كتبت - شيخة العسم:
أحياناً بسبب ضيق الوقت، وأحياناً أخرى بسبب تعب الوظيفة، ومرات بسبب المزاج، ومرات بسبب الخجل من الذهاب للناس دون هدية!، كلّ هذه أسباب، لكن النتيجة واحدة وهي أن الناس لم يعودوا يرغبون في تبادل الزيارات، «المواجيب» حتى في المناسبات!.
فايزة محمد -43 سنة- تؤكد أن الزيارات باتت ثقيلة جداً فمع انشغال الناس وقصر الوقت وعدم وجود وقت فراغ أصبحت «المواجيب» ثقيلة بالنسبة لكثير من الناس، مضيفة: شخصياً أجد أن هذه الزيارات صارت للتفاخر والتباهي لا غير، وأصبحت أتثاقل من زيارة أحدهم لي، وأقوم بالاعتذار أو التهرب أحياناً ليس لأمر سوى أن الوقت لا يسعفني لمثل هذه الزيارات والمجاملات.
بالغصب وليس اختياراً
كذلك ترفض شيماء جمال -29 سنة- أن يغصبها أحد على زيارة الناس كما تفعل أم زوجها، «تصر أم زوجي على زيارتي معها إلى أهلها في حال الولادة والعرس والتبريكات عموماً، وتلح علي بالذهاب، لكنني لا أستلطف أهلها أبداً، وتفكيري واعتقادي وكلامي لا يتناسب معهم، فأظل في الموجب صامتة وأضطر لأن أجامل أحياناً حتى لا تزعل مني».
المشكلة نفسها تعاني منها خديجة راشد -31 سنة- وبشأن ذلك تقول: في كل مناسبة يلح زوجي علي بزيارة أهله حتى لا يتكلمون من ورائي، حتى لو كانت الزيارة إلى بيت والدة «كنة» خالته! وهي بعيدة كل البعد عني. لكن زوجي يريدني مع أهله دائماً، ليس هذا فقط، بل إن لهذه الزيارة ضريبة فزوجي يقول من «العيب» الزيارة و«اليد خالية» لا بد أن يأخذني لشراء حلويات، حتى لا يتحدثون عني بأنني «ما أعرف السنع» وأقل صحن حلوى بثمانية أو عشرة دنانير، أما في مناسبات الولادة مثلاً فتتكلف ميزانية، فأهله يقيمون حفلات وأعياد ميلاد وغيرها في كل أسبوع، لكن ليس باليد حيلة.
بل زيارة محببة
في المقابل تجد سميرة صالح -32 سنة- في الزيارات أمراً محبباً، وتقول صالح: عندما يدعونني أحد أستعد لهذه الزيارة وأسعد بها وخصوصاً الغرباء، مثلاً أناس لم أعتد زيارتهم، فهو مكسب لمعرفة أناس جدد وأصدقاء جدد، كما إن صديقتي تأخذني معها لزيارات و«مواجيب» أهلها ولله الحمد لم أدخل على أحد بدون أن آخذ معي شيئاً وهناك محل للحلويات أصبحت عميلهم وزبونتهم الدائم لأي زيارة أتجه لهم لشراء صحن حلويات بثلاثة دنانير إلى خمسة دنانير، المهم ألا أحرج أمامهم.
كذلك ترى الجدة كلثم في الزيارة «مواجيب»، وتتذكر جانباً من الماضي بقولها: كنت أنا وجاراتي نتجمع ونتزاور يومياً كل يوم نقوم بزيارة إحداهن، وكنا نذهب لأهل أي جارة تطلب منا الذهاب معها لزيارة أهلها، ولم نكن حينها نحتاج لأخذ معنا حاجات غالية كاليوم، إن حصل لدينا «خلق» قماش أخذناه كهدية وإن لم يكن فالأمر سيان، أما بالنسبة لي مازلت أحب زيارة أحبابي وجيراني القدامى نتذاكر أيام زمان بعفوية «وبدون تصنع» ومن حولي ولم تتوقف العادة، ولكن عندما أزور أحد البيوت مع بناتي فإنهم لابد أن يقوموا بشراء حلوة أو طعام وخصوصاً إذا كانت الزيارة أول زيارة لنا لهم .
اندثرت دون رجعة
حياة عبدالله -44 سنة- تؤكد أن هذا اللون من الزيارات اندثر، مضيفة: نادراً ما نجد اليوم زيارات سواء للأهل أو المعارف!، أصبح الناس يستثقلون زيارة بعضهم البعض، بالإضافة إلى توافر وسائل الاتصال الحديثة. وفي أكثر من موقف ومناسبة يتواصل معارفي عن طريقها، إلى درجة أنهم هنئوني بحفيدي الأول عن طريق التلفون بدون الزيارة، وكانت ابنتي تقول: لا أريد الهدية، أريدهم فقط أن يفرحوا لي ويباركوا مولودي.