عواصم - (وكالات): أعلنت مصادر أمنية لبنانية اغتيال الوزير السابق محمد شطح، السياسي المقرب من رئيس الحكومة السابق سعد الحريري ومستشاره، والرجل النافذ ضمن قوى «14 آذار» المناهضة لحزب الله الشيعي اللبناني ونظام الرئيس بشار الأسد، في انفجار سيارة مفخخة أمس وسط بيروت أودى أيضاً بحياة 5 أشخاص آخرين، وأدى إلى إصابة العشرات. ووجهت قوى «14 آذار» الاتهام بالجريمة الى دمشق و»حزب الله»، حليف سوريا، وفيما تجنب الحزب التعليق على الاتهامات، داعياً إلى مواقف مسؤولة، رفضت دمشق الاتهامات، واصفة إياها بـ «الجزافية والعشوائية». وأجمعت الردود على عملية الاغتيال، خاصة على السنة الدبلوماسيين الغربيين الذين كانوا على علاقة وثيقة بشطح، مسؤول العلاقات الخارجية في تيار المستقبل الذي يرأسه الحريري، على وصف الرجل الراحل عن 62 عاماً بـ «رمز الاعتدال». وأصاب الانفجار الذي وقع في منطقة يفترض أنها تتمتع بحماية أمنية عالية، المواطنين بالذهول في عز موسم أعياد نهاية السنة والاحتفالات.
وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية أن الانفجار ناتج عن سيارة مفخخة قالت تقارير إنها تحتوي قطعاً معدنية. وأوضح مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود بعد تفقده مكان الانفجار أن زنة العبوة في السيارة تقدر بـ «60 كيلوغراماً» من المتفجرات. وتسبب الانفجار، بحسب وزارة الصحة، بمقتل 6 أشخاص وإصابة أكثر من 50.
وقال مسؤول في قوى 14 آذار «استهدف الانفجار الوزير السابق محمد شطح أثناء توجهه للمشاركة في اجتماع مقرر في منزل الرئيس سعد الحريري» الواقع على بعد مئات الأمتار من مكان الانفجار. وبين القتلى مرافق شطح طارق بدر. ووقع الانفجار في شارع «ستاركو»، وهو طريق رئيس تتفرع منه أسواق بيروت المليئة بالمطاعم والمحال التجارية، ويوصل إلى منزل سعد الحريري.
كما توجد في مبنى «الستاركو» وابنية مجاورة وزارات ومؤسسات إدارية عامة.
وشطح هو الشخصية التاسعة من قوى 14 آذار التي تتعرض للقتل منذ عام 2005، تاريخ مقتل رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، والد سعد الحريري، في انفجار ضخم أودى أيضاً بحياة 22 شخصا، ووقع على بعد مئات الأمتار من مكان انفجار الأمس. واتهم سعد الحريري الموجود خارج لبنان بسبب «مخاطر أمنية» على حياته، بحسب ما يقول مقربون منه، «حزب الله» المتحالف مع دمشق، من دون أن يسميه، بالجريمة. ووجهت قوى «14 آذار» اتهاماً مماثلاً شمل أيضاً النظام السوري من دون أن تسميه.
وقال الحريري «المتهمون بالنسبة لنا، وحتى إشعار آخر، هم أنفسهم الذين يتهربون من وجه العدالة الدولية، ويرفضون المثول أمام المحكمة الدولية، إنهم أنفسهم الذين يفتحون نوافذ الشر والفوضى على لبنان واللبنانيين، ويستدرجون الحرائق الإقليمية إلى البيت الوطني».
وتتهم المحكمة الخاصة بلبنان التي تتخذ من لايدشندام قرب لاهاي مقراً والمكلفة بالنظر في اغتيال رفيق الحريري 5 عناصر من حزب الله، بالتورط في الجريمة.
والمتهمون الخمسة متوارون عن الأنظار. ورفض «حزب الله» تسليمهم إلى المحكمة التي يعتبرها «أداة إسرائيلية أمريكية» لاستهدافه.
ويشارك حزب الله في القتال إلى جانب النظام السوري داخل سوريا.
وجاء في بيان نعي تلاه رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة المنتمي إلى تيار المستقبل برئاسة الحريري بعد اجتماع لقيادات في قوى «14 آذار» «القاتل هو نفسه الذي يوغل في الدم السوري واللبناني. القاتل هو نفسه، هو وحلفاؤه اللبنانيون من درعا إلى حلب، إلى دمشق، الى كل سوريا».
وطالبت قوى 14 آذار «بضرورة تحويل ملف» جريمة اغتيال شطح إلى المحكمة الخاصة بلبنان.
وتجنب حزب الله الرد على الاتهامات الموجهة إليه، وقال في بيان إن «هذه الجريمة البشعة تأتي في إطار سلسلة الجرائم والتفجيرات التي تهدف إلى تخريب البلد، وهي محاولة آثمة لاستهداف الاستقرار وضرب الوحدة الوطنية لا يستفيد منها إلا أعداء لبنان». في المقابل، رفضت دمشق الاتهامات «الجزافية والعشوائية» الموجهة لها، معتبرة أن إطلاقها تغطية لضلوع هذه القوى في دعم الإرهاب وتمويله في لبنان وسوريا.
ويعتبر محمد شطح من أكبر مستشاري الحريري وهو من السياسيين البارزين في قوى 14 آذار المشاركين في وضع السياسات العامة لتحالف الشخصيات والأحزاب هذا. وهو وزير مالية سابق، وسفير سابق للبنان في واشنطن، ومستشار سابق في صندوق النقد الدولي. وكان معروفا بخطابه الهادئ وثقافته الواسعة وانفتاحه.
وأثارت عملية الاغتيال إدانات داخلية واسعة وعربية وغربية.
في شان متصل، أعلنت «كتائب عبدالله عزام» التي تبنت تفجيري السفارة الإيرانية في بيروت أن القيادي في «حزب الله» حسان اللقيس قتل في التفجيرين الانتحاريين، وليس اغتيالاً كما أعلن الحزب، بحسب ما جاء في شريط مسجل نشر على الإنترنت. وتضمن الشريط الصوتي تسجيلاً لأحد قياديي مجموعة عبدالله عزام الشيخ سراج الدين زريقات وقد نشر على حسابي المجموعة على «يوتيوب» و»تويتر» وتناقلته الصفحات والمواقع المتشددة، وأكد استمرار العمليات ضد «حزب الله» في لبنان رداً على مساندته النظام السوري.