كتبت - سلسبيل وليد:
أكد خبراء إعلام أن الصحافة الورقية كانت وما زالت تتفوق على وسائل التواصل الاجتماعي في نقل الخبر والمعلومة، عازين ذلك إلى عدم الدقة وصحة المعلومة المنقولة عبر الإعلام الجديد.
وبينوا في تصريحات لـ»الوطن»، أن الصحافة الورقية مولود شرس يدافع عن وجوده بقوة، رغم ظهور وسائل حديثة حاولت بشكل أو بآخر أن تلغيه، مضيفين أن الصحافة المقروءة تكاد تكون المصدر الرئيس للمعلومات لأي قارئ، حيث إن أهم الحسابات المؤثرة على «تويتر» جميعها تعود للصحف أو المحللين السياسيين، و»التويتر» مجرد مكمل يوضح ما عجزت الصحافة الورقية عن توضيحه.
الصحافة الورقية أولاً
وقال مدير وكالة أنباء البحرين مهند سليمان إن الصحافة المقروءة تكاد تكون المصدر الرئيس للمعلومة لأي قارئ سواء على الصحيفة الورقية أو المتابعين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لافتاً إلى أن «تويتر» يلعب دوراً كبيراً في مجال نشر المعلومة، ولكنه يفتقر الدقة في تحري المعلومة وثقة الجمهور.
ودعا إلى تحديث كتب الإعلام أولاً بأول لتواكب الإعلام الجديد لكونها أصبحت تواجه صعوبة، عازياً ذلك إلى «أننا نعيش في ثورة معلوماتية متسارعة، ما جعل الكتب والمناهج غير قادرة على مواكبتها».
وأضاف أن الإعلام الجديد كان يدرس كمقرر واحد، ولكن في الوقت الحاضر يتطلب التركيز عليه في المقررات والمناهج حتى في المدارس، نظراً لوجود مشتركين كثر تتراوح أعمارهم بين 15 و18 عاماً، ما يجعل هذه الفئة محط اهتمام لتعريفهم بالآليات الصحيحة لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي.
ولفت سليمان إلى أن وجود العديد من البرامج والمواقع من الممكن أن تثري عمليات التدريس يتصدرها الإعلام الاجتماعي، وبالتالي يجب أن تحظى بأهمية وأولوية لإيصالها بالصور الصحيحة.
ونبه إلى القصور في تدريس الإعلام مقابل ما نعيشه في الواقع الحالي، رغم وجود بعض المراكز في الجامعات، مبيناً أن بعض الطلبة إلى الآن يعتمدون على الجانب النظري ويقصرون في العملي ويعتبرونه مجرد مقرر تخرج، حيث أن الواقع يتطلب خوض مجالات عديدة والدخول في دورات تدريبية والاستفادة، مشيداً بصحيفة «الوطن» لجهة منحها فرصة لملامسة الواقع الصحافي.
الصحافة المطبوعة باقية
من جانبه أكد رئيس جمعية الصحافيين البحرينية مؤنس المردي أن «التويتة» لن تتغلب على الصحافة الورقية، مشيراً إلى أن «التويتة» تساعد على نشر خبر في الصحافة المكتوبة، ولولا الصحافة لكان «تويتر» يفتقر الأخبار لنشرها، حيث إنه عزز الصحافة الورقية وإذا لم يكن الخبر موجوداً في الصحف فهو غير مضمون والأخبار الأخرى مجرد شائعات، فهو مكمل ومساعد للصحف ولا يمكن أن يحل محل المطبوعة.
وأوضح أن الصحافة في ظل وجود الإعلام الجديد يجب أن تتوافر في الصحافي الموهبة، موضحاً أن الأعراف الصحفية هي الأساس الراسخ تنطلق منها للإعلام البديل، مشيراً إلى أن «الانستغرام» وسيلة ترويج ولكن ليست منافس لـ«تويتر» والصحافة أسلوب يجب أن يدرس.
وقال المردي إنه توجد تجارب حية يجب أن يكون التواصل فيها خطاً موازياً للصحيفة المطبوعة، مضيفاً «أنا أمثل الجريدة ولكن أعطي على المواقع معلومة مختلفة».
