عواصم - (وكالات): قبل 3 أشهر من الانتخابات البلدية، دخلت تركيا في أزمة ناجمة عن فضيحة سياسية ومالية غير مسبوقة تهدد رئيس الوزراء الإسلامي المحافظ رجب طيب أردوغان، بكل الوسائل القضائية ومن مناوئيه وتظاهرات الشارع المتواصلة.
وبعد يوم حافل شهد انشقاقات داخل حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، تدخلت الشرطة التركية في إسطنبول وأنقرة وعشرات المدن التركية الأخرى من أجل تفريق آلاف المتظاهرين المطالبين برحيل الحكومة ورئيسها، وأسفرت المواجهات عن جرح شخصين واعتقال العشرات. وشعارات المتظاهرين وحوادث العنف مع الشرطة والغاز المسيل للدموع والمتاريس كلها أشياء تعيد إلى الذاكرة موجة الاحتجاجات المناهضة للحكومة في يونيو الماضي في ساحة تقسيم وسط إسطنبول.
ووفقاً للشرطة المحلية، ألقي القبض على 70 شخصاً على يد الشرطة في المدينة التي تعد من أكبر المدن التركية. ومن أجل إعادة مواجهة هذا التحدي الجديد، أعاد رئيس الوزراء العمل بالاستراتيجية التي تم تطبيقها قبل 6 أشهر من أجل إنهاء موجة الاحتجاجات.
وعلى بعد كيلومترات من ساحة تقسيم في إسطنبول، كان أردوغان يواصل الدفاع بقوة عن سياسته مندداً في كلمتين ألقاهما في مطار إسطنبول الدولي ثم في حي أوسكودار بـ»المؤامرة» التي تستهدفه.
وأعلن في وقت سابق في كلمة ألقاها في سكاريا أن «هذه المؤامرة هي عملية تهدف إلى منع قيام تركيا الجديدة»، مهاجماً بشدة أداء بعض المحققين والقضاة الذين كشفوا هذه الفضيحة. وانتقد أردوغان انسحاب 3 من نواب حزبه بينهم وزير سابق كانوا مهددين بالطرد من الحزب بعد إعلان تأييدهم لاستقلال السلطات القضائية. ورغم أنه فقد 5 نواب في 10 أيام، لايزال حزب «العدالة والتنمية» يملك أكثرية واسعة في البرلمان. كما انتقد أردوغان دون أن يسميه بالاسم حركة الداعية الإسلامي فتح الله غولن، متهماً إياها بالوقوف وراء التحقيقات التي جرت لكشف فساد في أوساط أردوغان ما دفع 3 من وزرائه إلى الاستقالة. وانتقدت وسائل الإعلام القريبة من المعارضة بشدة الموقف المتحدي لرئيس الوزراء، محملة أردوغان مسؤولية مباشرة عن الأزمة التي تهز رأس الدولة.
ورأى محللون أن الحرب التي باتت مكشوفة بين أردوغان وجمعية فتح الله غولن تدخل في صلب الفضيحة السياسية المالية التي تهدد حكومة أنقرة.
ونشأت الحركة التي سميت بحركة «حزمت» أي «خدمة»، في سبعينيات القرن الماضي حول الإمام التركي فتح الله غولن «73 عاماً». ويعيش الداعية في ولاية بنسلفانيا بالولايات المتحدة منذ رحيله من تركيا في 1999 هرباً من ملاحقات القضاء التركي بسبب «أنشطة مناهضة للعلمانية». ومنظمته تمتلك شبكة من المدارس موجودة في أكثر من 100 بلد لنشر الثقافة التركية في العالم. كما تملك شبكات تلفزة وصحيفة «زمان» الأكثر مبيعاً في تركيا. وتضم الجمعية كما تؤكد ملايين عدة من الأنصار، ولها شبكة نافذة في أوساط الأعمال حيث أنشأت منظمتها الخاصة بها لأرباب العمل، وفي الشرطة والقضاء.
وبعد أن كانت لفترة طويلة تعتبر حليفة حزب «العدالة والتنمية» الحاكم منذ 2002، أعلنت الجماعة حرباً على الحكومة بسبب مشروع إلغاء مدارس «درشان» الخاصة التي تستمد منها قسماً من مواردها المالية.
من جهته، دعا وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير أنقرة إلى تسليط الضوء على مزاعم قضية الفساد التي تواجهها الحكومة التركية، معتبراً أن الأمر يشكل «اختباراً» للديمقراطية التركية.