أكد التقرير الخامس الصادر عن لجنة الشؤون الخارجية بمجلس العموم البريطاني لدور الانعقاد 2013 - 2014، قلق بريطانيا من دعم إيران لعناصر راديكالية معارضة في البحرين، فيما قال إن المملكة المتحدة تلتقي بقرابة 50 معارضاً بحرينياً بانتظام.
وقال التقرير المقدم من وزير الدولة للشؤون الخارجية والكومنولث بأمر من جلالة الملكة البريطانية، إن البحرين بطور الإصلاح وليست في خانة بلدان تثير القلق، عاداً الحوار التوافقي الشامل الطريقة الوحيدة لتعزيز السلام والاستقرار في المملكة.
وأوضح التقرير أن البحرين تقع في منطقة غير مستقرة واحتياجاتها الدفاعية والأمنية مشروعة، مضيفاً أن «إنهاء التعاون الدفاعي مع البحرين والبحث عن بديل خطوة صعبة ومكلفة».
وأكد أن مصلحة بريطانيا الوطنية في حفظ أمن الخليج وتأمين الملاحة البحرية في مضيق هرمز، وقال «لا نية للاستغناء عن القواعد البحرية البريطانية في البحرين، ولندن ستواصل صفقة طائرات تايفون مع المملكة».
من جانب آخر لفت التقرير إلى أن بريطانيا تسعى للاستثمار في البحرين بالقطاعين العام والخاص، بينما عد إعادة هيكلة المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تجاوباً جاداً تجاه الإصلاح.
وأردف أن لجنة الشؤون الخارجية سعيدة بعمل السفيرين البريطانيين في البحرين السفير السابق جيمي باودين والحالي إيان ليندسي، خلال ظروف صعبة شهدتها المملكة منذ 14 فبراير 2011.
وبين التقرير أن الحكومة البريطانية تشد على يد البحرين في تعزيز السلام والاستقرار من خلال حوار بناء وشامل يراعي التطلعات المشروعة لجميع البحرينيين، ويتطلع إلى تنفيذ البرنامج المهم لإصلاح رسمته البحرين سابقاً، ومواصلة تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين.
واعتبر إنشاء اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق كاستجابة مباشرة لاضطرابات 2011، خطوة مهمة نحو الإصلاح في المجال السياسي وحقوق الإنسان في البحرين، لافتة إلى إحراز تقدم كبير في العديد من المجالات وخاصة الإصلاحات المتعلقة بقطاعي القضاء والأمن.
وقال إن الإصلاحات شملت أيضاً إنشاء آلية وقائية وطنية ضد التعذيب، ووحدة تحقيقات خاصة بالادعاءات غير المشروعة، وإنشاء ديوان خاص للنظر في المظالم ومستقل من قبل وزارة الداخلية مهمته قبول الشكاوى وإجراء التحقيقات وإعادة بناء المساجد.
وأكد التقرير أن إعادة هيكلة المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان والمرسوم الملكي لتشكيل لجنة مستقلة للسجناء والمحتجزين، يعد تجاوباً جاداً تجاه الإصلاحات من القيادة البحرينية.
ونوه أن الحكومة البريطانية تشعر بالقلق من أن إيران والأطراف الفاعلة الخارجية الأخرى تستغل الوضع في البحرين وتقدم دعماً مباشراً لبعض عناصر المعارضة الراديكالية والعنيفة، مستدركاً «لكن ليس هناك أي دليل قاطع على أن إيران متورطة في تدبير اضطرابات البحرين في فبراير ومارس».
ورحب التقرير بمبادرات حكومة البحرين بالمصالحة، بما فيها الحوار السياسي، حيث أكدت الحكومة البريطانية أنها ستواصل حث جميع الأطراف على المزيد من التفهم والمواقف البناءة، لافتاً إلى أن الأهداف بعيدة الأمد للحكومة البريطانية في البحرين تتمثل في الوصول إلى تسوية سياسية تفضي إلى إصلاح ذي مغزى، وإلى علاقة ثنائية متينة، مع عدم الإضرار بمصالح المملكة المتحدة الأمنية والاقتصادية.
من جانب آخر، نقل التقرير تأكيد الحكومة البريطانية أن المملكة العربية السعودية اعترفت منذ فترة بأهمية الحوار الوطني بين جميع الطوائف في البحرين، حيث أصدرت بياناً ترحب فيه بمبادرة الملك حمد بن عيسى للحوار الوطني، ودعمت دعوته جميع أفراد المجتمع البحريني للمشاركة فيه.
وأوضح أن الحكومة البريطانية توافق اللجنة على أهمية المصالحة بين الطوائف في البحرين، إذ أكدت اللجنة أن الطريقة الوحيدة لتعزيز السلام والاستقرار في البحرين ستكون من خلال حوار بناء وشامل يأخذ بعين الاعتبار التطلعات المشروعة لجميع البحرينيين.
وأضافت أن دعوة جميع الأطراف في البحرين، يبني مزيداً من جسور الصدق والثقة اللازمتين للمصالحة بين جميع الأطراف.
وأشار التقرير إلى أن الحكومة البريطانية تظل داعمة للإصلاحات الجارية بالفعل، وتواصل تشجيع حكومة البحرين لإظهار العزم على التنفيذ، مبيناً أن الحكومة البحرينية اعترفت بنفسها أن مزيداً من العمل لايزال في طريقه إلى التنفيذ، وأن المملكة المتحدة ستواصل دعمها للإصلاح.
