينيات حيث الثقافة الذكورية السائدة، وما تحتمه المجتمعات الخليجية المحافظة من خصوصية، إلا أن ذلك لم يقف عائقاً أمام تطلعاتها، إذ كانت تنشر باسم مستعار وأحياناً تكتفي بذكر الأحرف الأولى من اسمها،
وأشارت إلى أبرز السياسات والبرامج التشريعية الإعلامية المنجزة على أرض الواقع، كتعيين السيدة خولة مطر رئيساً لتحرير صحيفة الوقت البحرينية العام 2005، وذلك لمدة عام واحد فقط، وتعيين أول امرأة بمنصب وزير للإعلام والثقافة وهي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة العام 2008 ، كما تم في العام نفسه إعداد الإستراتيجية الخاصة بوزارة الإعلام والتي تستند إلى رؤية مملكة البحرين الاقتصادية 2030، والتي لا تخلو من سياسات تمكين المرأة إعلامياً، وإزالة الأدوار النمطية للمرأة في الإعلام، من خلال استمرار الجهود في مجال تغيير الصورة النمطية للمرأة في وسائل الإعلام، وزيادة مشاركة المرأة في المناصب القيادية في القطاع الإعلامي، وإشراكها في رسم السياسة الإعلامية للدولة.
ولفتت قاسم الى انه من الخطأ إحلال مفهوم «تكافؤ الفرص» بدلاً عن «التمكين»، ذلك أن لفظة «تمكين» جاءت معربة عن لفظة Empowerment، أما تكافؤ الفرص يختلف في ترجمته عما ورد في الأدبيات الغربية، فهو لا يعني الدعم ولا المساندة ولا التمييز الإيجابي، إنما هو ترجمه لمصطلح: Equal Opportunities، وعليه فإن مصطلح تكافؤ الفرص مكانه الملائم هو الوزارات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية، أما مصطلح «التمكين» – مع تحفظنا عليه- هو أشمل وأوسع. وأشادت قاسم بصورة المرأة البحرينية في وسائل الإعلام والإعلان، مشيرة الى انه في الوقت الذي تبث فيه وسائل الإعلام في دول العالم عبر المحطات الفضائية مواداً وأفلاماً وإعلانات تعرض المرأة بشكل غير لائق، من خلال عرضها كمشهد جذاب للنظر أو تعرضها كمجرد آلة للطبخ، نجد تلفزيون البحرين يحرص على عدم تكريس مثل هذه الصورة النمطية في برامجه أو إعلاناته الوطنية، إذ يلاحظ بأن المرأة البحرينية في مختلف وسائل الإعلام في مملكة البحرين تأخذ دورها الكامل والمساوي لدور الرجل في إعداد وتقديم البرامج والنشرات الإخبارية والحوارية. وأكدت الكاتبة أن طبيعة تركيبة المجتمع السياسي وما أفرزه من تسيد لقوى الإسلام السياسي أثناء التجربة النيابية 2006 خدمت تطلعات المرأة الإعلامية المحجبة، فأصبحنا نرى محجبات كثر يطللن عبر شاشة تلفزيون البحرين، في وقت احتكرت فيه الإعلامية «السفور» الطلة عبر شاشة التلفزيون لسنوات طويله. وعن أبرز التحديات التي تواجه المرأة البحرينية في العمل الإعلامي ، قالت الكاتبة: إن العمل الإعلامي عمل إبداعي بالدرجة الأولى، ويتطلب قدراً كبيراً من الوقت والجهد والتركيز الذهني، مما قد يؤثر سلباً على مقومات الاستقرار الأسري، لافته لما تتطلبه بعض المهام الإعلامية من العمل ليلاً أو العمل في ميادين خطره، مستشهدة بتجربة إحدى الصحفيات في أحد البلدان العربية ممن سعت لعمل تحقيق صحفي حول «بنات الهوى»، وما تطلبه ذلك منها من زيارات ميدانية - دون التعريف بنفسها- كصحفية لقراءة الواقع عن كثب.
ولفتت إلى أن هجرة عدد كبير من الوجوه الإعلامية النسائية البحرينية، أضعفت الكادر المؤسساتي الإعلامي، وجعلت القائمين على الشأن الإعلامي يستوردون وجوهاً ذات ملامح لا تمت للمجتمع البحريني، داعية تلفزيون البحرين لعدم إغفال الطلة البحرينية « المملوحة» ذات الجذر واللهجة البحرينية الأصيلة في انتقائها لمذيعاتها، فشاشة التلفزيون هي النافذة الأولى التي تعبر من خلالها عن هويتك وثقافتك ونسيجك المجتمعي.
وفيما يخص سبل الارتقاء بواقع المرأة البحرينية طالبت قاسم بتوفير ضمانات قانونية أوسع للمرأة الإعلامية، وتعريف النشء بدور المرأة الإعلامية الهام في توجيه دفه الرأي العام من خلال تغيير صورتها النمطية في المناهج التعليمية، وتوحيد الجسم الصحفي البحريني تحت مظلة متينة وقوية، من شأنه أيضاً تعزيز مكانة المرآة الإعلامية البحرينية وأخذ مطالبها بشكل جاد وإلزامي، فكلما قوي الأساس قويت أركانه، إلى جانب توسيع هامش ما تقدمه الجمعية لها من امتيازات.