«بنا»: بعد مرور أكثر من7 سنوات على قانون «المركزي» رقم 64، كيف ترون تطور دور المصرف في الإشراف على القطاع المالي؟
تم إصدار قانون مصرف البحرين المركزي في سبتمبر 2006 والذي جاء ليواكب التطور الذي شهده القطاع المالي في البحرين، وبالتالي إعطاء المصرف الأدوات القانونية المناسبة لأداء دوره كجهة رقابية وتنظيمية لهذا القطاع.
وقام المصرف بعد إصدار القانون بتحديث وتطوير كافة الأنظمة والمعايير المصرفية سواء للقطاع التقليدي أو الإسلامي، بالعمل على إدخال العديد من التعليمات الخاصة بممارسات الحوكمة ومسؤوليات المستويات الإدارية المختلفة في المؤسسات المالية والمتطلبات المهنية لشغل تلك الوظائف، إضافةً إلى نظام حماية الودائع وتطوير الأنظمة الخاصة والخدمات المساندة في القطاع المالي كمراكز المعلومات الائتمانية.
وشمل القانون أيضاً مسؤولية المصرف المراقبة والإشراف على شركات التأمين والأسواق المالية والتي تشكل الإضافة الجديدة على القانون السابق لمؤسسة نقد البحرين بعد أن انتقلت مسؤولية الإشراف على هذه القطاعات إلى المصرف المركزي.
وساعد وجود القانون الحالي كمنظومة قانونية موحدة تغطي كافة النشاطات المالية في هذا القطاع، بقيام المصرف بأداء دوره بشكل متناسق ويتماشى مع أفضل الممارسات العالمية على كافة أنشطة الخدمات المالية في المملكة بما يساعد على توحيد المتطلبات الرئيسية للتراخيص والإشراف والرقابة عليها.
وأكد أن تجربة «المركزي» في التعامل مع الأزمة العالمية التي بدأت من عام 2008، والإجراءات التي تم اتخاذها من أجل حماية القطاع المصرفي والتخفيف من آثار تلك الأزمة لتأمين بيئة مستقرة وآمنة لاستمرار المعاملات المصرفي والحفاظ على سلامة الودائع هو أبلغ دليل على نجاح سياسة المصرف في تحقيق الاستقرار المالي.
«بنا»: كشفت تقارير أن معدلات النمو الاقتصادي حقق 5% عام 2013، ما تقييمكم لهذا النمو؟
استطاع الاقتصاد الوطني خلال العامين الماضيين تحقيق معدلات نمو إيجابية ويرجع ذلك إلى السياسات الاقتصادية والمبادرات التي قامت بها الحكومة من أجل تحفيز النشاط الاقتصادي بشكل عام، والاستمرار في الإنفاق على المشاريع في قطاع البنية الأساسية والإسكان، إضافةً إلى تعافي العديد من النشاطات في القطاع الخاص وأبرزها في مجال الصناعة والسياحة والتجارة.
وهذا ما يؤكد أهمية استمرار جهود التطوير والتحديث للسياسات الاقتصادية والعمل على تشجيع القطاع الخاص وتهيئة البيئة المناسبة لاستقطاب الاستثمار والاحتفاظ ببيئة صديقة للأعمال وأجواء اجتماعية منفتحة تتمشى مع أفضل الممارسات العالمية.
«بنــا»: مع النجاح القطاعات الاقتصاديــة هل يمكن أن تطلعوننا على أبرز هذه النتائج المحققة؟
بالنسبة للقطاع المصرفي والمالي وعند مقارنة أهم المؤشرات لهذا القطاع خلال الفترة من بداية 2012 وحتى نوفمبر من عام 2013، يتبين لنا بشكل واضح العديد من التطورات الإيجابية مثل ارتفاع الودائع لدى مصارف قطاع التجزئة بنسبة 6% والتي بلغت 10.7 مليار دينار مع نهاية نوفمبر 2013.
