عواصم - (وكالات): أعلن موفد الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية المشترك إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي أمس أنه تم التوصل إلى اتفاق بعد المحادثات التي أجراها في جنيف مع وفدي المعارضة والنظام السوريين، على عقد اجتماع بين الطرفين في غرفة واحدة اليوم.
وكادت المفاوضات تتعثر قبل انطلاقها بعد فشل الإبراهيمي في وقت سابق في إقناع الطرفين بالاجتماع في غرفة واحدة لإعلان انطلاق قطار التفاوض. وقال الإبراهيمي في مؤتمر صحافي عقده في قصر الأمم، مقر الأمم المتحدة في جنيف، «اجتمعت مع وفدي المعارضة والحكومة بشكل منفصل. وتم الاتفاق على الاجتماع اليوم في قاعة واحدة». وكان يفترض ان تبدأ المفاوضات امس باجتماع صباحي في غرفة واحدة لا يتبادل خلاله الوفدان الكلام، بل يستمعان إلى كلمة من الإبراهيمي، على أن ينفصلا بعد ذلك، ويجلس كل منهما في غرفة، ويتنقل الإبراهيمي بينهما. إلا أن الأمم المتحدة أعلنت قبل ساعة من موعد الاجتماع تغيير البرنامج. واجتمع الموفد الخاص مع كل من الوفدين على حدة. واستبعد الإبراهيمي رداً على سؤال عن احتمال مغادرة الوفدين سويسرا ووقف المفاوضات، حصول ذلك. وقال «أستبعد أي احتمال لذلك. الطرفان سيكونان هنا اليوم، وسيجتمعان، لا أحد سيغادر».
وقالت المعارضة إنها لن تجلس في قاعة واحدة مع النظام إذا لم يعترف ببيان «جنيف 1» الذي ينص على تشكيل حكومة بصلاحيات كاملة من ممثلين عن النظام والمعارضة تتولى المرحلة الانتقالية. وأبلغ وزير الخارجية السوري وليد المعلم الإبراهيمي أنه «قد يضطر إلى مغادرة جنيف» إذا لم تتسم المفاوضات بالجدية، معتبراً أن «الطرف الآخر غير جاهز».
وقال الإبراهيمي إنه «لا شروط مسبقة» في المفاوضات، «المفروض أن جنيف 1 هو الأساس، ونحن نسير على هذا الأساس». وندد وفد النظام بـ «الشروط المسبقة» التي يفرضها وفد المعارضة، بينما اعتبر وفد المعارضة أن القبول بجنيف 1 ليس شرطاً، بل هو منطلق المفاوضات.
وقال المتحدث باسم الائتلاف والعضو في وفد المعارضة المفاوض لؤي صافي إن النظام «خرق القواعد التي وضعها الإبراهيمي ليطلق كلاماً غير صحيح على الإطلاق» حول نية المعارضة مغادرة المفاوضات. وقال عضو وفد المعارضة نذير حكيم «نحن متفقون على التفاوض حول تطبيق جنيف1، والنظام لم يوافق على هذا الأمر. لا نريد أن نجلس معهم في غرفة واحدة حتى يوافقوا على ذلك».
وأعلنت الأمم المتحدة أن الهدف من جنيف 2 تطبيق اتفاق جنيف 1 الذي تم التوصل إليه في يونيو 2012 في غياب أي تمثيل سوري، وينص على تشكيل حكومة انتقالية من ممثلين عن الطرفين. كما ينص على وقف العمليات العسكرية وإطلاق المعتقلين وإيصال المساعدات الإنسانية. واعتبر نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد أن «المشكلة أن هؤلاء الناس «في إشارة إلى المعارضين» لا يرغبون في عقد السلام.
يأتون إلى هنا مع شروط مسبقة لا تتوافق في أي شكل مع جنيف 1، وتتعارض مع رغبات الشعب السوري وحتى مع خطط الأخضر الإبراهيمي».
وشددت المستشارة السياسية والإعلامية للرئيس السوري بشار الاسد بثينة شعبان، على أن الوفد الرسمي لم يأت إلى جنيف «للتحدث عن السلطة». وقالت «نحن لسنا هنا للتحدث عن السلطة، نحن هنا لنتحدث عن وقف الإرهاب ووقف سفك الدماء الشعب السوري وبدء مسار سياسي يقرره الشعب السوري دون أي تدخل أجنبي».
ويشكل مصير الرئيس بشار الأسد نقطة الخلاف الأساسية بين طرفي النزاع. ففي حين تطالب المعارضة بألا يكون للأسد وأركان نظامه أي دور في المرحلة الانتقالية، ترفض دمشق قطعاً هذا الشرط، معتبرة أن الأسد والنظام «خطان أحمران». وشدد وزير الإعلام السوري عمران الزعبي على أن «الرئيس بشار الأسد سيكمل ولايته وفقاً للدستور السوري الذي يسمح له بالترشح مجدداً إلى الانتخابات التي من المقرر أن تجري منتصف عام 2014».
وأضاف «هذه مسألة منتهية والانتخابات القادمة يمكن أن يكون هناك مرشحون آخرون وفقاً للتعديلات الدستورية الموجودة»، و»ستكون شفافة وديمقراطية». والتقى الإبراهيمي أمس الأول الوفدين كل على حدة، كل في الفندق الذي ينزل فيه تحضيراً لاجتماعات أمس.
وتوقع دبلوماسي غربي أن الجولة الأولى من المفاوضات قد تستمر «حتى نهاية الاسبوع». ويترأس وفد النظام وزير الخارجية السوري وليد المعلم، ووفد المعارضة رئيس الائتلاف أحمد الجربا.
من جانبهم، احتج أكراد سوريون على استبعادهم من المحادثات وتعهدوا بمواصلة سعيهم من أجل الحرية في المناطق التي يسيطرون عليها. إنسانياً، توفي 63 شخصاً بسبب الجوع ونقص المواد الطبية في مخيم اليرموك جنوب دمشق، والذي تحاصره القوات النظامية منذ أشهر، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وتفرض القوات النظامية حصاراً على مناطق أخرى في سوريا تسيطر عليها المعارضة المسلحة، خاصة أحياء وسط مدينة حمص. في غضون ذلك، تواصلت أعمال العنف في مناطق واسعة من سوريا، تزامناً مع أعمال مؤتمر جنيف 2.
وتعرضت مناطق في الغوطة الشرقية لقصف من النظام، تزامناً مع اشتباكات بين مقاتلي المعارضة من جهة، والقوات النظامية مدعومة بعناصر من «حزب الله» الشيعي اللبناني ولواء «أبو الفضل العباس» المكون في غالبيته من مقاتلين عراقيين شيعة، بحسب المرصد. وأوقع النزاع السوري منذ منتصف مارس أكثر من 130 ألف قتيل، وتسبب بتهجير 3 ملايين سوري إلى الدول المجاورة ونزوح الملايين غيرهم داخل البلاد.
من جهة أخرى، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أن الحكومة اطلعت في نوفمبر الماضي على بعض من 55 ألف صورة جاءت في تقرير كشف عنه الاثنين الماضي ويتهم النظام السوري بمجازر على نطاق واسع والقيام بأعمال تعذيب. وأوضح بيان الوزارة أنه «من أجل أمن المصدر الذي نقل إلينا هذه الصور ومن أجل عائلته لم ننشرها في تلك الفترة». واتهم 3 مدعين عامين دوليين سوريا بارتكاب مجازر على نطاق واسع وممارسة التعذيب وذلك في تقرير استند على شهادة أحد المنشقين.