كتبت - إيمان الحسن:
عزا علماء ورجال دين، انتشار ظاهرة الطلاق في البحرين إلى الضائقة المادية بالمقام الأول، وتعثر الحصول على السكن، داعين إلى إقامة دورات تدريبية للمقبلين على الزواج وإلزامهم بحضورها.
دورات للمقبلين على الزواج
وأرجع الشيخ د.عبدالرحيم آل محمود، أسباب الطلاق في أغلب الأحيان لخلافات ومشكلات بسيطة تنشأ بين الزوجين، لافتاً إلى أن كل طرف يعمل على فرض رأيه بمعزل عن الآخر فتنشأ المشكلات وتتطور ويحصل الطلاق. وأكد أن الزواج يحتاج لجهد وطاقة لاستمراره، وقال «على الزوج أن يتأنى في موضوع الطلاق ولا يتسرع»، حيث إن هناك مقدمات للطلاق فإذا صدر خطأ من الزوجة لابد من الزوج أن يتفهم.
ودعا إلى حصر القضية أو المشكلة الناشئة بين الزوجين، دون أن تتعدى إلى أشخاص آخرين كأهل الزوج أو الزوجة، مضيفاً «المفترض عند حدوث مشكلة أو بدر من الزوجة خطأ، أن يستخدم الزوج أسلوب الوعظ والهجر في المضاجع، ولا يقصد بهذا هجر المنزل، بل فقط يدير لها ظهره عند النوم لتشعر الزوجة أنها مخطئة، والضرب غير المبرح دون التسبب بأذى بغرض التأديب فقط». وأوضح «إذا لم تنفع هذه الحلول تلك، يتدخل أهل الزوج وأهل الزوجة ليفهمان المشكلة ويحكمون بينهما الحكم النهائي، دون الميل لأي طرف، وإذا لم ينفع تدخل الحكمين بعد ذلك يلجأ الزوجان للطلاق».
ودعا إلى تنظيم ورش عمل تدريبية عن كيفية تعامل الزوج والزوجة، ودورات تدريبية للمقبلين على الزواج لضرورة معرفتهم بأساسيات العلاقة الزوجية، كما يفضل أن تكون إجبارية تيمناً بماليزيا، لضمان عدم زواج طرفين إلا بعد دخولهما ورشات تدريبية وإدراكهما بالأساسيات وكيفية تجنب المشاكل.
وأكد ضرورة أن يدير الورشات والدورات أشخاص ذوو خبرة وكفاءة، قادرين على فهم المشكلات والوصول إلى حلول لها، لافتاً إلى أن نسب الطلاق ارتفعت بالآونة الأخيرة، وعلى أتفه الأمور ودون تأن أو تفكير أو تدبر في العواقب.
وأضاف «عند حدوث الطلاق يتشتت الأبناء فتكون مرحلة الحضانة شاقة بالنسبة للطرفين، فإذا عاشوا مع الأب يفتقدون حنان الأم، وإذا حكمت المحكمة بحضانة الأم يتعرضون الأبناء للذل والإهانة، ولا يجدون الحماية والأمان الذي يوفره الأب عادة».
وأشار الشيخ عبدالرحيم إلى أهم أسباب لجوء الزوجين للطلاق، بإصرارهم على رأيهم والإسراع في اتخاذ القرارات المصيرية، ولتجنب ذلك ينصح بالانخراط في نشاط كبير توعي وتفسيري وتفهيمي.
بيت العمر سبب الطلاق
من جانبه، رد رئيس الأوقاف الجعفرية محسن العصفور، أسباب الطلاق إلى سبب مادي وآخر يتعلق بصعوبة توفير مسكن العمر، وقال «كلما تردت الأوضاع المادية للزوج وتعثر الحصول على سكن ملائم، يبدأ الشقاق واختلاف الزوجين، وترفض الزوجة الاستمرار بالعلاقة الزوجية، ويكون الانفصال حلاً وحيداً للمشكلة العالقة».
