تونس - (وكالات): أعلن رئيس الوزراء التونسي علي العريض أنه قدم أمس استقالته تنفيذاً لاتفاق لحل أزمة سياسية مستمرة منذ أشهر في البلاد التي تشهد مرحلة جديدة من انعدام الاستقرار بسبب نزاعات اجتماعية تتخللها صدامات بسبب فرض ضرائب جديدة. وبالتوازي مع ذلك تبنى المجلس الوطني التأسيسي فصلاً في الدستور التونسي الجديد نص على المناصفة بين المرأة والرجل في المجالس المنتخبة وهو نص فريد من نوعه في العالم العربي وتتعين المصادقة عليه مجدداً.
وقال العريض خلال مؤتمر صحافي «كما كنت تعهدت منذ فترة طويلة قمت بتقديم استقالة الحكومة» إلى الرئيس المنصف المرزوقي. وأضاف «كلفني الرئيس بالسهر على تسيير شؤون البلاد ريثما يتم تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة مهدي جمعة» وزير الصناعة الحالي. وتم اختيار جمعة في ديسمبر الماضي لخلافة العريض ولتشكيل حكومة مستقلين لقيادة البلاد إلى انتخابات في 2014.
وأشار العريض إلى أن ظروف تقديمه استقالة حكومته، كما حددها اتفاق الطبقة السياسية التونسية الشهر الماضي، قد نضجت بعد أن تم تشكيل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ومع تقدم عملية التصويت على مشروع الدستور الجديد. وبحسب الاتفاق فإن وزير الصناعة في الحكومة المستقيلة مهدي جمعة سيكلف من الرئيس المرزوقي بتشكيل حكومة مستقلين لتقود البلاد حتى تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية في 2014.
وعند تكليف جمعة رسمياً، المتوقع اليوم، فسيكون أمامه 15 يوماً لتشكيل حكومته التي يتعين أن تحصل على ثقة المجلس الوطني التأسيسي.
وجاء ذلك الاتفاق في ديسمبر الماضي إثر مفاوضات صعبة وتأجيل متكرر، لحل أزمة سياسية عميقة دخلت فيها تونس إثر اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي في يوليو 2013.
من جانب آخر واصل المجلس التأسيسي التصويت على مشروع الدستور فصلاً فصلاً باعتماده بأغلبية ضعيفة، فصلاً لا سابق له نص على المناصفة بين المرأة والرجل في المجالس المنتخبة.
ونص الفصل 45 المصادق عليه بـ 116 صوتاً في المجلس الذي تتمتع فيه حركة النهضة الحاكمة بأغلبية نسبية، وعارضه 40 واحتفظ 32 نائباً بصوته، على أن «تلتزم الدولة بحماية الحقوق المكتسبة للمرأة وتعمل على دعمها وتطويرها. تضمن الدولة تكافؤ الفرص بين المرأة والرجل في مختلف المسؤوليات وفي جميع المجالات. تسعى الدولة إلى تحقيق التناصف بين المرأة والرجل في المجالس الانتخابية. تتخذ الدولة التدابير الكفيلة بالقضاء على العنف ضد المرأة». وإثر المصادقة على الفصل وقف النواب وأدوا النشيد الوطني.
وبحسب مرصد «البوصلة» لمراقبة التصويت في المجلس فإن نصف نواب حزب النهضة الإسلامي (89 نائباً) ، صوت لفائدة هذا الفصل.
وقد صادق المجلس الوطني التأسيسي على فصل عام يقر بأن «لكل المواطنين والمواطنات نفس الحقوق والواجبات وأنهم متساوون أمام القانون بدون أي تمييز».
وتعهدت الطبقة السياسية في تونس بتبني الدستور الجديد قبل 14 يناير الجاري الذي يصادف الذكرى الثالثة لثورة 2011. وتم التصويت في أسبوع على ثلث الفصول تقريباً «146 فصلاً».
ويأتي اليوم المشحون بالأحداث السياسية في تونس وسط ظرف اجتماعي متوتر إثر الإعلان عن ضرائب جديدة.
وفي خطابه الأخير قبل إعلان استقالته، صرح العريض أنه علق تطبيق سلسلة من الضرائب الجديدة في مجال النقل أدت إلى صدامات بين متظاهرين وقوات الأمن خصوصاً في المناطق الداخلية المهمشة التي كانت شكلت مهد الثورة التونسية أواخر 2010.
ومنذ بداية الأسبوع شهدت بعض مناطق البلاد الأكثر فقراً مواجهات بين متظاهرين والشرطة وقطع آخرون حركة السير على الطرقات من حين لآخر.
وحرق متظاهرون عدة مبانٍ في فريانة والمكناسي وهي مناطق فقيرة وسط غرب تونس.
وخرج المئات من المتظاهرين في ولاية القصرين وهاجموا مقر القباضة المالية ومركز شرطة ومصرفاً وبناية تابعة للبلدية قبل حرقها.