إن نسيم نيكولاس طالب -الذي اشتهر بكونه مؤلف كتاب البجعة السوداء- كتب كتاباً جديدا رائعاً يدعى «مكافحة الضعف.. الأشياء التي نكسبها من الاعتلال». وطبقاً لطالب فإن الأشياء المقاومة للضعف -وهي في معظمها كائنات حية- لا تقوم فقط بمقاومة الهزيمة، بل إنها تصبح أقوى تحت الضغط، علمًاً بأنه عندما تحظى بالرعاية الزائدة عن الحد تصبح أضعف، فالنمو هو عملية مكافحة الضعف.
أما في العالم المادي الواسع، فإن حرائق الغابات المحدودة التي تحدث أحياناً تزيل الحشائش والأشجار الصغيرة مما يقلل من خطر الحرائق الكبيرة. إن الهزات الأرضية الخفيفة يمكن أن تخفف الاحتقان الزلزالي وتمنع وقوع هزات كبيرة.
جاء ذلك في تقرير نشرته الجزيرة نت نقلا عن المصدر بروجيكت سينديكيت، وأضاف التقرير إن الاقتصاد القوي يكافح الضعف كذلك ويتطلب أكثر من غياب الفقر فقط، وفي الاقتصاد القوي فإن الضغط يُحسن سعة الإنتاجية، فركود قصير أو صدمة ثانوية تخلصنا من اللاعبين الأضعف وذلك حتى يتسنى للعمالة ورؤوس الأموال الانتقال إلى شركات وقطاعات واعدة أكثر.
ما المصطلحات المشابهة بالنسبة للصحة؟ إن معظم القواميس تعرف الصحة بأنها «انعدام المرض»، لكن طبقا لتلك المصطلحات لا يجد الناس أن الاستثمار في الصحة مسألة مقنعة، فعلى أي أساس تستثمر في الفراغ؟
الأشياء المقاومة للضعف -وهي في معظمها كائنات حية- لا تقوم فقط بمقاومة الهزيمة بل إنها تصبح أقوى تحت الضغط، علماً أنه عندما تحظى بالرعاية الزائدة عن الحد تصبح أضعف، فالنمو هو عملية مكافحة الضعف»
بالطبع نحن نستثمر في الرعاية الصحية ولكن هذا يشبه الاستثمار في إصلاح المركبات، أي تخصيص الموارد من أجل إصلاح الضرر بدلا من تحسين تقنية السلامة أو جعل إشارات المرور أكثر وضوحا. إن الرعاية الصحية هي الرد الذي نستخدمه عندما تفشل «الصحة» غير الفعالة في إبقائنا أصحاء.
لقد تم التغلب على نظام المناعة من قبل العامل المسبب للمرض أو الطعام السيء الزائد عن الحد أو الخمر أو التدخين أو العقاقير المنشطة أو التوتر مع قلة النوم والرياضة، وهذا كله أثَّر سلبياً على العمل الاعتيادي للجسم، وحتى لو كنا غير محظوظين وكنا نعاني من حالة جينية لا يمكن الوقاية منها فإنه سوف يكون من الأسهل التعامل معها كما لو كان الشخص المعني يتمتع بصحة جيدة.
إن الصحة نفسها هي القدرة على مواجهة الاعتلال والتعامل معه بشكل إيجابي، أي مكافحة الضعف ضمن سياق معين. فعلى سبيل المثال فإن نظام المناعة البشري لن يتعلم على الإطلاق كيفية مقاومة الغزاة دون التعرض لعوامل مُعدية، وحتى أنه يمكن أن يتجه للداخل كما هو الحال في أمراض المناعة الذاتية. ويجب على العضلات أن تتحرك وتتعرض للإجهاد حتى تصبح أقوى. إن الانزعاج من الجوع يدفعنا للأكل.
في بادئ الأمر، فإن مفهوم إنتاج الصحة هو مفهوم رنان إلى حد ما مثل مفهوم «وضع أفكار عن الحلول» أو استخدام مصطلح «التدخل القانوني» من أجل توصيف سبب الوفاة عن طريق رصاصة شرطي ما، ولكنه مفهوم يستحق منا استكشافه والترويج له.
إن إنتاج الصحة يتطلب الاستثمار في الطعام الجيد وفي بيئة جيدة وغير سامة، وفي وظائف تعطي حافزاً للناس من أجل العمل والشعور بالإنتاجية.