أكد الداعية الإسلامي الشيخ الدكتور عمر عبدالكافي أن «الإسلام يكفل كافة حقوق الإنسان من قبل ولادته وحتى وفاته، ثم في البعث والحساب والجزاء»، مشيراً إلى أن «الرقي الحضاري في الإسلام ينبع من تكريمه للإنسان وهذا هو سر عظمة ذلك الدين، فالرقي الحضاري هو أن يرتبط الإنسان بخالقه ومولاه، ومن ثم يرتقي قلب المرء نحو الله عز وجل». وأوضح أن «قضية الرقي الحضاري للإنسان في الإسلام تبدأ بحقوق الإنسان حتى قبل أن يولد، حيث أعطى الإنسان الحق في أن يختار له أبوه أماً صالحة قبل الزواج، وأن يختار له اسماً مناسباً، لا ينفر منه، ثم حق الجنين في الغذاء والراحة النفسية»، مشدداً على أنه «لا توجد حضارة على وجه الأرض تهتم بالإنسان قبل أن يولد سوى الإسلام، أما بعد الولادة فقد أعطى الإسلام المرأة حق الإفطار في الصوم في حال الحمل، وذلك لحق الجنين في الغذاء والماء».
وأشار د.عبدالكافي إلى «حقوق الطفل في المداعبة والمصاحبة، والتوجيه والنصح، وتحفيظه القرآن، إن كان مسلماً، تنفيذاً لحديث النبي صلى الله عليه وسلم، «لاعبوهم سبعاً وعلموهم سبعاً وصاحبوهم سبعاً».
وذكر أن «المرأة في الإسلام هي المرأة الوحيدة التي لديها ذمة مالية مستقلة، كما إن الإسلام أعطاها حق اختيار الزوج وكذلك حق الخلع». ولفت د.عبدالكافي إلى «حقوق الأقليات في الإسلام»، مدللاً على ذلك «بحقوق العمالة والضعفاء في الإسلام»، واستشهد «بموقف أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه من اليهودي المسن، الذي أمر له سيدنا عمر بأموال من بيت مال المسلمين».
واستعرض د.عبدالكافي «ما قام به أيضاً أمير المؤمنين عبدالملك بن مروان عندما أراد أن يوسع المسجد الأموي، حيث كانت توجد بجوار المسجد أرض عليها كنيسة للنصاري، فطلب منهم أن يمنحوه الأرض بمال فرفضوا، فعرض عليهم أن يبني لهم كنيسة في أفضل مكان يختارونه، فوافقوا، وكان عبدالملك بن مروان يستطيع أن يأخذ تلك الأرض قصراً، لكنه لم يفعل».
وشدد د.عبدالكافي على أن «الحضارة التي تدمر البشرية ليست بحضارة وليس في ذلك رقي»، مشيراً إلى «رقي الإسلام في التعامل مع الخادم والأجير وحق الطريق»، فيما أكد أن «ما قدمه المسلمون من حضارة هو شيء كبير لم يقدمه أحد، لأن الرقي الحضاري في الإسلام يستند إلى رقي المنهج».
وأشار إلى أن «الله خلق الإنسان من تراب الأرض والله أعلم بما ينفعه ويفيده»، معتبراً «وجود سيّدنا آدم وأمنا حواء في الجنة كان بمثابة تمهيد لنزولهما إلى الأرض»، مضيفاً أن «عظمة الإسلام في تكريم الإنسان لم يعطها أي دين آخر، فالله يعلم صفات خلقه، وقد ذكر القرآن تلك الصفات وأبان علاجها، حيث جمع كتاب الله الأوصاف الإنسانية كاملة، فالإنسان بطبيعته جهول يحيط به الجهل في كل مكان، ولذلك يجب عليه أن يعود إلى المنبع وهو الدين، لأن ما يصلحه هو الدين والمراقبة الإلهية، كما إن الإنسان خلق ضعيفاً وعجولاً كما أوضح ربنا عز وجل، ولذلك من المهم أن يستسلم الإنسان لأمر الله».
وبين د.عبدالكافي أن «الإنسان من الأولى به أن يسير على منهج الله، لأن فيه كل الخير له»، مدللاً على ذلك بأن «سيدنا يعقوب عليه السلام لو صارت المقادير وفق ما يتمنى في قصة ابنه سيدنا يوسف عليه السلام، لأعاد الله إليه ابنه فوراً، ولكن الله أراد أن يكون وجود سيدنا يوسف في البئر وغيابه عن أبيه سببين في تربية خبير اقتصادي يحل مشكلات الكون الاقتصادية عند حدوثها».