عواصم - (وكالات): فوض المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية بالإجماع أمس وزير الدفاع المشير عبد الفتاح السيسي الترشح لانتخابات الرئاسة المتوقع عقدها منتصف أبريل المقبل، ما يمهد الطريق أمام الرجل الذي يحظى بشعبية جارفة والذي رقي لرتبة مشير، لتولي الحكم.
وأوضحت وكالة أنباء الشرق الأوسط أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة عقد «اجتماعاً برئاسة القائد العام وزير الدفاع والإنتاج الحربي المشير عبد الفتاح السيسي، لمناقشة تطورات الأوضاع الأمنية خاصة شمال سيناء، بجانب البحث في قضايا أخرى ومنها موضوع مطالبة جموع الشعب لوزير الدفاع الترشح في الانتخابات الرئاسية».
في وقت سابق، أعلنت الرئاسة المصرية ترقية الفريق أول عبد الفتاح السيسي إلى مشير وهي أعلى رتبة في الجيش المصري. وفي حال وافق السيسي على الترشح للرئاسة فمن شبه المؤكد أن يفوز بها حيث إنه يحظى بشعبية جارفة منذ أن عزل الجيش الرئيس المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي في يوليو الماضي.
والسيسي الذي قاد عملية عزل مرسي بعد تظاهرات شعبية حاشدة ضد حكمه الذي استمر لعام واحد فقط، أضحى بلا أدنى شك الرجل الأكثر شعبية في مصر ويعتبر في نظر الكثيرين الزعيم القادر على إنهاء حالة عدم الاستقرار السياسي والعنف التي تضرب البلاد منذ 2011.
ودعا المجلس الأعلى للقوات المسلحة في وقت لاحق القائد العام للجيش المشير عبد الفتاح السيسي إلى الاستجابة لرغبة الشعب المصري في الترشح لانتخابات الرئاسة معتبراً أنه «تكليف والتزام».
من ناحية أخرى، قال المتحدث باسم القوات المسلحة في صفحته على «فيسبوك» «حال حدوث أية تعيينات أو تغييرات وظيفية لأي من قادة القوات المسلحة سوف يتم إعلام جموع الشعب المصري بها بواسطة المصادر الرسمية بالقوات المسلحة».
وقال مسؤولون حكوميون إن الترقية لرتبة مشير، التي نادراً ما تمنح لكبار قادة الجيش، هي «تكريم للسيسي قبل استقالته». وقال مسؤول كبير إن ترقية السيسي إلى رتبة مشير تعني في الواقع «تحية وداع من الجيش لقائده». لكنه لم يؤكد ما إذا كان السيسي سيستقيل أو سيترشح للرئاسة. وأوضح المحلل السياسي في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية كريم بيطار إن «هذه الترقية تمنح دائماً بعد انتصار عسكري هام. ما يعني أن القمع الحالي والحرب على الإرهاب اعتبرا انتصاراً على أرض معركة»، وأضاف «أرى في هذا الترويج خطوة جديدة في بناء أسطورة المنقذ، البطل المنتظر». وتضرب مصر موجة من العنف السياسي وهجمات تستهدف قوات الأمن والجيش في شبه جزيرة سيناء المضطربة والتي خلفت قتلى وجرحى.
ويتوقع المصريون أن يعلن السيسي ترشحه للرئاسة رسمياً خلال الأيام القادمة، بعد أن أعلن الرئيس المصري عدلي منصور إجراء الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية خلافاً لخريطة الطريق التي أعلنت عقب عزل مرسي وتقضي بإجراء الانتخابات التشريعية أولاً. وذكر مراقبون أنه في بضعة أشهر فقط نجح وزير الدفاع المصري، الذي يقترب من قصر الرئاسة، في كسب شعبية واسعة لا ينازعه فيها أي سياسي آخر منذ ثورة 2011 التي أطاحت بحسني مبارك.
وخلف هدوؤه الدائم الذي رأى فيه المصريون دليلاً على الثقة بالنفس، تختبئ شخصية ضابط عنيد خاض من دون أن يهتز مواجهة قوية مع جماعة الإخوان المسلمين، الحركة السياسية التي ظلت لعقود طويلة الأكثر تنظيماً في البلاد. واعترف منافسوه المحتملون على مقعد الرئاسة مثل حمدين صباحي بأن «شعبيته جارفة» وبأنه صار «بطلاً شعبياً». وخلافاً للزعامات التقليدية، لم يكتسب السيسي هذه الشعبية معتمداً على الخطب الرنانة أو اللهجة الحماسية وإنما هو على العكس يتحدث دوماً بصوت خفيض وبنبرة هادئة ويفضل اللهجة العامية البسيطة على العربية الفصحى. وعندما كان رئيساً للاستخبارات العسكرية في عهد مبارك، وضع السيسي ما بات يعرف الآن بـ «خطة استراتيجية» لتحرك محتمل لمواجهة «توريث الحكم» تحسباً لترشح جمال مبارك للرئاسة.
من جانب آخر، عبّرت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي، عن قلقها البالغ إزاء تصاعد العنف في مصر خلال الأيام القليلة الماضية، الأمر الذي أدّى إلى قتل وجرح عشرات الأشخاص. في موازاة ذلك، أكد رئيس محكمة جنايات القاهرة المستشار شعبان الشامي أن أولى جلسات محاكمة المتهمين في قضية اقتحام السجون المصرية إبان ثورة 25 يناير 2011، والمعروفة إعلامياً باسم «قضية اقتحام سجن وادي النطرون»، سيتم بث وقائعها على الهواء مباشرة عبر التلفزيون المصري وحده، دون غيره من القنوات التلفزيونية الأخرى. وأشار المستشار الشامي إلى أنه وافق على التصريح بدخول مندوبي التلفزيون المصري ومعداتهم وكاميراتهم إلى مقر قاعة المحكمة بأكاديمية الشرطة، لتصوير وقائع الجلسة التي ستعقد صباح اليوم. من جهة أخرى، قال نائب رئيس الوزراء ووزير التعاون الدولي المصري زياد بهاء الدين إنه قدم استقالته من المنصب أمس. وقال في صفحته على فيسبوك إنه تقدم بالاستقالة «كي يعود إلى استئناف نشاطه الحزبي والسياسي والقانوني خارج الحكومة». في شأن آخر، أعلن نائب وزير الخارجية الليبي عبد الرزاق القريدي إطلاق سراح 5 دبلوماسيين مصريين خطفوا الجمعة الماضي، فيما ذكر مصدر أمني أن الأمر تم في إطار صفقة بين القاهرة وطرابلس، بعدما طالب خاطفون في ليبيا إطلاق سراح شعبان هدية المعروف باسم أبو عبيدة وهو زعيم سابق من ثوار ليبيا قاتل ضد نظام الرئيس معمر القذافي.