عواصم - (وكالات): أعلن مارتن نسيركي المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن «الأمين العام قرر سحب دعوته لإيران للمشاركة في مؤتمر «جنيف 2» بشأن سوريا المقرر انعقاده غداً بسويسرا».
وأضاف أن «بان كي مون يأسف للجدل الذي أثارته الدعوة التي وجهتها الأمم المتحدة لإيران»، مضيفاً أن «طهران، رغم الضمانات الشفوية، أدلت ببيان مخيب للأمل». وأعلن مندوب إيران في الأمم المتحدة، أن «بلاده لن تشارك في محادثات السلام في سويسرا إذا طلب منها قبول اتفاق جنيف1». في موازاة ذلك، أكد وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، أنه أبلغ رئيس الائتلاف الوطني السوري أحمد الجربا «دعم المملكة العربية السعودية لموقف الائتلاف الرافض لمشاركة إيران في جنيف 2». ومارست دول عربية وغربية ضغوطاً كبيرة على الأمم المتحدة لمنع مشاركة إيران في مؤتمر «جنيف 2» بشأن الأزمة السورية المقرر أن يبدأ أعماله غداً بسويسرا، بينما يبدو الرئيس بشار الأسد من جهته مصمماً على البقاء في السلطة. واشترطت المعارضة السورية سحب الدعوة الموجهة إلى إيران حليفة نظام الرئيس بشار الأسد، للمشاركة في المؤتمر. وقال العضو في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة هادي البحرة «على مسؤولي الأمم المتحدة أن يؤكدوا أن إيران ليست مدعوة أو أنها لن تحضر»، معتبراً أن حضور إيران المؤتمر أمر «مستحيل». وقال الائتلاف في بيان إنه «يعطي مهلة ساعات للحصول لتعهد إيراني واضح وعلني بسحب جميع القوات والميليشيات من سوريا، والتزام كافة بنود جنيف 1، والتعهد بالمساهمات الإيجابية في جنيف 2».
وأعلن بان كي مون أنه قدم الدعوة إلى 10 دول للمشاركة في المؤتمر هي البحرين وإيران وأستراليا وبلجيكا واليونان ولوكسمبورغ والمكسيك وهولندا وكوريا الجنوبية والفاتيكان.
وقال إنه وجه الدعوة لطهران بعد محادثات مكثفة مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف. وفي وقت لاحق، أعلن أن محادثات «طارئة ومكثفة» تجري حالياً حول المؤتمر بعد أن هددت المعارضة السورية بمقاطعته بسبب دعوة إيران للمشاركة فيه.
وقال مسؤول أمريكي إن واشنطن تجري محادثات مع الأمم المتحدة بخصوص موضوع الدعوة المثيرة للجدل وتنتظر أن يتم «سحبها». وأعلن مسؤول أمريكي كبير آخر أن الحكومة الأمريكية تلقت «عدة رسائل» من أعضاء في النظام السوري تظهر رغبة في إيجاد «مخرج» لوقف الحرب والتوصل إلى حل سلمي للنزاع. ويبدو أن الغربيين فوجئوا بمبادرة الأمم المتحدة. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية جنيفر بساكي «إذا لم توقع إيران كلياً وعلناً على بيان جنيف فيجب أن تسحب الدعوة». وأكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أن على كل الدول المدعوة إلى المؤتمر أن «تقبل ببرنامجه أي المرحلة السياسية الانتقالية» في سوريا.
واعتبر وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس أن «المشاركة في جنيف 2 مشروطة بالموافقة الضمنية» على الهدف المدرج في رسالة الدعوة التي وجهها الأمين العام للأمم المتحدة وهو «إقامة حكومة انتقالية في سوريا تتمتع بكامل السلطات التنفيذية»، وأضاف «من الواضح أنه لا يمكن لأي بلد المشاركة في هذا المؤتمر إن لم يقبل صراحة بتفويضه».
وفي هذا السياق قال مسؤول في الخارجية السورية إن فرنسا «رفضت منح الطائرة التي من المفترض أن تقل الوفد السوري إلى سويسرا، الإذن لعبور أجوائها، ما يثبت أنها تقوم بكل ما في وسعها لإفشال مؤتمر جنيف.
في المقابل، أعلنت فرنسا «نفيها الرسمي» لمعلومات الخارجية السورية. وأعلنت السعودية بدورها رفضها مشاركة إيران في المؤتمر بسبب رفض طهران شرط تشكيل حكومة انتقالية ولوجود «قوات تابعة لها تحارب مع النظام السوري». لكن طهران حليف سوريا في الشرق الأوسط، والتي لم توافق بشكل واضح على مبدأ تشكيل حكومة انتقالية، أكدت مشاركتها في جنيف 2 لكنها رفضت في الوقت نفسه الشروط التي يضعها الغربيون. وقالت الناطقة باسم وزارة خارجيتها مرضية أفخم إنها ستشارك «على أساس الدعوة الرسمية» من الأمين العام للأمم المتحدة في المؤتمر «لكن بدون شرط مسبق».
