يبدو أن عودة الطفل إلى أهله وبيته يومياً بألفاظ بذيئة وسوقية، بات أمراً مؤرقاً للكثير من الآباء، إذ إنه «في المدرسة والروضة يتعلم أطفالنا كل شيء حتى الألفاظ البذيئة والمسيئة»، بحسب سمية علي التي أكدت أن طفلتها تعود بعض الأحيان بألفاظ سوقية إلا أنها تدأب على أن تنسيها إياها.
وتقول سمية علي: «صدمتُ، عندما سمعت ابنتي ذات الخمس سنوات تتلفظ بألفاظ سيئة بعد عودتها من الروضة (..) وكردة فعل وبغضب صرخت عليها .. من علمك؟! عيب !!، ودهشت من أمرها عندما عادت وكررت هذه الألفاظ».
وتضيف: «إلا أني أدركت بأن الطريقة في منعها خطأ.. فشغلتها في أمر آخر حتى لا تتلفظ هذه الكلمات ومن ثم علمتها بأن لا تتلفظ هذه الكلمات».
العوامل الخارجية
ويقول عبدالرحمن علي إن «الطفل من غير إدراك ربما يتلفظ الكلمات السيئة فقد يسمعها من أقرانه في الروضة أو المدرسة أو حتـــى «الفريـــج» بالتالـــي يصعـب على الأسرة والمتمثلة في الأم والأب تعليم الابن أو الطفل بأن هذه الألفاظ سيئة ويجب ألا نستخدمها، لأنه في أحيان كثيرة تكون العوامل الخارجية (الأصدقاء، الفريج..) أكثر تأثيراً من التربية الأسرية».
ويضيف أن «الطفل يكون في المدرسة لفترة طويلة ومن ثم مع أصدقائه في الفريج ويتعلم منه هذه الألفاظ والسلوكيات. بالتالي هنا يأتي دور الأم في معرفة أصدقاء هذا الطفل ومحاولة ابتعاده عن أقران السوء».
بدورها تذهب موزة رمضان إلى أن «الطفل يتعلم الألفاظ والسلوكيات الخاطئة من المدرسة، ومن غير إدراك منه يقوم بالتلفظ بها أمام الجميع، فهنا تشعر الأم بالضيق لأن تربية البيت تختلف عن تلك السلوكيات التي تعلمها من المدرسة والطالبات، وتقع في دوامة صعوبة تصحيح هذا الاعوجاج السلوكي، لأنه طفل ربما يعاند».
وتابعت: «هذا ما حصل مع ابني ذي الست سنوات، لاحظت مؤخراً بأنه بدأ يتعلم كلمات غريبة كأنه يصف إخوانه في البيت بأسماء الحيوانات، وعندما سألته قال (الطلاب في المدرسة كل يقولون جذي)، وعندما منعته أخذ بالعناد وتكرار هذه الكلمات، حتى فهمت وعلمته أن هذا الأمر لا يجوز وقام توصيل هذه المعلومة إلى المدرسة والآن إن سمع هذه الألفاظ يسارع بإبلاغ المدرسة عنها».
ولم يكن يوسف بمنأى عن سابقته إذ أكد أنه «من الصعب تصحيح ما يتعلمه الأطفال لأن الطفل لا ينسى بسرعة بعض الألفاظ، فقد تعلم ابني كلمات مسيئة من أصدقائه، حاولت ووالدته تعليمه بأن هذا أمر غير صحيح إلا أنه يعاود استخدامها حتى اضطررت إلى استخدام أسلوب الضرب الخفيف».
أسباب الظاهرة
ترجع ظاهرة الألفاظ السيئة لدى الأطفال لأمرين أساسيين:الأول:- القدوة السيئة وهي التي تقود الطفل إلى أن يتعود ترداد الألفاظ المنكرة، لذا وجب على المربى أن يراعي ذلك جيداً في تعاملاته مع الطفل، والثاني:-الخلطة الفاسدة : وهي تتمثل في قرناء السوء ورفقاء الفساد لذلك وجب تجنب الطفل لعب الشارع وصحبة الأشرار.
طرق الإصلاح
مراقبة احتكاك الطفل بالغير: فيجب عموماً مراقبة احتكاك الطفل بالغير، ومعرفة اللغة المستخدمة بين من يختلطون بالأسرة عموماً، وبالطفل خصوصاً ومراقبة البرامج الإعلامية التي يستمع إليها، واللغة المستعملة والحرص على أن تكون اللغة المستعملة بين الوالدين وبعضهما، وبينهم وبين الأولاد ألفاظاً لائقة، كما إن اكتشاف الوالد أن الابن ينطق ألفاظاً غير لائقة تجعله يشدد الرقابة على ذلك كله، وتحديد المطلوب تغييره :اللفظ أم الأسلوب: فقد يكون اللفظ مجرد طريقة تلفظ بها الطفل بصورة مرفوضة مثلاً إذا قال الطفل وهو غاضب : لا أريد ،لماذا تمنعوني أنا بالذات؟ فهذه كلمات تعبر عن رأي بأسلوب غير صحيح، وليست لفظاً غير لائق .ولإجراء التصحيح لابد من تحديد المطلوب تغييره، وتوضيح ذلك للطفل هل هو لفظ غير لائق أم أسلوب غير صحيح؟ وأيضاً تشجيع الطفل على علاج القصور في شخصيته : وذلك عن طريق تحفيز الطفل لزيادة السلوك الإيجابي . فالقصور السلوكي هو ضعف سلوك إيجابي، أو قلة عدد تكراره، مثل ضعف التحصيل أثناء المذاكرة، أو قلة عدد ساعات المذاكرة فأمثال هذا القصور يحتاج لعلاج. لذا من المهم جداً أن يتعرف المربي على جوانب القصور السلوكي ليعالجها قبل أن تصبح إدماناً لدى الطفل. فما أجمل الولد الذي يعالج قصوره ليتلفظ الألفاظ الجميلة والكلمات الحلوة الطريفة وما أحسنه حين يصبغ شخصيته بالتعبيرات الظريفة والمنطق الرصين.