وكذلك ارتفاع نسبة القروض للقطاع المحلي والذي زاد في نفس الفترة بنسبة 4.3% لتبلغ 7.2 مليار دينار في نهاية نوفمبر 3013، وبلغ عدد المؤسسات المالية والمصرفية المرخــص لهــا مــن قبل «المصرف المركزي» 407 في نهاية سبتمبر 3013 مقارنة بـ406 مؤسسة في يناير 2011. ويعمل في القطاع المالي ما يزيد عن 14 ألف موظف.
وكمــا سبــق الإشــارة إليـه فقد أصدر «المركـــزي» العديــــــد مـــــن الأنظمــــة والتوجيهات إلى القطاع المالي من أجل التأكد على تطبيق أفضل الممارسات العالمية وتطوير أنظمة الحوكمة والحفاظ على متانة قاعدة رأسمال البنوك.
«بنا»: تتردد تقارير حول وجود ضغوط تضخمية وارتفاع مديونية بعض القطاعات ما صحة ذلك؟
أبلغ دليل على سلامة القطاع المصرفي، هو استمرار تحقيق معدلات ربحية جيدة بالرغم من التقلبات التي شهدتها الأسواق العالمية وهذا ما يعكس بالدرجة الأولى إلى مستوى النشاط الاقتصادي. وتؤكد كافة المؤشرات الرئيسة في القطاع المصرفي على سلامة ومتانة هذا القطاع. والعبرة في ما يحدث على أرض الواقع وما يشهده الاقتصاد من تحسن ملحوظ في الأداء الاقتصادي. ولاحظنا أن العديد من التقارير الخارجية التي تصدر تفتقر إلى البيانات الصحيحة وتعتمد في استنتاجاتها على إسقاطات سياسة تعكس توجه تلك الجهات وتفتقر إلى الموضوعية والمهنية.
«بنا»: تسعــى المملكة لتحفيز البيئة الاستثمارية المصرفية ما العقبات التي تعوق تدفق الاستثمارات الأجنبية؟
تقوم السياسة الاقتصادية للمملكة، على إعطاء القطاع الخاص دوراً بارزاً في النشاط الاقتصادي وتوفير كافة التشريعات الممارسات والإجراءات الرسمية من أجل تحسين بيئة العمل وتخفيف الإجراءات البيروقراطية، إضافةً إلى عدم وضع قيود على التملك الأجنبي بما فيها عدم وجود ضرائب.
ولهذا حافظت البحرين على درجه متقدمة من حيث الحرية الاقتصادية والتنافسية وبيئة العمل في كافة المؤشرات العالمية ذات الصلة. ونظرا لسياسة المملكة في الاستثمار في تدريب وتأهيل الكوادر البشرية البحرينية في كافة القطاعات، أصبحت القوى العاملة المحلية إحدى مكونات الجذب للاستثمار الخارجي نظرا لكفاءتها وقدراتها التنافسية.
ونظرا للتطور الذي تشهده المنطقة، فإننا في البحرين يجب أن نركز باستمرار على تطوير كفاءة السياسات الاقتصادية ومستوى فعالية الأجهزة الإدارية لكي نستطيع أن نشكل عامل جذب للاستثمار الخارجي وتفادي الوقوع أسرى الماضي من حيث الارتهان على ما تم تحقيقه في السنوات الماضية. ويجب علينا العمل على الابتكار والتطوير المستمر والمراجعة الدورية للأداء واتخاذ القرار المناسب حسب الظروف ومتطلبات الأوضاع الاقتصادية.
«بنا»: كيف ترون وضع المؤسسات المالية الإسلامية حالياً؟
اهتمت البحرين بتطوير الصيرفة الإسلامية من خلال توفير الأنظمة والتشريعات المصرفية المناسبة، ولهذا فقد استقطبت 24 مصرفا إسلاميا إضافةً إلى 8 شركات تكافل وإعادة تكافل إسلامية و100 صندوق استثماري إسلامي.
