كتب ـ محرر الشؤون البرلمانية:
يناقش مجلس الشورى الاثنين المقبل، قانوناً يحمي الأسرة من العنف وتجيز مواده للنيابة إصدار أمر حماية يلزم المعتدي عدم التعرض للمعتدى عليه، أو الاقتراب من أماكن الحماية أو الإضرار بالممتلكات الشخصية للمعتدى عليه أو أي من أفراد أسرته.
ويصدر أمر الحماية من النيابة العامة لمدة لا تزيد عن شهر، ويجوز تجديد أمر الحماية بأمر من المحكمة الصغرى الجنائية على ألا تتجاوز مدة الحماية 3 أشهر.
وبينما أوصت لجنة شؤون المرأة والطفل بمجلس الشورى، بالموافقة على مشروع القانون «المعد في ضوء الاقتراح بقانون المقدم من مجلس النواب»، رأى المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية استثناء الأفعال التي يأتيها الزوج أو الولي من القانون، وعدها من قبيل التأديب الشرعي.
من جانبها اقترحت وزارة الداخلية وضع تعريف واضح ومحدد لـ»أمر الحماية»، وأبدت تحفظها على المادة (11) ونصت على وجوب اتخاذ مراكز الشرطة كافة الوسائل اللازمة لتوفير «المساعدة والحماية».
وتوافقت وزارة العدل مع تعديلات «الشؤون الإسلامية»، فيما عدا ملاحظات توافقت بشأنها مع «الداخلية» بضرورة تعريف «أمر الحماية» باعتباره تنظيماً جديداً على القانون يستوجب التعريف.
وراعت اللجنة النصوص القانونية التجريمية الواردة في القوانين الأخرى لعدم التكرار ومنعاً للتنازع بينها، مثل قانون العقوبات وقانون الطفل وغيرها، وارتأت أن الكثير من الجرائم نُص عليها في قانون العقوبات، وأهمها الجرائم الماسة بالأسرة.
وقالت في تقريرها إن الفصل الثاني من الباب السابع من قانون العقوبات جاء تحت مسمى «المساس بالأسرة»، وهدفه حماية الأسرة من جريمة الزنا (المادة 316)، إبعاد طفل حديث الولادة أو إخفائه أو إبداله بآخر أو تغيير نسبه (المادة 317)، الامتناع عن تسليم الصغير إلى من تحكم له بحضانته أو حفظه (المادة 318)، وشمول الوالدين أو الجدين للصغير بالنصوص السابقة (المادة 319)، وتعريض طفل لم يبلغ السابعة من عمره للخطر، أو شخص عاجز عن حماية نفسه بسبب حالته الصحية أو العقلية أو حمل غيره على ذلك (المادة 320)، وتجريم الإجهاض في المواد (312 و323).
وأخذت اللجنة بعين الاعتبار شمول الكثير من الأفعال بالتجريم والعقاب في قانون العقوبات، مثل القتل بكل صوره (المواد 333 ـ 343)، الاعتداء على سلامة جسم الغير والذي يفضي إلى مرض المعتدى عليه أو عجزه عن أداء أعماله الشخصية (المادة 335)، الاعتداء المفضي إلى عاهة مستديمة (المادة 338)، والمواقعة الجنسية للأنثى دون رضاها (المادة 344)، الاعتداء على عرض شخص أتم الرابعة عشرة ولم يتم الحادية والعشرين برضاه (المادة 347)، تشديد العقاب على الجرائم السابقة إذا كان الجاني من أصول المجني عليه أو المتولين تربيته أو ملاحظته أو ممن لهم سلطة عليه أو خادماً عنده أو عند أحد ممن تقدم ذكرهم (المادة 348).
وجرم قانون العقوبات أيضاً كل من حرض ـ ذكراً كان أو أنثى ـ على ارتكاب الفجور أو الدعارة، أو ساعد على ذلك بأية طريقة كانت (المادة 324)، وأيضاً جرائم القذف والسب وإفشاء الأسرار (المواد 364 ـ 372)، وغيرها من المواد ذات العلاقة بموضوع الأسرة أو أفرادها.
ورأت اللجنة في ضوء ما تقدم أهمية تغيير مسمى مشروع القانون من بشأن «حماية الأسرة من العنف»، إلى قانون بشأن «الحماية من العنف الأسري»، ليصبح أكثر دقة وشمولاً في توفير الحماية للأسرة ولأفرادها.