وشدد على ضرورة أن تكون الصحافة تخصصاً وليس فرعاً كما في الخارج، ليكون بداخلها فروع عدة، لافتاً إلى أن البحرين زادت أفرع الإعلام والصحافة بعكس الخارج حيث يوجد «كورس».
وأوضح أن بعض المواد في الصحافة تتناول موضوعات عامة، ولا توجد تخصصات استقصائية وخبرية وغيرها، ووجودها يجعل مخرجات التعليم في البحرين أقوى.
وأضاف المردي أن معظم الصحافيين لم يتخرجوا من الصحافة، وكذلك الأشخاص الذي لهم اسم في الصحافة البحرينية، عاداً أن الدراسة الصحافية تصنع الصحافي، وهو يستطيع أن يفرض نفسه دون دراسة الصحافة، فهي إبداع شخصي وموهبة تتطور.
وسائل الإعلام لا تلغي بعضها
فيما قال مراسل قناة العربية محمد العرب إنه في عام 1890 ولدت الصحافة الصفراء لأول مرة وسمـيت بذلك لأنها صحافة فضائح تستخدم الورق الأصفر الرخيص، حيث قالوا حينها إنها ستقضي على الصحافة الورقية، ثم انتشرت وسائل التواصل الاجتماعي وكان أولها الفيسبوك، وقالوا سينهي جيل الصحافة الورقية، ولكن إلى الآن لم تقض على الورقية، مؤكداً أن أي وسيلة إعلامية يمكن أن تحجب أخرى.
وأوضح أنه أهم حسابات المؤثرة في «تويتر» أو أي وسيلة تواصل اجتماعي جميعها حسابات تابعة للصحف وشخصيات سياسية وتعود للوسائل التقليدية، مبيناً أن الصحافة الورقية مولود «شرس» يـــدافع عن وجوده بقوة.
وقال إن أي وسيلة إعلامية تفرض نفسها، حيث إن «التويتـــة» فرضت وجودها لاعتمادها علـــى الاختصار والمباشرة والسرعة في الانتشار، لافتاً إلى أن موضوع المصداقية مازال جدلياً حتى في وسائل الإعلام التقليدية.
ونبه إلى وجود وسائل إعلام لم تكن صادقة في إيصال معلومات عن أحداث البحرين، مؤكداً أن الجمهور هو الحكم ويحدد المصداقية، حيث إن كل وسيلة إعلام هي مرآة للواقع ولكن تكون أمام المغرد «أنا أنقل ما أراه وليس كل المشهد».
وأضاف العرب «نحتاج في كليات الإعلام أن نبدأ في تدريس الإعلام الحديث وكيفية طرح الموضوع وتعليم الوافد الجديد ـ وسائل التواصل الاجتماعي- لأنه فرض نفسه»، مشيراً إلى أن رئيس الولايات المتحدة يقيم مؤتمراً صحافياً للمغردين.
الصراع الإعلامي
من جانبه قال الأستاذ المساعد بجامعة البحرين د.كمال الغربي، إن القضية المطروحة الآن في نوع من الصراع بين منظومتي الإعلام الجديد والتقليدي والمتضمن بالأساس من وسائط الإعلام الاجتماعي، فهي منظومة تعمل على حده وتعتمد على إعلام «نحن» وهو إعلام فردي وليس جماهيرياً، وينطلق من جهة إلى أشخاص كثر.
وأوضح أن الإعلام الجديد خارج عن كل الأطر المنهجية المعيارية وكل المعايير التي بنيت لسنين طويلة في إطار تنظيم الإعلام التقليدي لتدخل في مساق العلوم.
وأشار إلى أن وسائل الإعلام الاجتماعي جاءت وقلبت المعادلة والموازين، وطرحت نفسها بديلاً وبتفوق في إسقاط الضوء على مساحات مظلمة عجز عنها الإعلام الورقي، ولكن ليس على قدر كبير في أن يقضي على الإعلام التقليدي، وإنما جاء بديلاً للتصدي لما هو وصاية أو رقابة على الإعلام.