وبسبب التطورات التي تشهدها الصناعة والمستجـدات الاقتصادية، يرى «المركزي» أهمية الاستمرار في سياسة الاندماج بين المؤسسات المالية الإسلامية لخلق كيانات مالية كبيرة تستطيع أن تواكب تلك المستجدات وتؤمن خدمات متطورة وتنافسية.
«بنا»: للبورصة موقع الريادة في سلم أولوياتكم ما أبرز الإجراءات لتطويرها؟
منذ صدور قانون مصرف البحرين المركزي والمؤسسات المالية رقم (64) لسنة 2006 اتخذ «المركزي» العديد من المبادرات والخطوات التي أسهمت وستسهم في تطوير كافة مهام واختصاصات عمليات قطاع الأوراق المالية في مملكة البحرين ورسم توجهاته المستقبلية. وأولى المصرف أهمية خاصة منذ البداية لضرورة استكمال وتطوير وتحديث البنية التنظيمية والرقابية والإشرافية على قطاع الأسواق المالية، من خلال مجلد التعليمات السادس الذي يشمل كافة أوجه عمليات المؤسسات التي تعمل في نطاق البورصات والوساطة المالية وإصدار وطرح والاكتتاب في الأوراق والأدوات المالية وبما يتوافق مع معايير وأفضل الممارسات الدولية ويستجيب لمتطلبات وحاجات السوق المحلي. وترتكز هذه التعليمات على الالتزام بمعايير ومتطلبات الشفافية والإفصاح وحماية حقوق ومصالح المستثمرين. وعلى ضوء هذه التعديلات فقد تم تحويل بورصة البحرين إلى شركة مملوكة للدولة إضافةً إلى الترخيص لسوق البحرين المالي «BFX» كسوق متخصص في تداول الخيارات والعقود والمشتقات المالية.
كذلك فإن المصرف بجانب تطوير بورصات التداول، فإنه عمل أيضاً على تطوير مؤسسات وغرف التسوية والتقاص والإيداع المركزي وفصلها عن أسواق التداول من حيث المهام والاختصاصات. وفي هذا المجال فقد تم إنشاء وتشغيل شركة التسوية والتقاص لسوق البحرين المالي «BFX»، في حين تستكمل بورصة البحرين حالياً إجراءات ومتطلبات إنشاء شركة التسوية والتقاص الخاصة بها وفقا لمتطلبات المصرف.
واستكمالاً لبرنامج التحديث والتطوير الذي اعتمده المصرف، فقد تم تطوير الإطار المرجعي لمتطلبات الترخيص وتنظيم عمل خدمات الوساطة في الأوراق والمنتجات المالية كركن أساسي من برنامج التحديث والتطوير حيث تم الترخيص لـ14 شركة وساطة.
«بنا»: هناك تشاورات أجراها المصرف لإصدار توجيهات رقابية جديدة ما طبيعة هذه التشاورات؟
من الممارسات المعتمدة لدى «المركزي» هو التشاور المستمر مع المؤسسات المالية قبل أن يتم إصدار أية أنظمة رقابية للتأكد من الحصول على وجهات نظر القطاع والأخذ بملاحظاته وذلك لإيجاد صيغة توافقية تناسب تطور هذا القطاع في البحرين وتعكس في الجانب الآخر المتطلبات الدولية.
وفي هذا الصدد قام المصرف خلال السنوات الماضية بإصدار العديد من الأوراق الاستشارية ومن ثم يتم عقد اجتماعات مع تلك المؤسسات لبحث ردودها ومناقشة كافة الملاحظات قبل أن يتم تأطيرها في هيئة توجيهات أو سياسات جديدة.