وأعلن الاتحاد الأوروبي أن المؤتمر يجب أن يكون «خطوة أولى» نحو «عملية سياسية انتقالية». ودعا العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إلى الإسراع بإيجاد حل سياسي شامل للأزمة السورية المستمرة . وفي موازاة مواقف واشنطن وباريس ولندن، حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في وقت سابق المعارضة السورية والغربيين من أن غياب إيران عن مؤتمر جنيف 2 سيكون «خطاً لا يغتفر». وإن توصلت القوى الإقليمية مثل السعودية وإيران، والقوى الدولية مثل روسيا والولايات المتحدة، والمعارضة السورية في الساعات المقبلة إلى اتفاق فإنه ينتظر وصول ممثليهم غداً إلى مونترو لافتتاح المؤتمر.
لكن المفاوضات بحد ذاتها بين حكومة الرئيس بشار الأسد والمعارضة يفترض أن تبدأ يوم الجمعة المقبل في جنيف. إلا أن أهداف الفريقين تبدو إلى الآن على طرفي نقيض، خاصة مع إصرار المعارضة على أن هدفها الوحيد هو التخلص من الأسد. كذلك فإن التصريحات الأخيرة للرئيس السوري ليس من شأنها إرضاء المعارضة.
ورفض بشار الأسد تسليم رئاسة أي حكومة مقبلة للمعارضة. وقال في هذا الصدد «هذا يعتمد على من تمثل هذه المعارضة أن نأتي برئيس وزراء من المعارضة وهو لا يمتلك الأكثرية في البرلمان فهذا مناقض للمنطق السياسي في كل دول العالم»، مشيراً إلى أن «الانتخابات النيابية المقبلة ستحدد الحجم الحقيقي لقوى المعارضة المختلفة».
واعتبر أن معركة إسقاط الدولة السورية «فشلت»، لكن المعركة على الإرهاب مستمرة وتحتاج إلى «زمن طويل»، مشيراً إلى أن «القرار الأهم» الذي يمكن أن يخرج عن جنيف 2 المفترض أن يمهد الطريق لحل سياسي للنزاع الذي أسفر عن سقوط أكثر من 130 ألف قتيل منذ مارس 2011، هو «مكافحة الإرهاب». إلا أن المطلب الرئيسي للمعارضة هو أن يؤدي مؤتمر جنيف 2 إلى رحيل الأسد عن الحكم. وأضاف الأسد الذي بدا مرتاحاً ومبتسماً «بالنسبة إلي، لا أرى أي مانع من أن أترشح لهذا المنصب، أما بالنسبة إلى الرأي العام السوري، إذا كانت هناك رغبة شعبية ومزاج شعبي عام ورأي عام يرغب بأن أترشح، فأنا لن أتردد ولا لثانية واحدة بأن أقوم بهذه الخطوة». واستطرد «بالمختصر، نستطيع أن نقول بأن فرص الترشح هي فرص كبيرة».
وقال إن كل السيناريوهات التي وضعها منذ بداية الأزمة «هي سيناريوهات حول الدفاع عن الوطن وليس حول الهروب، لا يوجد خيار للهروب في مثل هذه الحالات، يجب أن أكون في مقدمة المدافعين عن هذا الوطن».
من جانب آخر، استجابت 14 شركة خاصة، بينها شركات فرنسية، لاستدراج عروض طرحته منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لتدمير قسم من الترسانة الكيميائية السورية، كما أعلنت المنظمة. ميدانياً، قتل 10 أشخاص وأصيب 20 في تفجير انتحاري بسيارتين مفخختين عند معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
في غضون ذلك، سيطرت عناصر الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» على مطار عسكري في ريف حلب كان تحت سيطرة مقاتلي المعارضة، بحسب المرصد.
وفي إدلب، أعلن «لواء داود» الذي يقاتل إلى جانب الدولة الإسلامية، امتناعه عن «إطلاق النار ضد أي فصيل على أرض الشام». وواصلت القوات النظامية قصفها لمناطق عدة مستخدمة سلاح الطيران. من جانب آخر، تمكن أحد عناصر الشرطة العسكرية من تسريب صور لجثث القتلى في المستشفيات العسكرية، بعد تكليفه بمهمة تصوير المعتقلين من المعارضة الذين توفوا نتيجة التعذيب أو الجوع. وبحسب تقرير نشرته وكالة الأناضول، تظهر رموز مكتوبة على وجوه القتلى وأجسادهم، تشير إلى تنفيذ الجنود السوريين لأوامر عسكرية، وترك رموز على جثث القتلى لإثبات تعذيب الضحايا وقتلهم.