عواصم - (وكالات): بحث وفدا الحكومة والمعارضة السوريان إلى مؤتمر «جنيف 2» أمس في مسائل العنف ومكافحة الإرهاب، واتهم كل فريق الآخر بأنه مصدر الإرهاب في سوريا، فيما انتهت الجلسة المشتركة التي عقدت في مقر الأمم المتحدة في جنيف بإشراف الوسيط الدولي الأخضر الإبراهيمي من دون إحراز أي تقدم، وخيم الفشل على المباحثات، إذ ينتهج الطرفان تأويلات مختلفة لكل الموضوعات المطروحة. وطالب وفد المعارضة بمحاكمة الرئيس بشار الأسد أمام المحكمة الجنائية الدولية على ضوء ظهور ما وصفته بأدلة جديدة على اتباع الأسد سياسة ممنهجة تستهدف المدنيين الأبرياء. وتقدم وفد الأسد بمشروع بيان حول «مكافحة الإرهاب» رفضته المعارضة. من جانبها، اتهمت منظمة مراقبة حقوق الإنسان الأمريكية «هيومان رايتس ووتش» نظام الأسد «بمعاقبة» السكان عبر هدم آلاف المنازل «دون وجه حق» في دمشق وحماة، داعية مجلس الأمن الدولي إلى إحالة هذه القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية. في موازاة ذلك، أبدت الولايات المتحدة قلقاً من تأخر دمشق في إخراج الأسلحة الكيميائية الأكثر خطورة من أرضها بحسب ما نص عليه قرار مجلس الأمن 2118. من جهته، أعلن الوسيط الدولي الأخضر الإبراهيمي أن وفدي النظام والمعارضة السوريين بحثا في الجلسة المشتركة التي عقداها أمس في جنيف في المسائل الأمنية في بلادهما، مشيراً إلى أنهما غير متفقين على كيفية «معالجة الإرهاب». وقال الإبراهيمي في مؤتمره الصحافي اليومي إن الجلسة شهدت «لحظات توتر وأخرى واعدة». وأشار الإبراهيمي إلى أن جلسة أخيرة ستعقد اليوم، يليها مؤتمر يقدم فيه بعض «الخلاصات»، معرباً عن أمله في «أن نستخلص دروساً مما فعلنا وأن نقوم بعمل أفضل في الجولة المقبلة».
وبحث المفاوضون في الأيام الستة الماضية في مواضيع فك الحصار عن مدينة حمص وإطلاق المعتقلين والمخطوفين وهيئة الحكم الانتقالي والإرهاب، من دون أن يكون لهم جدول أعمال واضح أو محدد مسبقاً. ولم يتفقوا على أي من هذه المواضيع. وفي جنيف، تقدم وفد الحكومة السورية خلال جلسة الأمس بمشروع بيان حول «مكافحة الإرهاب» رفضته المعارضة. ونص البيان على «وقف التمويل والتسليح والتدريب والإيواء للإرهابيين وتسهيل تدفقهم إلى سوريا».
في المقابل، قالت المعارضة إن «براميل القنابل هي إرهاب، وتجويع السكان حتى الموت إرهاب، والتعذيب والاعتقال هي أيضاً إرهاب». وذكر مصدر في الوفد المعارض أن فريقه يعتبر أن « أكبر إرهابي في سوريا هو بشار الأسد».
وأوضح عضو وفد المعارضة المفاوض لؤي صافي أن الوفد عرض «وثائق» وصوراً عن «المجازر» التي ارتكبها النظام.
من جهته، قال نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد إن البيان الذي تقدم به «وفد سوريا يعبر عن لغة متوافق عليها دولياً، ومن يرفض هذا البيان ليس سورياً بل هو إرهابي ويدعم الإرهاب». وأضاف «المعارضة رفضت البيان. من الواضح أنهم متورطون في هذه الأعمال، لذلك يرفضون إدانة الأعمال الإرهابية». وتطرق الوفدان أمس الأول، بحسب ما أعلن الإبراهيمي، إلى موضوع «هيئة الحكم الانتقالي».
وقال صافي «هناك خلاف كبير بيننا وبين النظام» حول وثيقة جنيف 1، مضيفاً «النظام يريد أن يبدأ بملف العنف، ونحن تحدثنا في ملف العنف، لكن هذه الطريقة عكس للتسلسل الحقيقي أو هي وضع للعربة أمام الحصان».
وتابع «العربة هي النقاط العديدة في بيان جنيف: وقف إطلاق النار والإفراج عن المعتقلين وفك الحصار، هذه نقاط مهمة، لكن لتنفيذها لا بد من الحصان، والحصان هو تشكيل الهيئة الحاكمة الانتقالية». ووقف وفدا الحكومة والمعارضة دقيقة حداداً على أرواح عشرات الآلاف الذين قتلوا في الصراع المستمر منذ 3 سنوات في خطوة رمزية موحدة نادرة بعد مرور أسبوع على بدء محادثات السلام. وفي وقت لاحق، أعلن الأمين العام للائتلاف السوري المعارض، بدر جاموس، أنه ورئيس الائتلاف، أحمد الجربا، سيزوران موسكو الأسبوع المقبل، مشيراً إلى أنهما سيبحثان مع وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، سير التفاوض في جنيف. في هذه الأثناء، نفى مصدر دبلوماسي غربي إجراء أي مباحثات سرية في بيرن مع المسؤولين الروس والإيرانيين بشأن سوريا.
وفي واشنطن، قال وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيغل إن على الحكومة السورية «معالجة» مسألة التأخير الحاصل في إخراج المواد الكيميائية الأكثر خطورة من سوريا تمهيداً لتدميرها. وذكرت مصادر مقربة من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أن «شحنتين فقط من العناصر الكيميائية» غادرت سوريا في 27 يناير الماضي عبر مرفأ اللاذقية، ما يشكل «أقل من 5 % بقليل» مما كان يفترض نقله قبل نهاية ديسمبر الماضي.
ميدانياً، قتل العشرات بينهم أطفال في قصف جوي «بالبراميل المتفجرة» على مدينة داريا جنوب غرب دمشق، وعلى أحياء بحلب، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان. وفي محافظة حمص، أفاد المرصد بمقتل 16 عنصراً من القوات النظامية في هجوم نفذته كتائب إسلامية على حاجز للقوات النظامية قرب بلدة عمار الحصن في ريف حمص الغربي.