ضمن الفعاليات المصاحبة لمهرجان أفلام الوحدة الوطنية الدولي، دعت جمعية الشبيبة محبي السينما إلى حضور معرض (أيامنا الحلوة) للمخرجة اللبنانية تمارا إسماعيل، بنادي الخريجين بالعدلية من ‏‏18 إلى 21 الحالي.
ومعرض (أيامنا الحلوة) معرض أفيشات وملصقات أصلية لأفلام عربية وأجنبية قديمة، انطلق في بيروت في نسخته الأولى وسيعرض في البحرين، وهو عبارة عن توثيق يروي مسيرة السينما العربية والعالمية منذ فترة الستينات حتى عصرنا الحاضر عبر تجميع مجموعة نادرة من الملصقات الأصلية للأفلام.
اللجنة المنظمة للمهرجان أشارت إلى ازدياد الاهتمام بالملصق السينمائي اللبناني والعربي القديم، «هناك من يبحث عنه في أمكنة متفرّقة. ينبش الماضي. يفتح خزائن. يسأل أناساً معنيين به. الملصق السينمائي يلفت انتباه البعض. يصبح، مع هذا البعض، أشبه بلوحة فنية. يعتني به «مهووسون»، يستعيدون جانباً فنياً فيه كاد يفقده على مرّ السنين. ينقبون عن دلالاته وألوانه وأشكاله ونسخاته. يقرؤون ارتباطاته بالجغرافيا والزمن. يدرسون ويحللون».
وأضافت: لم يعد الملصق السينمائي عادياً، أو سلعة تجارية. أو ماركة دعائية أو إعلامية أو ترويجية لهذا الفيلم أو ذاك. بات «تحفة» منشودة، يطاردها مولعون بها. يصرّ هؤلاء على جمع الملصقات وتوضيبها. ترميمها محتاج إلى تكاليف وميزانيات. مع هذا، لا يتردّد مهتمون بها عن تأمين حدّ أدنى من الصيانة والحماية. عن وضعها في أطر زجاجية أحياناً. يذهب البعض إلى ما هو أبعد من هذا كله: إلى عرضها أمام الجميع. المأزق، ألا «جمهور» لها. أن قلة قليلة تأتي، وتشاهد، وتتفحص، وتسأل، وتتمتع، وتقول ملاحظاتها. تمارا إسماعيل تسير في الطريق نفسها. بدأ الأمر معها أثناء الدراسة الجامعية في «ألبا». أرادت إكمال دراستها بإنجاز رسالة ماجستير عن الإنتاج السينمائيّ المشترك بين لبنان ومصر في الستينيات. تحدّثت إلى جورج نصر، إلى عفيف المدلّل. مع هذا الأخير، اكتشفت الملصق السينمائي، وجمالياته الفنية. «أيامنا الحلوة» (1955) لحلمي حليم، و»عصابة النساء» (1970) لفاروق عجرمة كانا أشبه ببداية: «ملصقان جميلان، خصوصاً ملصق «عصابة النساء». تمعنت فيه كثيراً؛ طريقة الرسم، استخدام الألوان»، كما قالت تمارا إسماعيل. أضافت إن هذا الملصق تحديداً دفعها إلى بدء تلك الرحلة: «ليست الملصقات فقط، بل ما كان يسمى بـ»كراتين» أيضاً، تلك التي تطبع عليها صور وملصقات». ذهبت إلى الصالات السينمائية القديمة. سافرت إلى القاهرة. أمضيت نحو ثمانية أشهر وأنا أفتّش عن كل ملصق قديم يمكن العثور عليه. تعرّفت إلى عبودي أبو جودة عبر الزميل محمد همدر. انبهرت بما لديه. موسوعته كبيرة. اشتريتُ من عنده بعض الملصقات، كـ»دعاء الكروان» (1959) لهنري بركات، و»الحرام» (1965) لمدحت بكير. و»الأرض» (1970) ليوسف شاهين. «ساعدني أبو جودة في عملية البحث في القاهرة». هناك، زارت إسماعيل شركات إنتاج، وموزّعين، وأصحاب صالات. هناك غاصت في عالم يكاد يندثر: «التقيتُ عاملين سابقين في أستوديوهات كبيرة، أدركوا، في لحظة ما، إن عليهم الاحتفاظ بأكبر قدر ممكن من الملصقات، كلّما وجدوا أنفسهم في خضمّ عملية بيع وشراء مثل هذه الأستوديوهات. لم يتسنّ لي البحث عمن كان يعمل في صناعة الملصق. لكن الملصقات، بحدّ ذاتها، تفصح عن أشياء كثيرة متعلقة بفن الرسم والخطوط والألوان». تجد تمارا إسماعيل في الملصقات اللبنانية والعربية تاريخاً سينمائياً موازياً لتاريخ صناعة الأفلام: الإنتاجات المتفرّقة. الإنتاجات المشتركة بين مصر وسوريا ولبنان وتركيا. تجد فيها مساراً يحدّد مكانة الملصق وقيمته الفنية: «منذ السبعينات، بدأت القيمة الفنية للملصق تتراجع. الخطّ العربي كان مهماً جداً في تلك الفترة. هناك مسألة الجرأة. إلقاء نظرة على تلك الملصقات كفيلٌ بكشف مدى جرأة لبنانيين في كيفية اختيار التصاميم الخاصة بصناعة الملصق، وكيفية اختيار صُور الممثلات، واستخدام الألوان». أكثر من ذلك، اكتشفتْ وجود أكثر من نسخة واحدة لبعض الملصقات: «هذا مرتبط بالسوق. توزيع فيلم مصري في القاهرة محتاج إلى ملصق يختلف عن ذاك الخاصّ بالفيلم نفسه إذا تمّ توزيعه في الإسكندرية مثلاً، أو في بيروت. العكس صحيح. ملصقات لبنانية عديدة صنعت منها نسختان أو ثلاث. هناك أيضاً نسخٌ لبنانية لملصقات مصرية. لديّ مثلاً النسخة اللبنانية من ملصق الفيلم المصري «خلي بالك من زوزو» (1972) لحسن الإمام. هذا يؤدي بالمهتم إلى اكتشاف أساليب مختلفة في صناعة ملصقات فيلم واحد. أحياناً، يعرض الفيلم الواحد أكثر من مرّة، في أوقات مختلفة. هذا يحتاج إلى أكثر من ملصق. فيلم ما عُرض للمرّة الأولى في عام محدّد. بعد عامين أو أكثر أُعيد عرضه. لكل مرّة، هناك ملصق يختلف، كثيراً أو قليلاً، عن الملصق السابق».