ويتألف مشروع القانون بعد إجراء التعديلات الأخيرة من ديباجة و21 مادة، وروعي في وضع الديباجة إضافة اتفاقات انضمت إليها البحرين، مثل المرسوم بقانون رقم (16) لسنة 1991 بشأن الانضمام إلى اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، المعدل بالمرسوم بقانون رقم (8) لسنة 2000، والمرسوم بقانون رقم (5) لسنة 2002 بالموافقة على الانضمام إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، المعدل بالقانون رقم (15) لسنة 2010.
ورأت اللجنة أهمية الرجوع إلى الاتفاقات للتأكد من كفالة الأسرة وحمايتها باعتبارها نواة المجتمع، والتأكيد على النهج العام للمملكة في حفظ حقوق الإنسان ومراعاتها ومنها حقوق المرأة والطفل، فيما أضافت اللجنة إلى ما تقدم قانون الطفل وقانون أحكام الأسرة (القسم الأول) وقانون الضمان الاجتماعي.
وتضمنت المادة الأولى من مشروع القانون تعاريف خاصة بتطبيق أحكام هذا القانون بالتوافق قدر الإمكان مع الجهات المعنية، وانتهت اللجنة بعد مناقشات مطولة إلى أفضل هذه التعاريف وأكثرها دقة وشمولاً، مراعية في وضعها عدم مخالفتها لأحكام الشريعة الإسلامية والنصوص القانونية السالف ذكرها.
وجاءت المادة الثانية وهي مستحدثة لتحديد أنواع جرائم العنف وتبينها بالإيذاء الجسدي والجنسي والنفسي، لكي تضع للمشروع بقانون إطاراً قانونياً محكماً يمكن القاضي من العمل من خلاله، وعدم إفلات المعتدي من قبضة القانون تحت مظلة الحق الشرعي بالتأديب للزوجة أو الأولاد، إذا هو تجاوز هذا الحق بالاعتداء الجسدي أو الجنسي أو النفسي الذي لا يقره الشرع ولا القانون ولا العرف السائد في المجتمع البحريني.
وخصصت المادة الثالثة لإدارة الإرشاد الأسري تحت إدارة ومسؤولية وزارة التنمية الاجتماعية، بعد التوافق مع الجهات ذات العلاقة والتي رأت عدم جدوى إنشاء اللجنة الوطنية لمكافحة العنف الأسري، والاكتفاء بالدور الفاعل لهذه الإدارة.
ولضمان تنظيم العمل والإشراف على سيره في إدارة الإرشاد الأسري، استحدثت اللجنة كلاً من المواد ( الرابعة والخامسة والسادسة)، بحيث نصت المادة الرابعة على أن تصدر قرارات وأحكام من وزير التنمية الاجتماعية تنظم عمل إدارة الإرشاد الأسري، بينما نصت المادة الخامسة على أن تتولى الأجهزة الفنية المختصة بالوزارة مهمة التفتيش الفني والإشراف المالي والإداري للتحقق من تنفيذ أحكام القانون والقرارات الصادرة تنفيذاً له.
وتنص المادة السادسة «يصدر وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف قراراً بالاتفاق مع وزير التنمية الاجتماعية بتخويل بعض موظفي الأجهزة المختصة المشار إليها بالمادة (5) من القانون صفة مأموري الضبط القضائي».
وبينت المادة السابعة مهام واختصاصات إدارة الإرشاد الأسري والموضوعة بعناية كبيرة وحددت بموجبها الخدمات المقدمة من إدارة الإرشاد الأسري، فيما عملت اللجنة على جمع وتنظيم المهام والاختصاصات الواردة في أصل المشروع، إضافة إلى استحداث ما رأت اللجنة أنه ضروري، وإعادة صياغة الكثير منها لتتناسب مع طبيعة اختصاصات هذه الإدارة بشكل دقيق ومدروس.
وتوضح المادة الثامنة دور الوزارة وتعاونها مع المؤسسات الرسمية كل بحسب اختصاصه، على نشر الوعي في مجال الوقاية والحماية من العنف الأسري، بينما بينت المادة التاسعة حق المعتدى عليه بالتقدم ببلاغ، وأوجبت ذلك على كل من علم بواقعة العنف الأسري بحكم عمله أو مهنته الطبية أو التعليمية، وراعت اللجنة حدود الشكوى وقيودها الواردة في قانون الإجراءات الجنائية.
