أكد تقرير صادر عن المركز العالمي للدراسات التنموية في العاصمة البريطانية لندن أن رغبة العراق بزيادة إنتاجه من 3.4 مليون برميل حالياً إلى قرابة 9 ملايين برميل يومياً في العام 2018 تتعارض مع قدراته التصديرية المحدودة.

وذكر التقرير ، أن منصات التصدير الجنوبية على الخليج العربي لا تسمح بتصدير سوى 5 ملايين برميل يومياً كطاقة قصوى، كما أن الأنبوب الواصل مع ميناء جيهان في تركيا شمالاً هو أنبوب قديم يصل عمره إلى 25 سنة، لذا فهو يسمح بنقل 600 ألف برميل يومياً فقط أي ما يعادل 37%، من طاقته القصوى البالغة 1.6 مليون برميل يومياً.

وأشار التقرير إلى أن أنبوب النفط العراقي الأردني الواصل بين حقول الرميلة في جنوب العراق إلى ميناء العقبة في الأردن بطاقة 2- 2.5 مليون برميل نفط خام يومياً تواجهه العديد من التحديات، الأمر الذي يثير شكوكاً حول قدرة الحكومة العراقية على تجاوزها.

تكلفة عالية

وعلى الرغم من أن المشروع لقي ترحيباً من شركات النفط العملاقة خاصة مع تصاعد التوترات الجيوسياسية في مضيق هرمز والحاجة إلى منافذ جديدة ، فإن طول الأنبوب البالغ 1680 كم يجعل كلفته عالية جداً حيث تصل إلى 18 مليار دولار، لذا فقد عملت الحكومة العراقية على تقسيم إنجاز المشروع إلى مرحلتين للتغلب على هذه الإشكالية.

وبحسب التقرير فإن المرحلة الأولى من المشروع تمتد من البصرة إلى حديثة بطول يبلغ 680 كيلومترا وطاقة نقل 2.25 مليون برميل يومياً بوجود أربع محطات ضخ متوائمة. ويتم تنفيذ هذه المرحلة من قبل الحكومة العراقية وفق طريقة EPC(التصميم، الشراء، البناء).

أما المرحلة الثانية فهي بطول ألف كيلومتر من حديثة إلى ميناء العقبة في الأردن. وبطاقة نقل مليون برميل نفط يومياً وبوجود سبع محطات ضخ ويتفرع عن هذا الخط خط آخر يتصل بمصفاة الزرقاء شمال الأردن. يتم تنفيذ هذه المرحلة بطريقة الاستثمار BOOT (البناء، التملك، التشغيل ونقل الملكية) على أساس فترة امتياز تشغيلي لمدة 20 سنة ينتقل بعدها ملكية الخط لوزارة النفط العراقية.

وأوضح التقرير أنه كان بمقدور الحكومة العراقية تجاوز العقبات الجغرافية التي انعكست على تكلفة المشروع بحيث يمتد الأنبوب من البصرة إلى خليج العقبة مباشرة، وذلك مروراً بأراضي المملكة العربية السعودية، لكن عقبة أخرى تمثلت بتحميل المشروع تكلفة إضافية ناجمة عن رسوم العبور (الترانزيت) التي ستدفع للسعودية أيضاً ناهيك عن تلك المدفوعة للأردن.

التوترات الأمنية تهدد المشروع

وبحسب التقرير فإن القرار بأن يتم مرور الخط بمدينة حديثة غرب العراق يجابه اليوم بتحديات من نوع آخر أبرزها العامل الأمني. فالمنطقة الغربية تشهد منذ أشهر طويلة احتجاجات واسعة ضد سياسة رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي. وقد تصاعدت حدة هذه التوترات لتأخذ شكل عصيان مدني واشتباكات مسلحة مع العشائر العراقية التي هدد بعضها بفتح جبهة للقتال ضد الحكومة العراقية في تلك المناطق.

ويشير التقرير إلى أنه إذا كان متوقعاً أن يتم الإعلان عن الفائزين بالعروض المقدمة في شهر سبتمبر/أيلول من هذا العام فسيكون لزاماً على الحكومة العراقية معالجة ملفاتها مع العشائر العراقية في المناطق التي يمتد إليها أنبوب النفط العراقي الأردني.

التقرير أكّد أن بقاء الملف الأمني معلقاً خاصة في المراحل الأولى لتنفيذ المشروع قد يعرقل عملية التنفيذ وسير العمل بالمشروع وفق ما هو مرسوم لها، الأمر الذي يحمل الحكومة العراقية تكاليف إضافية ناجمة عن التأخير وتأمين سلامة الشركات العاملة وموظفيها في تلك المناطق.

ملفات عالقة

ويشير التقرير إلى معضلات أخرى تجابه أنبوب النفط العراقي الأردني تتمثل بمشكلة الديون العالقة بين كل من البلدين، فالديون العراقية على الأردن تصل بحسب الحكومة العراقية إلى 500 مليون دولار في حين أن الأردن يطالب العراق بمليار و400 مليون دولار.

وبحسب المركز فالعراق لا يمكنه سداد سوى 20% من هذه الديون بموجب نادي باريس، الأمر الذي يتطلب اتفاقاً على كيفية السداد قبل البدء بتنفيذ أنبوب النفط العراقي الأردني.

أولويات منسية

تقرير المركز العالمي للدراسات التنموية أشار إلى أن ضعف البنى التحتية لقطاع النفط العراقي قد يحد من إمكانية تمويل هذا الحجم من المشاريع. فالمدة التي يتوقع أن ينجز فيها أنبوب النفط العراقي الأردني هي نهاية العام 2017، وهو ما يعني أن العراق لن يكون قادراً على تصدير إلا ما يعادل قرابة 6 ملايين برميل نفط يومياً لغاية تلك الفترة.

ويخطط العراق لزيادة إنتاجه إلى 9 ملايين برميل نفط يومياً وهذا الأمر يحتاج إلى استثمارات بقيمة 175 مليار دولار. أي أن العراق وبحسب التقرير سيكون بحاجة إلى دعم مادي كبير لإنجاز هذا المشروع ومشاريع أخرى ما يحمل الاقتصاد العراقي أعباء إضافية على المدى القصير والمتوسط.

ويبين التقرير أنه كان الأولى المقارنة بين المنافع الاقتصادية الناجمة عن استثمار 18 مليار دولار في تصدير النفط العراقي والخسائر الناجمة عن استيراد المشتقات النفطية التي وصلت إلى أكثر من 30 مليار دولار خلال عشرة سنوات ماضية. وبحسب التقرير فإن مبلغ 18 مليار دولار المخصصة لإنشاء أنبوب النفط العراقي الأردني كانت كافية لإنشاء ثلاث أو أربع مصافٍ جديدة يحتاجها العراق في عملية الاستهلاك المحلي من المشتقات النفطية وتوفر مبالغ مالية طائلة كانت ستساهم في دعم البنى التحتية للاقتصاد العراقي في مختلف القطاعات بما فيها القطاع النفطي.