«بنا»: سوق التأمين في البحرين يواجه العديد من التحديات، ما هي رؤيتكم لمثل هذه التحديات؟
إن قطاع التأمين في البحرين يحتوي علي العديد من فرص النمو الواعدة كما يتبين من النمو الذي حققه القطاع والذي بلغت نسبة 10% في السنوات القليلة الماضية وبلغت أقساط التأمين حوالي 239 مليون دينار، كما يتواجد في البحرين العديد من كبرى شركات التأمين وإعادة التأمين والتكافل الإقليمية والعالمية.
قام «المركزي» في السنوات الماضية بتطوير الأنظمة والتشريعات المنظمة لهذا النشاط بما ساعد على تطوير هذا القطاع واستقطاب العديد من الشركات الدولية. ومن أبرز المساهمات التي قام بها «المركزي» في هذا المجال هو تطوير مجلد التشريعات الخاص بشركات التكافل بما ساعد على استقطاب العديد من الشركات العالمية لاتخاذ البحرين كمركز لعملياتها في هذا المجال.
كما حرص من خلال العمل مع شركائه في توفير فرص التدريب لتأهيل الكادر البشري المحلي المناسب وبما يتوافق مع التطور المستمر في هذا القطاع.
ولاشك أن سوق البحرين للتأمين إسوة بأسواق التأمين الإقليمية، يواجه تحديات كثيرة منها: قلة الوعي التأميني بأهمية المنتجات التأمينية وعدم إدراك شريحة كبيرة من المجتمع بأهمية التأمين، فضلاً عن ضرورة خلق كيانات تأمينية كبيرة من خلال التحالفات والاندماجات بين شركات التأمين بحيث تكون قادرة على التعامل مع تحديات ومتطلبات التوسعات المستقبلية، إذ إن خلق شركات تأمين كبيرة تعزز من ثقة جمهور المتعاملين ومركزها المالي وكذلك قدراتها المرتبطة بالبحث والتطوير وابتكار المنتجات والخدمات التأمينية الجديدة.
«بنا»: أصدر «المركزي» أذونات الخزانة الحكومية الأسبوعية وتمت تغطيتها، كيف تقيمون هذه السياسة؟
تعتبر أذونات الخزانة قصيرة الأجل من أدوات السياسات المالية والتي تتبعها أية دولة في العالم. وهذه الأذونات التي يصدرها «المركزي» هي لتمويل العجز في الميزانية من جهة ومن جهة أخرى هي أدوات مالية ضرورية لعمل البنوك وذلك لاستيعاب السيولة والاحتفاظ بها محلياً.
وقام المصرف بإصدار مجموعة متنوعة من هذه الإصدارات وبآجال تتراوح بين 3 أشهر إلى سنة من أجل توفير مزيج مناسب من هذه الأوراق تلبية لاحتياجات السوق، وتشمل هذه الإصدارات أيضا إصدارات متوافقة مع الشريعة الإسلامية كصكوك السلم.
«بنا»: للمصرف المركزي دور في تدعيم التعاون مع المصارف المركزية الخليجية، أين وصلتم بشأن العملة الموحدة؟
على ضوء التوقيع على اتفاقية الاتحاد النقــدي، يواصــل مجلــس إدارة المجلــس النقدي الخليجي، والذي يضم محافظي مؤسسة النقد والبنوك المركزية للدول الأعضاء في اتفاقية الاتحاد وهي: البحرين والسعوديـــة وقطـــر والكويـــت، أعمالـــه لاستكمال البناء المؤسسي والتنظيمي للمجلس، والاضطلاع بمهامه الواردة في نظامه الأساس المتمثلة وبصفة أساسية إلى تهيئة وتجهيز البنى الأساسية المطلوبة لقيام الاتحاد النقدي.
وعلى الجانب الآخر تعكف لجنة المحافظين للبنوك المركزية ومؤسسات النقد في دول المجلس مواصلة العمل في سبيل توحيد المعايير المصرفية والرقابية وترقية التنسيق والتعاون بينها وخاصة فيما يتعلق بتبادل المعلومات وتوحيد أنظمة التسويات والمدفوعات بما يعزز من كفاءة القطاع المصرفي في دول المجلس.