وحددت المادة العاشرة الإجراءات القانونية والتحفظية الواجب إجراؤها من قبل النيابة العامة والشرطة عند تلقي البلاغ، لحماية المبلغ عن واقعة العنف الأسري، كالحفاظ على السرية، وهي نصوص جديدة ومهمة غير موجودة في أصل المشروع.
وبينت المادة المستحدثة الحادية عشرة، الواجبات المطلوبة من مراكز الشرطة عند تلقي البلاغ من المعتدى عليه، وأعادت اللجنة صياغة المادة الثانية عشرة (المادة 14) في أصل المشروع بقانون، والمتعلقة بتحديد إطار عمل الوزارة مع وزارة التربية والتعليم على تطوير مناهج التعليم للمساهمة في تعزيز ونشر ثقافة نبذ العنف الأسري وتوطيد الروابط الأسري.
وبينت المادة الثالثة عشر «المستحدثة»، الإجراءات الجائز اتخاذها من قبل مراكز الشرطة في حالة تلقي بلاغات بخصوص العنف الأسري.
ولضمان تأمين الحماية اللازمة للمعتدى عليه القاصر أو عديم الأهلية، استحدثت اللجنة المادة الرابعة عشرة ونصت على «يجوز للنيابة العامة أن تصدر قراراً مؤقتاً بنقل المعتدى عليه خارج أسرته لحمايته، بالتنسيق مع إدارة الإرشاد الأسري، على أن يتم عرض المعتدى عليه على المحكمة إذا كان قاصراً أو عديم الأهلية خلال أسبوعين لتحديد الشخص الذي يتولى رعايته سواء بشكل مؤقت أو دائم».
وأجازت المادة للنيابة العامة نقل المعتدى عليه خارج أسرته لحمايته بالتنسيق مع إدارة الإرشاد الأسري، على أن يتم عرض المعتدى عليه على المحكمة إذا كان قاصراً أو عديم الأهلية خلال أسبوعين لتحديد الشخص الذي سيتولى رعايته بشكل مؤقت أو دائم.
وانتقلت المادة الخامسة عشرة «المستحدثة» إلى أمر مهم تفرض من خلالها على النيابة العامة عند تلقي بلاغ بشأن العنف الأسري أن تحرر محضراً عن واقعة العنف الأسري، ورأت اللجنة ضرورة وجود مثل هذا النص لعدم وجود نص مماثل له في قانون الإجراءات الجنائية من حيث تحديد البيانات الواجب بيانها في هذا التقرير والخاصة بالعنف الأسري.
وتضمنت المادة السادسة عشرة «المستحدثة» نصاً مهماً وإجراءً وقائياً وحمائياً للمعتدى عليه أعطاه حق جواز تقديم طلب أمر حماية إلى النيابة العامة تفرض فيه على المعتدي عدم التعرض للمعتدى عليه أو عدم الاقتراب من أماكن الحماية أو أي مكان يذكر في أمر الحماية أو عدم الإضرار بالممتلكات الشخصية للمعتدى عليه أو أي فرد من أفراد الأسرة، وأخيراً تمكين المعتدى عليه أو من يفوضه من استلام متعلقاته الشخصية الضرورية.
ويصدر أمر الحماية من النيابة العامة لمدة لا تزيد عن شهر، ويجوز تجديد أمر الحماية بأمر من المحكمة الصغرى الجنائية على ألا تتجاوز مدة الحماية 3 أشهر في حالة انتهاكه أو خرقه من المعتدي، ولأي من طرفي النزاع التظلم من أمر الحماية خلال 7 أيام من تاريخ إعلانه بطلب إلغائه أو تعديله، ويكون التظلم أمام المحكمة الصغرى الجنائية بشأن الأمر الصادر عن النيابة العامة.
أما إذا صدر الأمر عن المحكمة الصغرى الجنائية فيكون التظلم أمام المحكمة الكبرى الجنائية بصفتها الاستئنافية، من أجل حماية المعتدى عليه من تعرضه للاعتداء من قبل المعتدي أو التهديد أو غيرها من ضروب الاعتداءات، وإعطاء حق لأي من طرفي النزاع التظلم من أمر الحماية خلال 7 أيام من تاريخ إعلانه إليه بطلب إلغائه أو تعديله ويكون التظلم أمام المحكمة الصغرى الجنائية.
