كتب- هشام فهمي:
قال عضو مجلس الشيوخ الموريتاني عمر الفتح إن إيران وراء ما تشهده مملكة البحرين من أحداث، للضغط على البحرين والسعودية في إطار مساعيها لتنفيذ «المشروع الفارسي»، وأنها غير معنية بالوحدة الإسلامية، مشيراً إلى أن تنامي النفوذ الإيراني ومحاولاتها التمدد في المنطقة لابد أن يواجه بوحدة خليجية وعربية وإسلامية حيث تمتلك جميعها مقومات قوية لتحقيق تلك الوحدة.
ودعا عمر الفتح، في حوار مع «الوطن»، الدول الإسلامية إلى «اشتراط الندية والمصالح المتساوية أساساً لإقامة أي علاقات دبلوماسية مع طهران».
وكشف عن «محاولات يقوم بها السفير الإيراني في موريتانيا لنشر عقيدته بعيداً عن أعين السلطات المحلية والإعلام، عبر أموال إيرانية طائلة تستهدف المناطق الفقيرة»، مشيراً إلى «وجود أحزاب في موريتانيا أعلنت مؤخراً رغبتها في قيام ثورة إسلامية إيرانية في موريتانيا».
وأعرب عن تطلع الجانب الموريتاني لتطوير علاقات الصداقة البحرينية الموريتانية على الصعيد البرلماني.
وفيما يلي نص الحوار:
حدثنا عن زيارتك وهي الأولى للبحرين.
أتيت بدعوة من وزارة الشؤون الإسلامية للمشاركة في المؤتمر العالمي للقرآن الكريم وهي زيارة كنت أتمناها لأني زرت العديد من دول الخليج، وجئت ممثلاً للهيئة العالمية للقرآن الكريم في موريتانيا ووجدت اهتماماً واضحاً بالقرآن من خلال الإعداد الجيد للمؤتمر، وأحسب أنه مما سمعنا وقرأنا خلال المؤتمر أن المنطقة مقبلة على صحوة قرآنية.
كسياسي موريتاني كيف ترى العلاقات مع البحرين خاصة على الصعيد البرلماني؟
أتطلع من خلال زيارتي هذه إلى التواصل مع إخوتي البرلمانيين هنا وبناء علاقات أكثر تطوراً، ونحن في موريتانيا لدينا الدبلوماسية البرلمانية وهي مستقلة تماماً عن السلطة التنفيذية بمعنى أننا نعقد فرق صداقة، وعلى سبيل المثال فأنا رئيس فريق الصداقة الموريتانية السعودية، وعضو فريق الصداقة الموريتانية التركية، والكويتية، وهي مفيدة في العلاقات السياسية الأخرى، ونحن على كامل الاستعداد في البرلمان الموريتاني لإقامة علاقة صداقة بحرينية موريتانية.
كيف تتابع الأحداث في البحرين؟
أرى أن ما يحدث هو محاولة إيرانية للضغط على البحرين والسعودية عبر تحريك الجانب الشيعي مستغلة ما حصل في مصر وتونس وليبيا، في إطار عملها من أجل المشروع الفارسي.
ما حقيقة ما يثار عن محاولات إيرانية لمد النفوذ في موريتانيا؟
الاهتمامات الإسلامية العربية متقاربة إلى حد كبير، ومنها المد الإيراني الشيعي الحاصل الآن وهو هم مشترك لكلا بلدينا، وهو مد قد يكون جديداً في ظهوره على الساحة الموريتانية، لكنه قديم في محاولاته، حيث كانت هناك قنصلية إيرانية في الثمانينات، وحاولت أن يكون لها امتداد ثقافي وقوبلت تلك المحاولات برفض شعبي شديد ومن قبل العلماء تجاوبت معه السلطة السياسية وقطعت على إثره العلاقات وقتها بصفة نهائية، وكان السبب الرئيس لقطع العلاقات في ذلك الوقت هو محاولة إيران نشر المذهب الشيعي في موريتانيا.
أما المحاولات الأخيرة أخطر لأن هناك طلاباً موريتانيين ذهبوا إلى إيران وعادوا يحملون هذا الفكر، إلا أننا نعلم أن أصحاب هذه العقيدة يمتلكون قدرة هائلة على ما يسمونه مبدأ التقية، وبعد الانقلاب الذي حدث في عام 2005 في موريتانيا برزت شخصيات تبنت المذهب الشيعي وصرحت إعلامياً بذلك، محاولين إيهام الناس بأنه لا فرق بين التشيع والمذهب السني وهم يفعلون ذلك عادة في بداية الأمر، وذهب الأمر إلى أبعد من ذلك عام 2007 حين طالب هؤلاء بإيجاد حسينية في موريتانيا، وحتى الآن لا توجد مساجد للشيعة أو حسينيات إلا أنهم طالبوا بتنظيم طقوس دينية في مناسبة عاشوراء الماضية.
ما مدى صحة الأرقام التي يعلنها البعض من وجود 45 ألف شيعي في موريتانيا؟
العدد ليس كذلك لكن لاشك أنه أصبح بالمئات، بسبب مجيء السفارة الإيرانية، وهناك أمور حدثت لأول مرة منها عقد مؤتمر صحافي قبل نحو شهرين شاركت فيه 3 أحزاب موريتانية، قالوا بصريح العبارة إنهم يريدون إقامة الثورة الإيرانية في موريتانيا وهذا أمر غريب على المجتمع هناك وعلى الطيف السياسي الموريتاني، حيث إن لنا حضارة تخصنا ولدينا ما نفتخر به وليس لأحد أن يجلب ما لا يريده الشعب الموريتاني. وهناك نشاط دؤوب من السفير الإيراني، في زيارة المناطق الفقيرة، واستهدافها بالأموال الإيرانية السخية، ولدينا معلومات أن السفير يقوم بهذه الزيارات سراً بعيداً عن السلطات المحلية والإعلام، والحكومة إلى الآن لم تعلن موقفاً، وقد يكون لها موقف إيجابي إذا تأكدت من وجود تلك المحاولات الإيرانية.