ونبه إلى أن موضوع الاختلافات في الأخلاق والسلوك بين الزوجين، يمكن أن تجعل الواجبات الزوجية والتعهدات ومتطلبات الحياة الشرعية صعبة، إضافة إلى الجهل بأحكام وواجبات الحقوق الزوجية المشتركة، ما يؤدي إلى نفور الطرفين من بعضهما، وعدم القدرة على الانسجام والتجانس والتأقلم تحت رابطة العلاقة الزوجية. وأبدى أسفه لعدم وجود جهة تعمل على توعية الزوجين، أو برامج في المدارس والمناهج التعليمية، ويمكن إلزام كلا الزوجين بالتسجيل في دورة تثقيفية، وقال «هناك دورات ولكنها ليست إلزامية».
وأضاف «هناك أكاديميون حاصلون على شهادات عليا لديهم جهل وعدم إدراك لأبسط الحقوق والالتزامات الشرعية، ما يؤدي إلى عدة مشكلات يمكن أن تنهي العلاقة الزوجية بالطلاق»، موضحاً أن مشكلة المكاتب التي تعطي نصائح للمقبلين على الزوج دورها بسيط، لأن الإقبال عليها محدود للغاية، ولا يستوعب كل أفراد المجتمع المقبلين على الزواج. وأكد الحاجة الملحة لإدراج منهج ضمن مناهج التربية والتعليم للمرحلة الثانوية لزيادة وعي الشباب وتثقيفهم بأهمية بذل الجهد لاستمرارية الحياة الزوجية، والعمل على إصلاح المشكلات والوقاية منها قدر الإمكان.
وبين العصفور أن هناك جهلاً وعدم تحضير للحياة الزوجية المشتركة، سببه بالدرجة الأولى وزارة التربية والتعليم، حيث تم تكرار وتقديم اقتراحات بتخصيص منهج لتوعية الشباب ولكن لا استجابة.
وقال إن تدخل الأهل يمكن أن يكون مصلحاً أو مفسداً، فإذا كان مصلحاً تستقر الأمور، أما إذا كان مفسداً يؤثر ذلك على استمرارية الحياة الزوجية وينتج الطلاق.
وأردف «قبل الزواج يعيش كلا الزوجين في محيط مختلف عن الآخر، وكل طرف لديه طباع تميزه، وبعد الزواج تظهر كل هذه الطبائع وللوصول إلى حل سوي والتوافق، يجب على كليهما التنازل لخلق جو الانسجام».
وأشار إلى طبيعة حدوث اختلافات بين الرجل والمرأة، فالآراء في أبسط الأمور مثل نوع الأثاث المنزلي أو الملابس يمكن أن تسبب مشكلة، وإن لم يحدث تنازل من أجل خلق مساحة مشتركة بين الزوج والزوجة، وكما قال «ندعو الطرفين أن يكاشف كل طرف منهم الآخر بملاحظاته عليه»، مؤكداً أهمية جلوس الطرفين وسماع كليهما لملاحظات الآخر، وعلى ضوء هذه المكاشفة يمكن الحد من أسباب المشكلة وتقريب وجهات النظر.
وقال إن استقرار أو تفكك الأسرة ينتج عنه استقرار أو تفكك المجتمع، فإذا تفككت الأسرة ولم تشمل الأبناء عناية أو رقابة تنشأ الطبقة المنحرفة في المجتمع، وينتج التسيب أو الانحراف الأخلاقي من قبل الأبناء الخارجين عن محيط الأسرة المستقرة.
وأوضح أن موضوع الطلاق ينتج عنه انحراف الأبناء ويصبحون بذلك طعماً سهلاً لأماكن جذب الانحراف والعلاقات السيئة، حتى تصل إلى درجة الجريمة مثل السرقة أو العلاقات المحرمة، فيجب على الآباء العناية الفائقة والاهتمام بالأبناء.
ودعا العصفور الأزواج إلى تجنب كل أسباب الخلاف، موضحاً أن الزواج بالنسبة للرجل والمرأة أهم مشروع حياتي، وينبغي على كل منهما أن يكافح لنجاح هذا المشروع، لأنه مرافق وحاضن حتى نهاية عمر الإنسان.