عواصم - (وكالات): تستعد القوات العراقية لشن «هجوم كبير» في مدينة الفلوجة التي يسيطر عليها مقاتلون مرتبطون بتنظيم القاعدة، في وقت أكدت واشنطن أنها تساند بغداد في معركتها مع القاعدة رافضة إمكان نشر جنود أمريكيين على الأرض، بينما أعلن نائب رئيس الأركان الإيراني الجنرال محمد حجازي أن بلاده مستعدة لمساعدة العراق عسكرياً في قتاله ضد مسلحي تنظيم القاعدة.
وقال مسؤول حكومي عراقي إن «القوات العراقية تتهيأ لهجوم كبير في الفلوجة وهي حتى الآن لم تنفذ سوى عمليات نوعية بواسطة القوات الخاصة ضد مواقع محددة».
وأضاف «الجيش حالياً ينتشر في مواقع خارج المدينة ليسمح للسكان بالنزوح إلى أماكن أخرى قبل شن الهجوم لسحق الإرهابيين».
بدوره، قال قائد القوات البرية في الجيش العراقي الفريق علي غيدان «لا علم لدينا عما يجري في الفلوجة، ولكن على الفلوجة أن تنتظر القادم».
وخسرت القوات الأمنية العراقية الفلوجة بعدما خرجت عن سيطرتها ووقعت في أيدي مقاتلين مرتبطين بتنظيم القاعدة، لتتحول من جديد إلى معقل للمتشددين بعد 8 أعوام من الحربين الأمريكيتين.
وقال مصدر أمني عراقي رفيع المستوى في الأنبار أن الفلوجة التي لا تبعد عن العاصمة بغداد سوى 60 كلم «خارج سيطرة الدولة وتحت سيطرة تنظيم «داعش»»، في إشارة إلى تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، الفرع العراقي والسوري لتنظيم القاعدة.
وأضاف المصدر أن المناطق المحيطة بالفلوجة التي أعلنت ولاية إسلامية «في أيدي الشرطة المحلية»، بينما ذكر قائد شرطة الأنبار هادي رزيج أن «أهل الفلوجة أسرى لدى عناصر داعش»، مؤكداً أن الشرطة انسحبت بالكامل إلى أطراف المدينة.
وتدور اشتباكات متقطعة عند أطراف الفلوجة، فيما يعم الهدوء مركزها، وسط استمرار نزوح العائلات خوفاً من المعارك المقبلة. وفي الرمادي غرب بغداد، تدور اشتباكات متقطعة داخل المدينة بين القوات الأمنية ومسلحي العشائر من جهة، وتنظيم «داعش» من جهة ثانية، غداة تحقيق القوات الحكومية تقدماً فيها. وتعمل القوات الحكومية مدعومة بمسلحي العشائر على طرد مقاتلي «داعش» من آخر المناطق التي يسيطرون عليها وخصوصاً تلك الواقعة شرق المدينة.
وقال غيدان إن «المدينة تم تطهيرها بشكل كبير لكن هناك بعض الجيوب يجري معالجتها الآن، وهي محاولة من داعش للاستمرار كي يحصلوا على دعم من خارج المدينة ومحاولة إسنادهم بعد طردهم منها وقتل العشرات منهم». وأعلن غيدان مقتل 11 مقاتلاً أفغانياً ومن جنسيات عربية مختلفة على الطريق السريع المؤدي إلى الفلوجة من بغداد، بعد يوم من مقتل 55 مقاتلاً من «داعش» و8 عسكريين ومسلحين اثنين من العشائر التي تقاتل التي جانب القوات الحكومية. وذكر من جهته شاهد عيان أن تنظيم «داعش» تمكن من السيطرة على قرية البوبالي شرق الرمادي بعد معارك مع قوات حكومية ومسلحي العشائر. وهذه أسوأ أعمال عنف تشهدها محافظة الأنبار السنية التي تتشارك مع سوريا بحدود تمتد لنحو 300 كلم منذ سنوات وهي المرة الأولى التي يسيطر فيها مسلحون على مدن كبرى منذ اندلاع موجة العنف الدموية التي تلت الاجتياح الأمريكي عام 2003.
واستغل تنظيم «داعش» إخلاء قوات الشرطة لمراكزها في الفلوجة والرمادي وانشغال الجيش بقتال مسلحي العشائر الرافضين لفض اعتصام سني مناهض للحكومة الاثنين الماضي، لدخول الرمادي والفلوجة بشكل علني للمرة الأولى منذ سنوات. وتشكل سيطرة تنظيم القاعدة على مدينة الفلوجة حدثاً استثنائياً نظراً إلى الرمزية الخاصة التي ترتديها المدينة التي خاضت معركتين شرستين ضد القوات الأمريكية في 2004. وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري «سنقف إلى جانب حكومة العراق التي تبذل جهوداً ضد القاعدة، لكنها معركتها وهذا الأمر حددناه من قبل». وأضاف «سنساعدهم في معركتهم وهي معركة عليهم الفوز فيها في نهاية المطاف»، مؤكداً أن الولايات المتحدة «لا تفكر في نشر قوات على الأرض». وفي ديسمبر الماضي، أعلن دبلوماسي أمريكي أن الولايات المتحدة سلمت العراق صواريخ وتستعد لتزويده طائرات استطلاع من دون طيار لمساعدة بغداد في احتواء تصاعد أعمال العنف الدامية التي يرتكبها المسلحون المرتبطون بالقاعدة. في شأن متصل، أعلن نائب رئيس الأركان الإيراني الجنرال محمد حجازي أن بلاده مستعدة لمساعدة العراق عسكرياً في قتاله ضد مسلحي تنظيم القاعدة. وقال المسؤول العسكري الإيراني «إذا طلب العراقيون ذلك فسوف نزودهم بالعتاد والمشورة ولكنهم ليسوا بحاجة إلى جنود». وأضاف أن الجانب العراقي لم يقدم «طلباً لإجراء عمليات مشتركة ضد الإرهابيين التكفيريين»، في إشارة إلى مقاتلي القاعدة.
وعاش العراق في 2013 سنته الأعنف منذ نهاية النزاع الطائفي في 2008، بعدما تصاعدت أعمال العنف بشكل كبير وخصوصاً تلك التي تحمل طابعاً مذهبياً، يغذيها شعور السنة بالتهميش، والحرب في سوريا المجاورة. وقتل أمس 19 شخصاً وأصيب 40 في سلسلة تفجيرات بسيارات مفخخة وعبوة ناسفة ضربت بغداد، بحسب ما أفادت مصادر أمنية وطبية.