كتبت - فاطمة خلف:
هل يواجه الأبناء ممن تحمل أمهاتهم جنسيات مختلفة عن جنسية والدهم مشاكل في المجتمع البحريني؟ وهل يجدون أنفسهم مختلفين عن أقرانهم؟ وما مدى تقبلهم للعيش في بلد أحد أبويهم دون الآخر؟ للإجابة على هذه الأسئلة قمنا بسؤال مجموعة ممن تحمل أمهاتهن جنسيات مختلفة، فكانت إجاباتهن كالتالي...
نعيمة السيد (22 عاماً) بحرينية من أم كويتية، عاشت في الكويت 5 سنوات قبل انتقالها للبحرين، وتزور الكويت بين الحين والآخر، تقول: العادات بين دول الخليج عموماً متشابهة، توجد فروق بسيطة كاللهجة، وأعتقد أن المجتمع الكويتي أكثر انفتاحاً من المجتمع البحريني، وربما لهذا السبب أميل له أكثر. استخدم أحياناً بعض المصطلحات الكويتية التي يُطلب مني أن أفسر معناها، و هو ما يجعلني أشعر بأنني مختلفة قليلًا، لا أجد تمييزاً أو اختلافاً في تعامل الآخرين معي، إذ إن لا أحد يعلم بأن أمي من جنسية مختلفة ما لم أخبرهم بذلك.
وتقول فاطمة القلاف (21 عاماً) بحرينية من أم سعودية: عشت في السعودية حوالي 4 سنوات، ثم انتقلت بعدها للعيش و الاستقرار في البحرين، تكمن أبرز الاختلافات بين البلدين في انفتاح المجتمع البحريني، وحرية المرأة واستقلاليتها، بالإضافة إلى الحريات العامة التي تتحكم بها بعض الجهات المسؤولة، وكذلك الطبقات الاجتماعية تشكل فرقاً أيضاً، في طفولتي واجهت بعض الصعوبات في التأقلم مع الأطفال، أما الآن ولكوني نشأت في المجتمع البحريني فلا أشعر بأي اختلاف.
أما حوراء رضي (22 عاماً) بحرينية من أم لبنانية، عاشت في لبنان 13 سنة قبل انتقالها للعيش في البحرين، وتذهب إلى لبنان في العطل الصيفية، فتقول: هناك العديد من الفروقات التي لمستها بين البلدين، تتلخص في العادات والأعراف ويوجد بعض التناقضات بين المجتمعين، ويوجد اختلاف أيضاً في طريقة تربيتهم للأطفال، مردفة: لا أجد فرقاً في التعامل معي، في الواقع أرى أن الاندماج في الثقافات لدي يخلق شيئاً من التميز في تعامل الآخرين معي.
بينما تقول سمر ميرزا (21 عاماً) بحرينية من أم أردنية: إن البعض يعاملها بطريقة مختلفة عندما يرونها للمرة الأولى، ولكن هذا الاستغراب والاختلاف يتلاشى بعد معرفتهم لقصتها ومع تعدد اللقاءات، أعتقد أن اختلاف جنسية والدي أعطاني وعياً وقدرة على التفكير، وحل المشاكل بطرق متعـــددة.
أما أميرة علي (20 عاماً) بحرينية من أم فلبينية، وتعيش في البحرين وتزور الفلبين في أوقات متفرقة، فتقول: البحرينيون ملتزمون جداً بثقافتهم بعكس الفلبينيين، فهم أكثر انفتاحاً واستقلالية وتقبلاً للثقافات الأخرى، الناس في الفلبين قادرون على التعبير عن أفكارهم وآرائهم بحرية أكبر، وكذلك تصرفاتهم تحمل طابع استقلالي عن الأسرة، أما البحرينيون فكما هو معروف فهم متمسكون جداً بعوائلهم.
وحول اندماجها في المجتمع البحريني تقول: في البداية كنت أشعر أنني مختلفة عن البقية، ولكن عندما ذهبت في فترة تدريبية إلى الهند وعشت مع أشخاص من جنسيات مختلفة، اكتشفت أننا جميعاً نتشارك الأفكار ذاتها وكذلك إدراكنا لأغلب الأمور، لكن بالنسبة لعدم تقبل البعض في المجتمع لاختلافي، فأعتقد أنه شيء لا أستطيع تفاديه، فليس الجميع يمتلك عقلية متفتحة في هذا الأمر. ولكن لكوني اجتماعية و لخلفيتي الثقافية المتكونة من مجتمعين مختلفين، أصبحت مرنة في التعامل مع الجميع.
وتتفق فاطمة يوسف (20 سنة) وشهربان الوجداني (21 سنة) وكلتاهما من أب بحريني وأم فلبينية، في أن أبرز الاختلافات بين المجتمعين البحريني والفلبيني تكمن في اللغة والاعتقادات وثقافة المجتمع وانفتاحه.
وتقول الوجداني: البعض يعاملني بطريقة مختلفة بسبب كلامي الذي تظهر فيه الأخطاء النحوية واللغوية، لكن اختلاف جنسيات والدي جعلني أكثر إيماناً بقول الرسول (ص) (لا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى)، كما وجعلني أكثر انفتاحاً على ثقافات البشر المختلفة مما سهّل علي التعامل مع مختلف الناس، والجميل أيضاً أنني أفهم اللغتين بشكل جيد.
ولمعرفة وجهة نظر المختصين، التقينا أحد المختصين في علم النفس، والذي أكد وجود صعوبة من ناحية الاندماج الثقافي والاجتماعي، لذلك يجدون أنفسهم بمواجهة صعوبات من ناحية الثقافة والنشأة، لأن المجتمع البحريني غير منفتح، و قد يكون سبب الاختلاف في العادات والمناسبات الدينية، مما يسبب لهم نوعاً من الانطواء والعزلة ودخول حالة من الاكتئاب، ويصل الأمر أحياناً عند إقبالهم على الزواج، يكونون مرفوضين.
وأكد أن مستوى الذكاء لديهم متساوٍ مع باقي أقرانهم، ولكن بعضهم يصل بهم الأمر بسبب العزلة إلى محاولة إثبات الذات عن طريق صقل مواهبهم الرياضية والفنية.. إلخ. والطفل لا يتأثر باختلاف لغة والديه، بل يكون لديه مهارات لغوية عالية. تقبل الناس لهذه الفئة يعتمد على مظهرهم الخارجي ومدى إتقانهم للغة العربية وبالتحديد اللهجة البحرينية بطلاقة، فإذا كان شكلهم كالأجانب سيواجهون رفضاً من المجتمع والعكس صحيح.