وبين أن أكبر ميزة له وأكثر ما يستهوي الناس هو القدرة على الخروج عن المقيدات التي تجعل منه شبيهاً بالإعلام التقليدي وخارج المعايير إذا كان خارج الأطر، مضيفاً «نحن الآن خارج هذا المجال وخارج معايير والقيم المطبقة».
وأشار الغربي إلى أنه إعلام حر خارج كل المعايير ولا يخضع لمعيار موجود سلفاً، وربما موجود على السموات القريبة وسيبقى لفترة طويلة، مؤكداً أنه نجاحة تضمن فوضى كبيرة بمعنى «نجاح سلبياته»، حيث أنه وكما انار مناطق معتمة أيضاً خلق نوعاً من الفوضى والانحراف في المجال الإعلامي والخروج عن المألوف بالمبالغ فيه، واخترق كل الأطر المعيارية والتقاليد والأعراف.
وأضاف «علينا أن نبدأ في تقنيين عمل هذا الإعلام، وإلقاء الضوء لكل ما كان معتماً، فنحن لا زلنا في فترة انبهار نهوى تجربة ما هو جديد ونحتاج لوقت لنعرف ماهو الأفضل والأجدر، حيث إن كفاءته من أمرين إثنين أولاً بتغطية مناطق مظلمة ومعتمة، إضافة أنه جعل صوت الكثيرين مسموعاً»، مشيراً إلى وجود أشخاص سلط الضوء عليهم ونجحوا عبر وسائل التواصل الاجتماعي حيث إنه أعطى فرصة أن يبرز كل شخص نفسه وأن يعبر عن نفسه.
وأكد الغربي أنه مستمر في تدريس الإعلام طالما لاتزال في العالم صحافة مكتوبة، مستدركاً «لكن بأسلوب مغاير عن ذي قبل، لأن قوانين الصحافة بدأت تطور نفسها لأن المشهد الإعلامي والاتصالي وطالما تغير لابد أن تواكبه تطورات في التدريس».
وقال إن وجود الوسائل الحديثة لم يمنع من أن تدرس الصحافة وفق المعايير القديمة، باعتباره إرثاً ممتداً لمئات السنين واستمر 5 قرون ولا يمكن أن يلغى فجأة، حيث إن صحافة الراديو من العشرينات والتلفزيون من الثلاثينات، فلا يمكن أن يلغى «بين عشية وضحاها».
وشدد على ضرورة أن تستفيد وسائل الإعلام من هذه الوسائط في التدريس الجامعي، ولابد أن تدرج الوسائط الجديدة للإعلام الاجتماعي ضمن البرامج الأكاديمية وأن تكون هناك دروس باستقلاليتها، وأن تدرج ضمن الدروس التقليدية في الصحافة والتلفزيون، والتركيز عليها كعنصر جديد غير من الشكل الإعلامي ولا يمكن تجاهله.
ولفت إلى أن جميع الجامعات تقريباً اهتمت بشكل أو بآخر بالإعلام الجديد، حيث أن جامعة البحرين نظمت مؤتمراً حول التكنولوجيا، كاشفاً عن وجود مؤتمر حول الإعلام الاجتماعي قبيل نهاية 2014.
وبين الغربي أن الإعلام القديم يجافي الواقع بأنه لا يتحرى قيمة أسسية في الصحافة والإعلام وهي قيمة الدقة وتحريها في نشر المعلومة، وصحة المعلومة، حيث أن الصحافي يحتاج أن يتحرى الدقة حتى يعكس الواقع تماماً مثلما هو عليه.
وأضاف أن الصحافة «مرآة للواقع تعكسه كما هو»، والصحافي هناك من يراقبه وهناك «حارس بوابة» يقف عائقاً دون نشر أخبار مغلوطة وهذا ما يفتقره الإعلام الاجتماعي.
وأوضح أن الإعلام بات أسرع مما يجب، إذ بضغطة زر تتسع حلقة المتلقين للخبر وكلما اتسعت هذه الحلقة كلما تتسع دائرة أشخاص يصدقون الخبر دون تحر.