وجاءت المادة السابعة عشرة لتحدد عقوبة كل من يخالف أمر الحماية أو أياً من شروطه، وشددت العقوبة على من يخالف أمر الحماية باستخدام العنف تجاه أي من المشمولين بأحكام القانون.
وعاقبت المادة التاسعة عشرة من يعتدي بالعنف الجسدي أو الجنسي أو النفسي المجرمة في المادة الثانية من ذات المشروع، وفرقت في العقاب بين الاعتداء النفسي والاعتداء الجسدي والجنسي.
وجاءت المادة العشرون بنص مهم تراعى فيه الروابط الأسرية وعدم جعل أحكام القانون سبباً في تفكك الأسرة بل سبباً في تماسكها كما نص الدستور والميثاق الوطني من أن للمعتدى عليه أو وكيله في جرائم العنف الأسري أن يتنازل عن الشكوى في أي حالة كانت عليها الدعوى، وتنقضي الدعوى الجنائية بالتنازل، وراعت اللجنة النصوص القانونية الواردة في القوانين الأخرى والخاصة بالتنازل عن الشكوى.
من جانبه أبدى المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية موافقته على مشروع القانون من حيث المبدأ، مؤكداً عدم تعارضه مع أحكام الشريعة الإسلامية الداعية للرفق والتسامح، ونبذ العنف بأشكاله وصوره كافة، ومنها العنف الأسري.
ورأى المجلس استثناء الأفعال التي يأتيها الزوج أو الولي، وعدها من قبيل التأديب الشرعي، من الأفعال المجرمة حسب مشروع القانون حيث إن الشريعة الإسلامية أقرت حق التأديب للزوج والولي.
وطالب بإضافة «لا يعد إيذاءً جنسياً إجبار الزوجة على الجماع، أو مباشرة إحدى مقدماته، إلا في حالة وجود عذر شرعي أو صحي لديها»، وإدخال عدة تعديلات على بعض نصوص المشروع، بما يكفل توافقه التام مع أحكام الشريعة الإسلامية.
بدورها أبدت وزارة الداخلية موافقتها على مشروع القانون وتعديلات اللجنة على ضوء مرئيات كافة الجهات وتحديداً المرئيات المقترحة من المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية.
واقترحت الوزارة وضع تعريف «أمر الحماية»، حيث يعتبر هذا الأمر تنظيماً جديداً على القانون، يستوجب تعريفه ضمن مادة التعريفات بشكل واضح ومحدد.
وأبدت الوزارة تحفظها على المادة (11) ونصت على وجوب اتخاذ مراكز الشرطة كافة الوسائل اللازمة لتوفير «المساعدة والحماية»، وتحديداً كلمة «الحماية»، حيث اعتبرتها غير واضحة لأن الحماية تشمل مجالات كثيرة مقارنة بمحدودية صلاحيات مراكز الشرطة واقتصار دورها على تلقي البلاغات وتقديم المساعدة، وتوفير الحماية للمتضرر ولكن بشكل محدود. وقالت إن المادة يمكن أن تفهم بطريقة تتيح لمراكز الشرطة مهاماً ليست من صلاحياتها، على سبيل المثال إيداع المتضرر في مكان معين بغرض حمايته ما يعتبر أمراً لا يندرج تحت صلاحيات مراكز الشرطة.
واقترحت الوزارة تعديل المادة بشكل أكثر وضوحاً ضمن إطار قانوني وآليات قانونية محددة، واستفسرت عما تضمنته المادة المستحدثة (13) في عبارة «نقل المعتدى عليه»، حيث بينت أن «أمر النقل» ليس من صلاحيات مراكز الشرطة، ويجب أن يتم بموجب أمر صادر عن النيابة العامة.
وتوافقت وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف مع تعديلات المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، فيما عدا بعض الملاحظات إذ توافقت الوزارة مع اقتراح وزارة الداخلية بضرورة تعريف «أمر الحماية» باعتباره تنظيماً جديداً على القانون يستوجب تعريفه بشكل واضح ومحدد.
أما بخصوص (المادة المستحدثة 16) فقد بينت الوزارة أنه في حال صدور أمر حماية من النيابة العامة فيكون «التظلم» أمام المحكمة الصغرى الجنائية وليس الكبرى كما ورد في الفقرة الأخيرة من المادة ، أما في حال صدور الأمر عن المحكمة الصغرى الجنائية فيكون التظلم أمام المحكمة الكبرى الجنائية بصفتها الاستئنافية.