كتب ـ حذيفة إبراهيم:
أكدت مصادر أن عيسى قاسم ناقض مواقفه بشكل واضح حيال القانون، مشيرين إلى أنه خضع للقوانين واللوائح والأنظمة في إعادة تأسيس جمعية التوعية الإسلامية في 2005، فيما تنكر لذات القوانين في ادعاءاته على قرار حل وتصفية ما يسمى «المجلس العلمائي».
التناقض حاضر في خطب قاسم وممارساته، من خلال تعامله مع جمعيات قانونية وأخرى غير قانونية، وكونه مؤسساً لجمعية أهلية مرخصة، لا يعفيه من المساءلة عن ممارسات غير قانونية، باعتباره مواطناً يخضع لقوانين الدولة وأنظمتها.
ويقول المحامي موسى البلوشي إن قاسم رجل دين يمارس السياسة وهو ليس أعلى من القانون. وأكد وجود تناقض واضح بين طريق قانوني «أبيض» سلكه من خلال جمعية التوعية الإسلامية، وطريق «أسود» بالمجلس العلمائي غير المرخص، يظهر شخصية قاسم المتناقضة، وكادت تودي بالبحرين إلى الهاوية.
ودعا الجهات المختصة إلى محاسبته وفقاً للقوانين البحرينية النفاذة، مضيفاً «هو ليس أعلى من القانون، وخلطه بين عملين قانوني وآخر غير قانوني، وكونه رجل دين لا يعفيه من المساءلة».
وبالعودة إلى جمعية التوعية الإسلامية، فقد أسسها قاسم في سبعينات القرن الماضي، وتم غلقها لاحقاً نظراً لنشاطاتها غير القانونية، إلا أن قاسم عاد تأسيسها مستغلاً العهد الإصلاحي لجلالة الملك المفدى عام 2005، مع عبدالله الغريفي و36 آخرين، حيث صدر قرار تأسيس الجمعية رقم (35) لسنة 2005.
وأوضحت مصادر لـ»الوطن» أن عيسى قاسم اختار على رأس تلك الجمعية حينها سعيد النوري المقرب جداً منه، ويسير معه في ذات الخط، فضلاً عن علاقاته الواسعة والممتدة سواء في البحرين أو قم، وكان يعتبر من المفكرين الرئيسين لدى أتباع ولاية الفقيه، إلا أنه سرعان ما دبت الخلافات بين الاثنين، وعندها أزيح النوري من رئاسة الجمعية، وعين عوضاً عنه باقر الحواج، وهو الآخر صاحب علاقات واسعة، ولا يخرج عن عباءة قاسم.
وقالت المصادر إن تأسيس جمعية التوعية جاء ليكون في خط مساند وشرعي للحصول على الأموال بشكل شرعي، بينما كان تأسيس المجلس العلمائي للسيطرة على التيار الديني كاملاً في البحرين، لأن القوانين البحرينية لا تسمح بالجمعيات الدينية الساعية لهذا المأرب، حيث افتتح من خلال «العلمائي» حوزة المصطفى لتدريب الأئمة والخطباء، ليحتلوا لاحقاً جميع المآتم والمساجد والحسينيات على مستوى البحرين.
وبينت أن قاسم لم يكن بعيداً عن الاثنين، إلا أنه كان بعيداً عن الحوزات الدينية، لأنه لا يرأس أو يدرس في أي منها، بينما انشغل بإصدار أوامره لجمعية التوعية والمجلس العلمائي.
ويسعى قاسم ـ حسب المصادر ـ لتبقى جمعية التوعية الإسلامية خط العودة والبقرة الحلوب لجميع أنشطة المنظمات والجمعيات غير الرسمية، حيث كان أحد الممولين للمجلس العلمائي، عندما كان مسموحاً لها جمع التبرعات سابقاً.
وقالت إن جمعية التوعية الإسلامية لا تسعى لمخالفة القوانين بشكل مباشر، باعتبار نشاطاتها الظاهرة قليلة وتتركز في الأمور الدعوية فقط، أما نشاطاتها غير المعلنة فهي كل ما يمارسه أعضاؤها ممن يرأسون المؤسسات والمجموعات والتجمعات غير القانونية.
ويتركز النشاط الحالي المعلن للجمعية عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، المربوط بشكل تلقائي في «فيس بوك» الجمعية، بينما تنظم محاضرات مكثفة في مبنى الجمعية ذي الـ5 طوابق للنساء، العديد منها سياسية لا يتم الإعلان عنها رسمياً، باعتبار النساء نصف المجتمع وفي حال السيطرة عليهن يتم تربية النشء وفق ما يرتئون.
ولإبعاد الشبهات أيضاً، ألغت جمعية التوعية الإسلامية مخيمها الشتوي لتمارس الأنشطة بشكل سري وغير معلن، رغم أن العاملين فيها ومؤسسيها يتحكمون بالعديد من مواكب العزاء في موسم عاشوراء بمختلف الأسماء، فضلاً عن المساجد وباقي دور العبادة. وبينت المصادر أيضاً أن أموال الجمعية تذهب حالياً إلى «مجالس علمائية مصغرة» أسسها عيسى قاسم في قرى ومناطق المملكة، للسيطرة على الخطاب الديني، حيث تم اعتماد آلية جديدة تتمثل بـ»توحيد خطب الجمعة» بأوامر من عيسى قاسم وعبدالله الغريفي.
وتفرع «المجلس العلمائي» إلى أفرع صغيرة داخل القرى، أبرزها هو «مجلس علماء البلاد القديم» ويرأسه جاسم الخياط، حيث لم يتورع المجلس عن وضع لافتة على مقره الكائن في القرية، في تحد صريح لقوانين المملكة وأنظمتها.
وأكدت المصادر أن جمعية التوعية الإسلامية لن تخرج إلى السطح إلا بعد استتباب الوضع، وستبقى غطاء رسمياً بعيداً عن كل الشبهات، لتعمل بالخفاء في تمويل الجمعيات والمنظمات غير القانونية.
ولم تصدر جمعية التوعية أي بيان فيما يخص قرار القضاء بحل المجلس العلمائي، رغم أن معظم مؤسسيه هم من مؤسسي العلمائي.
وبالعودة إلى بدايات الجمعية، أنشأت مبناها بـ1.3 مليون دينار، تحصلت من استثمارات وتبرعات من عدة جهات، وهو مكون من 5 طوابق أحدها «قبو» ومدخل للنساء وآخر للرجال، وصالات وقاعات للمحاضرات وغيرها.
وبحسب موقع الجمعية، فإنها تكفل حوالي 1000 يتيم في العراق، رغم أن النظام الأساسي لها ينص على أن جميع أعمالها الخيرية تستهدف البحرين فقط.