القاهرة - (وكالات): أكد مراقبون ومحللون أنه «يكاد يكون مؤكداً أن تتم الموافقة على مشروع الدستور المصري الذي انتهى أمس في اليوم الثاني والأخير من استفتاء حوله، تعتبر نسبة المشاركة فيه عاملاً مهماً بالنسبة للمستقبل السياسي للقائد العام للقوات المسلحة عبدالفتاح السيسي.
ويبدو الاستفتاء مبايعة لوزير الدفاع، الذي يتمتع بشعبية واسعة في البلاد.
وفي الصفوف التي تشكلت أمام مكاتب الاقتراع في القاهرة، أكد كل الناخبين تقريباً بإصرار أنهم سيصوتون بـ«نعم» بعضهم للتعبير عن «تأييدهم للسيسي» والبعض الآخر لتأكيد رفضهم لـ«الاخوان المسلمين». وقال آخرون إنهم يقولون نعم من أجل «الاستقرار» الذي يمكن أن يؤدي إلى تحسين الأوضاع الاقتصادية بعد 3 سنوات من الاضطراب أدت إلى تصاعد مطرد في معدلات التضخم الذي بلغ أكثر من 10% في عام 2013.
ولم يتردد السيسي في خطاب ألقاه السبت الماضي في الربط بوضوح بين دعوته للمصريين للمشاركة بكثافة في الاستفتاء والتصويت بـ«نعم» للدستور وبين مستقبله السياسي، إذ قال إنه سيترشح للرئاسة «إذا طلب الشعب» ذلك.
ومن المقرر أن يحل مشروع الدستور الجديد محل الدستور الذي أعد أثناء حكم الرئيس المعزول محمد مرسي الذي ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين واعتمد بنسبة 64% من الأصوات، لكن مع نسبة مشاركة بلغت بالكاد 33% من الناخبين المصريين البالغ عددهم 53 مليون شخص.
ومنذ فتح مكاتب الاقتراع أمس الأول، تم توقيف أكثر من 350 شخصاً من بينهم أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين بتهمة السعي لتعطيل الاستفتاء وعمليات الاقتراع، بحسب وزارة الداخلية. وقتل 9 أشخاص على هامش تظاهرات نظمها أنصار الرئيس المعزول للاحتجاج على الاستفتاء، بينما انفجرت قنبلة بدائية الصنع في القاهرة قبل فتح مكاتب الاقتراع. ولم تقع أي حادثة كبيرة أمس، إلا أن عشرات من أنصار مرسي أغلقوا محطة مترو في القاهرة لفترة وجيزة وحاولوا التظاهر في ميدان التحرير وأمام قصر الاتحادية الرئاسي في مصر الجديدة، إلا أن الشرطة فرقتهم.
ودعا وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الولايات المتحدة إلى استفتاء «شفاف» فيما يستعد الكونغرس الأمريكي هذا الأسبوع للسماح بسداد مليار دولار لمصر من بينها مساعدة عسكرية أمريكية كان تم تجميد جزء منها بعد عزل مرسي.
ومشروع الدستور الجديد، الذي أعدته لجنة من 50 عضواً، حذفت منه المواد التي كانت تسمح بأكثر التفسيرات تشدداً للشريعة الإسلامية وأضيفت إلى الدستور الذي أعد تحت حكم مرسي. لكنه وسع صلاحيات الجيش.
ورحبت الصحافة المصرية بسير عمليات الاقتراع.
ولضمان أمن عمليات الاقتراع، أعلنت الحكومة نشر 160 ألف جندي و200 ألف عنصر شرطة.
والسيسي وزير الدفاع والنائب الأول لرئيس الوزراء وقائد الجيش هو الأكثر شعبية في مصر الآن، وصوره معلقة في الشوارع وعلى أبواب المحلات وفي بعض الإدارات. وأعلن السيسي في 3 يوليو الماضي إقالة مرسي وعين في اليوم نفسه عدلي منصور رئيساً مؤقتاً، وتلا أمام الكاميرات خارطة الطريق التي تقضي بإجراء انتخابات «حرة» في النصف الأول من 2014. وجاء ذلك بعدما نزل ملايين المتظاهرين إلى الشوارع في 30 يونيو الماضي للمطالبة برحيل مرسي الذي اتهموه بالسعي إلى تمكين جماعته من كل مفاصل الدولة والفشل في إصلاح اقتصاد على وشك الانهيار.
وقتل أكثر من 1000 شخص في عمليات عنف في مصر منذ 30 يونيو الماضي، واعتقل آلاف من الإخوان المسلمين من بينهم الغالبية العظمى من قيادات الجماعة. ومثلهم مثل مرسي، يحاكم قياديو الإخوان بتهمة التحريض على قتل المتظاهرين أثناء توليهم السلطة وهي تهمة تصل عقوبتها إلى الإعدام.
ويرى خبراء أن السلطة الجديدة ترى في هذا الاقتراع وسيلة للحصول على مبايعة شعبية.
وأكد أندرو هاموند الخبير في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية «إنهم بحاجة إلى اقتراع شعبي بالثقة يتيح للفريق أول السيسي الترشح للرئاسة إذا ما قرر ذلك». ورأى إسكندر عمراني مدير إدارة شمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية أن الاستفتاء «اختبار لنظام ما بعد مرسي أي للنظام الجديد القائم».
من جهة أخرى، استنكرت دول مجلس التعاون الخليجي بشدة «التهديدات» التي أطلقها رئيس نادي قضاة مصر لقطر والتي طالب فيها باعتقال ناشطين مصريين هربوا إلى قطر إبان حكم مرسي.
واستنكر الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، الدكتور عبداللطيف الزياني في بيان بشدة التهديدات التي أطلقها رئيس نادي قضاة مصر المستشار أحمد الزند، والتي دعا فيها الجيش المصري إلى إرسال جنوده إلى دولة قطر لاعتقال «ناشطين مصريين». ووصف الدعوة بأنها تهديدات مستهجنة، وتطاول مرفوض على دولة قطر.
من ناحية أخرى، أعلن مسؤولون في قوات الأمن المصرية أنه أفرج عن 3 نقابيين خطفوا في بداية يناير الماضي في شبه جزيرة سيناء مقابل فدية، وأضافوا أن موظفاً كبيراً في وزارة العمل لايزال محتجزاً.صص