لماذا تمثل هذه الأنشطة قلقاً بالنسبة لكم، أليست إيران تدعو إلى الوحدة الإسلامية؟
نحن ننبه إلى هذا الخطر لأننا نرى ما يحدث في العراق وسوريا ونيجيريا والسنغال حيث الحضور الإيراني القوي، وهذا المعتقد لم يدخل إلى دولة ويتمكن فيها إلا وجدنا سفك الدماء، وإيران تبنت في دستورها المذهب الشيعي رسمياً، وهي تدعو إلى الوحدة الشيعية، والمتتبع لهذه القضية يرى بوضوح أن المقصود هو مشروع إيراني فارسي.
وما أستغربه أننا نجد انتماء وطنياً قوياً في موريتانيا لكل من القوميين العرب واليساريين والليبراليين وأهل السنة والصوفية، وكل منهم يريد من خلال ما يحمل من مبادئ أن ينفذ فكرة وطنية دون أن يتخلى عن هويته، لكن من يعتنق عقيدة إيران يتحول من مواطن موريتاني إلى إيراني ولا أدري ما هي الطريقة التي يقنعون الناس بها ليصبحوا كذلك.
ما حدث في سوريا فضح إيران وأتباع معتقدها، ونحن نرى حزب الله الذي يدعي معاداة اليهود، لم يطلق صاروخا واحداً خلال العدوان على غزة ولم يرسل مليشيات إلى هناك، لكن عندما انهزمت القضية النصيرية تحركوا في سوريا الآن، لأن قيام المشروع السوري الوطني الحقيقي يجعل المد الفارسي في انحسار لأن أي وحدة إسلامية لا تقوم على مبادئهم لا تهمهم.
وجهتم كثيراً من اللوم لإيران لكنها دولة لها مصالحها وطموحاتها وتعمل لتحقيقها، أين مشروع وخطط كل هذه الدول العربية والإسلامية؟
هذا سؤال كبير، ويتطلب إجابة من قادة الدول العربية والإسلامية، فنحن الشعوب الإسلامية اتضح أننا شعب واحد وظهر ذلك جلياً في الموقف مما حدث في العراق وفلسطين وبورما وأفغانستان، وأنا حين أدخل إلى دولة مثل البحرين أو أي دولة عربية أخرى لا أجد فرقاً بين ما أحمله من أفكار وبين ما يحمله أهلها. المشروع الإيراني هو مشروع دولة مستقلة فعلاً، ليست خاضعة لتبعية اقتصادية أو سياسية أو عسكرية، وأتمنى اليوم الذي تقوم فيه دولة خليجية واحدة، تكون نواة لوحدة عربية وإسلامية، وهناك دول أخرى مثل تركيا ومصر يمكن أن تشكل وحدة إسلامية حقيقية مستقلة في قراراتها، لحدث ما لا تريده إيران، لكن الفرقة الحاصلة في القرار السياسي هي التي تؤخر التصدي لإيران، وأوجه ندائي لقادة المنطقة أنه آن أوان تحقيق وحدة حقيقية ذات جواز سفر واحد وبطاقة هوية وعملة موحدة وجيش واحد لكي ينحسر الخطر الإيراني.
ألا يمكن الفصل بين العلاقات السياسية وما يخص العقيدة؟ وما رأيكم في تطوير العلاقات الإيرانية المصرية؟
العمل الدبلوماسي أمر مشروع مع أي جهة، لكن ينبغي ألا تكون على حساب المبادئ، بحيث تنصب على المصالح الاقتصادية ومصالح الجاليات، والتجربة السودانية في العلاقة مع إيران جديرة بالذكر هنا، السودانيون قالوا للإيرانيين تعالوا نفتح لكم سفارة وحسينيات كما تريدون لكن بشرط أن نفتح نحن أيضاً مساجد ومدارس سنية في إيران، وإيران رفضت. أدعو جميع الدول العربية والإسلامية أن تبني علاقاتها بإيران على أساس الندية والتساوي وتبادل المصالح، (..) أين هم الأهواز هل يمارسون شعائرهم بحرية كما هم الشيعة في السعودية والبحرين؟ أين المراكز الإسلامية التي نفتحها نحن في إيران؟، والمشكلة هي أن إيران تفعل ما تريد ولا تتركنا نفعل بعض ما نريد.
هل لديكم ما تود إضافته؟
كلمتي للبرلمانيين البحرينيين خاصة أن يعملوا على التركيز على مصالح المواطنين عبر تقنينها بالتشريعات اللازمة، وألا تلهينا المناصب والوظائف عن مصالح أمتنا، وأن ينقلوا هموم الناس واحتياجاتهم إلى قادة البلاد.
وأناشد زعماء الدول العربية والإسلامية الاتحاد، وأقول لهم إنكم تمتلكون من القوة ما يمكنكم من الوحدة حيث شعوب الدول العربية شعب واحد يتحدث لغة واحدة ويدين بشريعة واحدة.