عواصم - (وكالات): يرى خبراء ومحللون سياسيون أن الجيش العراقي قد يواجه تحدياً أشد خطورة من ذلك الذي تعرضت له القوات الأمريكية إذا حاول استعادة مدينة الفلوجة التي يسيطر عليها مسلحون منذ الأسبوع الماضي مع احتمال سقوط الكثير من الضحايا المدنيين. ومازال مسلحون من أبناء العشائر وآخرون من تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» «داعش» يسيطرون على مدينة الفلوجة غرب بغداد.
وقالت جيسيكا لويس وهي ضابط سابق في استخبارات الجيش الأمريكي وتعمل حالياً مديرة بحوث في معهد لدراسة الحرب إن «قوات المارينز واجهت صعوبات عند اقتحام الفلوجة في عام 2004، والجيش العراقي غير مهيئ لخوض مثل هذه المعركة».
وأضافت أن «الجيش العراقي لا يملك حالياً الأسلحة دقيقة التصويب، وأجهزة الاستخبارات اللازمة لاستعادة الفلوجة دون التسبب في سقوط الكثير من الضحايا المدنيين».
وهذه هي المرة الأولى التي يسيطر فيها مسلحون علناً على مدن عراقية منذ المقاومة التي أعقبت الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003. وانتشر الجيش العراقي حول مدينة الفلوجة منذ الأسبوع الماضي ولم يقرر بعد اقتحامها.
وقالت لويس إن «الميليشيات العشائرية والمدنيين لديهم أسلحة وفيرة من بينها قذائف هاون وصواريخ أرض جو، كما إن المتشددين المرتبطين بتنظيم القاعدة لديهم خبرة كبيرة في صناعة القنابل».
وذكر أستاذ العلوم السياسية في جامعة المستنصرية عصام الفيلي أن «مجرد الدخول في عمليات عسكرية من دون تنسيق واضح مع سكان المنطقة سيؤدي إلى كارثة كبيرة، حيث إن المقاتلين متمرسون على حرب المدن ويعلمون كل دهاليز وخبايا المدينة».
بدوره، قال أنتوني كوردسمان من مركز الدراسات الاستراتجية والدولية «بصورة عامة إن مستوى تدريب وأداء الجيش غير كافٍ إلى حد كبير».
وأضاف «عندما يكون لديك مثل هذه القوات، فإنها تميل إلى استخدام القوة العسكرية المفرطة، ما قد يتسبب في مقتل مدنيين». ورأى مراقبون أن الهجوم على المدينة يمكن أن يقضي على أي أمل في التوصل إلى حل سياسي للأزمة. وقالت لويس في هذا الصدد «إذا هاجم الجيش العراقي الفلوجة، فإن الميليشيات العشائرية المنضوية تحت لواء المجالس العسكرية العشائرية ستقاوم، ولن يكون هناك حل سياسي». وذكر المراقبون أن أحد أسباب التريث حيال قضية الفلوجة تتعلق باللون الطائفي لهذه المدينة، حيث إن مهاجمتها قد تزيد سخط السنة على المالكي نفسه، وبشكل عام على السلطة التي يهيمن عليها الشيعة منذ الغزو الأمريكي عام 2003. في سياق متصل، بدأ سكان الفلوجة التي خرجت عن سلطة الحكومة الأسبوع الماضي بالعودة تدريجياً إلى مدينتهم، وذلك غداة إعلان مجلس الأمن دعمه لجهود بغداد في مكافحة القاعدة.
وفتحت معظم المحال التجارية أبوابها في الفلوجة، فيما علقت الحكومة العمليات الأمنية في محيط المدينة إثر الأمطار الغزيرة التي هطلت، ما أدى إلى تقييد حركة الطيران والشاحنات. ومازال مسلحون من العشائر وآخرون من تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» «داعش» يسيطرون على المدينة، فيما ينتشر آخرون من التنظيم ذاته في وسط وجنوب مدينة الرمادي، كبرى مدن محافظة الأنبار. وحذرت الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية من معاناة المدنيين إثر نقص المساعدات الإنسانية جراء الحصار الذي تفرضه قوات حكومية على المدينة.
وقال شهود إن الحياة بدأت تدب في شوارع المدينة، فيما لايزال مسلحون ينتمون إلى عشائر مناهضة للحكومة وعناصر من تنظيم القاعدة ينتشرون عند أطراف الفلوجة التي تحولت خطوط تماس مع قوات الجيش العراقي. وأعرب مجلس الأمن الدولي عن دعمه للحكومة العراقية في معركتها لاستعادة السيطرة على عدد من المناطق بالقرب من بغداد والتي كانت سقطت بأيدي متشددين مرتبطين بالقاعدة.
وأعرب أعضاء مجلس الأمن الـ 15 في بيان عن دعمهم لرئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي.
ودان المجلس العنف في الأنبار وأشاد بشجاعة قوات الأمن العراقية في المحافظة.
في سياق متصل، ذكر مصدر دفاعي أمريكي أن وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاغون»، تدرس اقتراحاً بتدريب القوات العراقية على مكافحة الإرهاب في بلد ثالث، موضحاً أن الأردن هو أحد المواقع التي يجري دراستها للتدريب.