القاهرة - (أ ف ب): شهدت مصر التي يتوجه الناخبون فيها إلى صناديق الاقتراع مجدداً الثلاثاء والأربعاء المقبلين في استفتاء على مشروع دستور جديد، 3 سنوات مضطربة منذ ثورة يناير 2011 التي أدت إلى رحيل الرئيس السابق حسني مبارك بعد 30 عاماً في الحكم. كما تشهد البلاد ثالث استفتاء دستوري في 3 سنوات وهو الاقتراع السادس في البلاد منذ تخلي مبارك عن السلطة في 11 فبراير 2011.
وفازت جماعة الإخوان المسلمين، التي كانت محظورة رسمياً في عهد مبارك ولكنها تمتعت بحرية حركة نسبية، في الانتخابات الثلاثة التي أجريت خلال هذه الفترة وهي انتخابات مجلس الشعب ومجلس الشورى والرئاسة قبل أن ينزل الملايين إلى الشوارع للمطالبة برحيل الرئيس محمد مرسي ويتدخل الجيش بعد ذلك بعزله في يوليو الماضي.
وكان الاستفتاء على أول تعديلات دستورية بعد سقوط مبارك في 19 مارس 2011، وقال 77.2% من الناخبين «نعم» في استفتاء لتعديلات دستورية تنص على أنه لا يحق لرئيس الجمهورية أن يترشح لأكثر من ولايتين. وكانت نسبة المشاركة 41%. وأيد الاقتراع خارطة الطريق الأولى التي وضعها الجيش بدعم من الإخوان المسلمين لعملية انتقال السلطة إلى حكم مدني منتخب ولكن القوى المدنية طالبت بوضع دستور جديد للبلاد قبل أي انتخابات.
وإثر انتخابات تشريعية اعتبرت الأكثر نزاهة منذ إطاحة الملكية في مصر عام 1952 فازت الأحزاب الإسلامية بقرابة 70% من مقاعد مجلس الشعب وبلغت نسبة المشاركة 54%.
وفاز حزب «الحرية والعدالة» الذي أسسه «الإخوان» بعد الثورة بـ 47% من مقاعد مجلس الشعب بينما حصد حزب «النور» السلفي 24% تقريباً من المقاعد وحصل حزب «الوفد»الليبرالي عل 7.5% من المقاعد و»الكتلة المصرية» الذي يمثل تحالف أحزاب علمانية ليبرالية على قرابة 7% من المقاعد.
وتم حل مجلس الشعب بقرار من المحكمة الدستورية العليا في يونيو 2012 بسبب عدم دستورية القانون الذي أجريت على أساسه. وفي 22 فبراير 2012 فاز الإسلاميون بانتخابات مجلس الشورى التي بلغت نسبة المشاركة فيها 10% فقط. وحصل حزب «الحرية والعدالة» على 105 مقاعد من إجمالي 180 بينما فاز النور بـ 45 مقعداً والوفد بـ 14 مقعداً والكتلة المصرية بـ 8 مقاعد وذهبت 8 مقاعد أخرى إلى أحزاب صغيرة.
وفي 2 يونيو 2013 حلت المحكمة الدستورية العليا مجلس الشورى ولكنها قررت استمراره في التشريع إلى حين إجراء انتخابات جديدة. وفي 24 يونيو 2012 اعلن فوز مرشح جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي في انتخابات رئاسية اعتبرت تاريخية بحصوله على 51.73% من الأصوات.
وكانت نسبة المشاركة 46% في الدورة الأولى التي شارك فيها 12 مرشحاً وبنسبة 51% في الدورة الثانية التي واجه فيه مرسي آخر رئيس وزراء في عهد مبارك، الفريق أحمد شفيق. وقبيل إعلان نتيجة الانتخابات، أصدر الجيش إعلاناً دستورياً استعاد بموجبه سلطة التشريع، وهو إعلان ألغاه مرسي بعد عزله وزير الدفاع المشير حسين طنطاوي وتعيين الفريق أول عبد الفتاح السيسي بدلاً منه في 12 أغسطس 2012. وأقر مشروع دستور جديد مثير للجدل أعدته لجنة يهيمن عليها الإسلاميون في 22 ديسمبر بنسبة 63.8% وبلغت نسبة المشاركة في الاقتراع التي قالت المعارضة إنه شهد انتهاكات قرابة 33%. وتقرر إجراء انتخابات تشريعية في 22 أبريل 2013 إلا أنها أرجئت إلى أجل غير مسمى بعد أن ألغى القضاء قانون الانتخابات في 6 مارس 2013.
وتم تعطيل الدستور في يوليو الماضي مع إعلان الجيش عزل مرسي.
ودعا القائد العام للقوات المسلحة المصرية الفريق أول عبد الفتاح السيسي، المصريين إلى التصويت بكثافة لصالح الدستور الجديد والذي بات ينظر إليه بشكل كبير على أنه مبايعة علنية للسيسي.
ويقول الخبراء إن السلطة الجديدة ترى في هذا الاقتراع وسيلة للحصول على مبايعة شعبية.
ويقول الخبير في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية اندرو هاموند «إنهم بحاجة إلى اقتراع شعبي بالثقة يتيح للفريق أول السيسي الترشح للرئاسة إذا ما قرر ذلك».
ويؤكد اسندر عمراني مدير إدارة شمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية أن الاستفتاء «اختبار لنظام ما بعد مرسي اي للنظام الجديد القائم».
والفريق أول السيسي وزير الدفاع والنائب الأول لرئيس الوزراء إضافة إلى كونه قائد الجيش هو الأكثر شعبية في مصر الآن وصوره معلقة في الشوارع وعلى أبواب المحلات وفي بعض الإدارات. ولم يتردد السيسي في خطابه في الربط بوضوح بين دعوته للمصريين للمشاركة بكثافة في الاستفتاء والتصويت بـ «نعم» للدستور وبين مستقبله السياسي. وقال قبل يومين من الاستفتاء إنه سيترشح للرئاسة «إذا طلب الشعب».
ميدانياً، تم توقيف 19 طالباً من أنصار جماعة الإخوان المسلمين، من بينهم 4 طالبات، إثر اشتباكات جرت مع الشرطة أمس أمام 3 جامعات في القاهرة، بحسب ما أفادت الشرطة.