عواصم - (وكالات): تعثرت مفاوضات «جنيف 2» بين الحكومة والمعارضة السورية بسبب الانقسام بشأن «نقل السلطة» إلى حكومة انتقالية في سوريا، فيما يتضور سكان حمص جوعاً بسبب استمرار حصار قوات الرئيس بشار الأسد للمدينة. وذكرت تقارير أن وفد الحكومة السورية قدم ورقة مبادئ أساسية لتسوية الأزمة لا تتطرق إلى نقل السلطة إلى هيئة حكم انتقالية، ورفض وفد المعارضة ورقة الحكومة. لكن الطرفين أكدا أنهما لن ينسحبا من محادثات السلام رغم الخلاف بينهما. وتشمل الورقة مطالبة بعض الدول بوقف تسليح الجماعات المسلحة في سوريا ووقف التحريض على العنف. ويختلف الوفدان بوضوح حول دور الأسد في المرحلة المقبلة فيما لم تحقق المفاوضات تقدماً يذكر بشأن تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة في حمص. وقال الوسيط الدولي الأخضر الإبراهيمي أن طرفي الصراع لايزالان يناقشان سبل خروج النساء والأطفال من مدينة حمص القديمة لكن لم يتخذ أي قرار بخصوص السماح بدخول قافلة إغاثة إلى المدينة المحاصرة. وأضاف الإبراهيمي في مؤتمر صحافي بعد اجتماعه مع كلا الطرفين أن هناك فيما يبدو استعداداً للاستمرار في التفاوض لكنه لا يتوقع مطلقاً أي معجزة تنهي الحرب المستمرة منذ نحو 3 أعوام.
وتابع «للأسف لا يوجد اتفاق على وقف إطلاق النار أو تخفيف مستوى العنف الذي يمارس في سوريا».
وأعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه لم يتم اتخاذ «أي إجراء بعد» من قبل الحكومة السورية لتسهيل وصول القوافل الإنسانية إلى حمص أو للسماح للنساء والأطفال بمغادرة المدينة.
من جهته، قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية ادجار فاسكويس «نعتقد جازمين أنه يتعين على النظام السوري الموافقة على إدخال القوافل لتسليم المساعدات الإنسانية التي يحتاجها الناس بشدة إلى مدينة حمص القديمة، الوضع بائس والناس يتضورون جوعاً». وأضاف أن «سكان حمص يجب ألا يجبروا على ترك منازلهم والانفصال عن أسرهم قبل الحصول على المساعدات والمعونات الأخرى». وأعلن وفدا النظام السوري والمعارضة أنهما سيواصلان التفاوض على الرغم من العرقلة التي طرأت خلال جلسة الأمس. وقال نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد «لن نغادر بتاتاً طاولة المفاوضات»، مضيفاً «سنستكمل النقاش».
وذكرت ريما فليحان من وفد المعارضة «نحن إيجابيون، سنبقى هنا حتى تحقيق هدف هذا المؤتمر في تشكيل هيئة الحكم الانتقالي». من جهته، قال التلفزيون السوري إن وفد الحكومة قدم «ورقة مبادئ أساسية» لا تتطرق إلى انتقال السلطة. وتنص «ورقة المبادئ الأساسية» على أن السوريين لهم الحق الحصري في اختيار نظامهم السياسي «بعيداً عن أي صيغ مفروضة» في إشارة إلى مطالب قوى غربية وإقليمية بتنحي الرئيس بشار الأسد وتسليم السلطة لحكومة انتقالية. ورفضت المعارضة التي تريد أن يتنحى الأسد في إطار ترتيبات لحكومة انتقالية المقترح على الفور. وقال كبير مفاوضي المعارضة في جنيف هادي البحرة إن هذا الإعلان خارج إطار جنيف الذي يركز على تشكيل كيان حكم انتقالي وإنه فشل في التعامل مع القضية الرئيسة.
وذكر نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد أنه سيلتقي بوسطاء الأمم المتحدة بعد رفض المعارضة مقترح الحكومة. وأضاف أن الوفد الحكومي موجود في جنيف لمناقشة «الإرهاب» وليس نقل السلطة مستخدماً المصطلح الذي تستخدمه الحكومة لوصف الثورة التي خرجت من رحم احتجاجات سلمية في 2011.
وكانت حمص التي تحتل موقعاً استراتيجياً في وسط شبكة الطرق الرئيسة في سوريا إحدى ساحات القتال الكبرى. واستعادت قوات الأسد الكثير من البلدات والقرى المحيطة بها العام الماضي مما ترك مقاتلي المعارضة تحت الحصار في وسط حمص نفسها بالإضافة إلى آلاف المدنيين. وقال دبلوماسيون غربيون إن الحكومة السورية ينبغي أن تتحرك سريعاً للسماح بذلك وإلا ستواجه قراراً محتملاً من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مع حث روسيا والصين على تغيير موقفيهما من تلك الخطوة. وفي هذا الصدد، قال الإبراهيمي إن وفد المعارضة الذي طلب الإفراج عن قرابة 50 ألف معتقل وافق على طلب الحكومة تقديم قائمة بالمحتجزين لدى جماعات المعارضة المسلحة المختلفة رغم أن الكثير من هذه الجماعات التي تتقاتل فيما بينها لا تعترف بسلطة المفاوضين. وذكر المقداد أن الحكومة فحصت قائمة للمعارضة تضم 47 ألف شخص يعتقد أن قوات الأسد اعتقلتهم ووجدت أن معظمهم لم يعتقل قط أو أفرج عنهم الآن، ونفى أيضاً احتجاز أي أطفال. ودعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى إحراز تقدم بشأن المساعدات وفك الحصار عن المناطق المحاصرة وتبادل السجناء. من جانب آخر، أعلنت البعثة المشتركة للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية عن نقل دفعة إضافية من العناصر الكيميائية السورية على متن سفينة إلى المياه الدولية، وذلك بحسب الاتفاق القاضي بتدمير الترسانة السورية.