إسطنبول - (وكالات): بعث رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بإشارة أولى محاولاً تهدئة الأزمة الناجمة عن فضيحة الفساد التي تلطخ حكومته بالإعلان عن استعداده للتخلي عن مشروع إصلاح قضائي مثير للجدل.
ومع مواصلة التراجع التاريخي في قيمة الليرة التركية التي سجل سعرها 3 ليرات لليورو الواحد، شهدت العاصفة التي تضرب قمة الدولة التركية منذ شهر، فصلاً جديداً بإقدام الشرطة على دهم مقر منظمة غير حكومية قريبة من الحكم، متهمة بتسليم المعارضين السوريين أسلحة. وغداة لقاء قمة مع الرئيس عبدالله غول الذي يعتبر منافسه في السباق على السلطة الذي فتحته هذه الأزمة، قام أردوغان بخطوة إلى الوراء بإعلان استعداده ولكن بشروط لسحب مشروع القانون الرامي إلى تعزيز رقابة السلطة التنفيذية على المؤسسة القضائية. وقال أردوغان في كلمته الأسبوعية أمام نواب حزبه العدالة والتنمية «إذا وافقت المعارضة على تغييرات دستورية حول هذه المسألة، نتخلى عندئذ عن اقتراحنا». ويرمي هذا المشروع الذي أودع لجنة نيابية إلى إصلاح المجلس الأعلى للقضاء ليزيد من قدرة الحكومة على تعيين القضاة والمدعين. وقد أثار هذا المشروع غضب المعارضة، ونقابة المحامين الأتراك وعدداً كبيراً من القضاة الذين اعتبروه مخالفاً للدستور ويرمي حصراً إلى وأد التحقيق في الفساد الذي يهدد النظام.
وسارع زعيم أبرز حركات المعارضة، كمال كيليجداروغلو «حزب الشعب الجمهوري» إلى رفض اليد الممدودة لأردوغان، بإعلان رفضه إجراء نقاش إلا بعد سحب مشروعه.
لكن إذا كان رئيس الوزراء مهد الطريق لتسوية، فهو مازال عاقداً العزم على إصلاح القضاء في بلاده.
واتهم مرة أخرى «المنظمة الموجودة في القضاء والشرطة» بالتلاعب بالتحقيق الجاري حول مكافحة الفساد من أجل تنسيق «عملية قذرة» والقيام بـ «محاولة تحريض في الداخل والخارج ضد بلادنا» عشية الانتخابات النيابية في مارس المقبل والرئاسية في أغسطس المقبل.
وحتى لو لم يعلن على الملأ اسمها، يتهم أرودغان حركة الداعية الإسلامي فتح الله غول التي تخوض نزاعاً مفتوحاً ضد الحكومة بأنها أمرت بـ «مؤامرة 17 ديسمبر». ومنذ عمليات الاعتقال التي أجريت في هذا التاريخ، وجهت إلى عشرات من أصحاب المؤسسات ورجال الأعمال والنواب المقربين من الحكم تهم في قضايا فساد وتبييض أموال وتزوير على نطاق واسع. واضطر 3 وزراء إلى الاستقالة فتسارعت بذلك الحاجة إلى إجراء تعديل وزاري كبير في 25 ديسمبر الماضي.
وهذه الحرب التي تمزق الأكثرية الإسلامية المحافظة التي تحكم البلاد بلا منازع منذ 2002، اتسعت إلى جبهة أخرى مع توجيه الاتهام إلى هيئة الإغاثة الإنسانية الإسلامية.
وداهمت الشرطة مكاتب الهيئة الإسلامية غير الحكومية في كيليس القريبة من الحدود السورية، بعد أسبوعين على اعتراض الدرك في المنطقة إحدى سياراتها التي كانت تنقل كما يفيد بعض المعلومات الصحافية التركية، أسلحة مرسلة إلى المعارضين السوريين الذين يقاتلون النظام السوري. واعتقلت الشرطة 25 شخصاً في عملية مداهمة في أنحاء البلاد ضد تنظيم القاعدة استهدفت مكاتب هيئة الإغاثة الإنسانية الإسلامية.
واعتبر الأمين العام للهيئة ياسر كوتلواي أن هذه العملية جزء من «حملة قدح وذم ينسقها بعض الأشخاص في تركيا وفي الخارج».