وأوضح أن كل الدعم المقدم من المملكة المتحدة إلى البحرين يتم النظر في مطابقتها لما ورد في دليل المساعدات الأمنية والقضائية الموجه للدول الأجنبية، للتأكد من توافقها مع معايير حقوق الإنسان.
تبادل الآراء مع المعارضة
وأكد التقرير أن كثيراً ما يجتمع مسؤولو مكتب الشؤون الخارجية والكومنولث في البحرين والمملكة المتحدة، بأعضاء من المعارضة بانتظام بحوالي 50 فرداً من الجمعيات السياسية بما فيها شخصيات من المعارضة، والمجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية، للتشاور وتبادل الآراء على أوسع نطاق ممكن، ودعم التقدم السياسي بما فيه حوار التوافق الوطني.
وبين أن اللجنة لا تجد إجابات سهلة لقضايا البحرين السياسية، مؤكداً أن اللجنة تجتمع بانتظام مع الحكومة والمعارضة وغيرهم من المعنيين بالحوار الوطني في البحرين، حاثة الجميع على مواصلة الحوار بصفة بناءة للتمكن من الوصول إلى تسوية سياسية.
وتطرقت وزارة الخارجية وشؤون الكومنولث إلى دراسات لحالات معينة للمرة الأولى في تقرير 2011، كوسيلة لتعزيز التقارير في ضوء تسارع الأحداث في المنطقة، ما سمح بإدماج بلدان أخرى حيث توجد شواغل مهمة في مجال حقوق الإنسان، ولكن لا تدخل في خانة البلدان المثيرة للقلق.
وأشاد التقرير بالدور الفاعل للمركز الثقافي البريطاني في البحرين، وما يتمتع به من سمعة قوية قي المملكة، حيث إن مركز التعليم في المنامة يستقبل سنوياً حوالي 7000 طالب، ويقدم مهارات التكوين وربط جسور التواصل بين الفصول والتدريب المهني للمدرسين ومسؤولي وزارة التربية والتعليم والتنظيم لورش عمل لأعضاء هيئة التدريس، وبناء وتطوير التدريب والمهارات للفنانين المحليين.
وأكد التقرير أن المملكة المتحدة مهيأة جيداً للاستفادة من سمعتها التجارية في البحرين، وبدأت في الإنفاق على البنية الأساسية على نطاق واسع، لافتاً إلى أن الحكومة البريطانية توافق وتسعى إلى تحقيق فرص التجارة والاستثمار مع البحرين في القطاعين العام والخاص على جميع المستويات، عن طريق اللجان الوزارية المشتركة بين البحرين والمملكة المتحدة مرتين في السنة.
وقال إن التجارة والاستثمار في البحرين تحدث بعد استشارات استباقية مع الحكومة البحرينية، لتحديد مشاريع بنية تحتية في البحرين تطابق المهارات الموجودة في بريطانيا.
وأوضح أن الحكومة توفر هذه الفرص لمجموعة واسعة من الشركات في المملكة المتحدة، من خلال شبكتها للتجارة والاستثمار وفرص التبادل التجاري والندوات.
وأكدت الحكومة البريطانية أنها ستواصل دعم الشركات في المملكة المتحدة للفوز بحصة كبيرة من الصفقات مستقبلاً، وإعادة التنمية في البحرين بما في ذلك الفرص الناشئة عن دول مجلس التعاون الخليجي والمقدرة بـ10 بليون ممولة من صندوق الخليج العربي للتنمية، وتشمل المجالات الرئيسة ومنها توسيع مطار البحرين، مشاريع مياه الصرف الصحي، وتحديث المصفاة، وربط دول مجلس التعاون الخليجي بالسكك الحديدية وفرص أكبر في قطاع النقل.
وأكد أن الحكومة البريطانية ستواصل صفقة بيع الطائرات الحربية يورو فايتر تايفون إلى البحرين، لأن البحرين حليفة مهمة في المنطقة وهناك اتفاقية دفاع مشتركة بين الجانبين، إضافة إلى أن البحرين تقع في منطقة غير مستقرة ولها احتياجات دفاعية وأمنية مشروعة تسعى الحكومة البريطانية لتلبيتها.
وبين التقرير أن البحرين بالنسبة للمملكة المتحدة تعد مكاناً مهماً وآمناً في الخليج، والتعاون الدفاعي المتبادل يدر بالنفع على الطرفين، عاداً إنهاء التعاون المشترك في مجال الدفاع والبحث عن بديل في المنطقة خطوة مكلفة وصعبة.
وبين أن المملكة المتحدة لها مصلحة وطنية واضحة في حفظ السلام والأمن في الخليج وتأمين حرية الملاحة عبر مضيق هرمز، مؤكداً أن البحرين حليف مهم في المنطقة وستتواصل العلاقات الثنائية الإيجابية بين المملكتين في المجال الدفاعي لدعم الأهداف الأمنية الإقليمية المشتركة على نطاق أوسع، وليس هناك حالياً أية نية لوضع حد للتعاون في مجال الدفاع أو الاستغناء عن القواعد البحرية البريطانية في البحرين.
التعاون الأمني
وقال التقرير إنه كدعم لتنفيذ ما جاء في تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق في البحرين، ستحث المملكة المتحدة على تعزيز حقوق الإنسان وسيادة القانون، لافتاً إلى أن تعاون مكتب أمين المظالم واللجنة المستقلة للسجناء والمحتجزين ووزارات حقوق الإنسان والعدالة والمعهد الوطني لحقوق الإنسان مستمر ومثمر، ومستشاري حكومة المملكة المتحدة يساعدون المؤسسات البحرينية على تنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق وفقاً لمعايير حقوق الإنسان، ومن خلال توضيح أفضل ممارسات المملكة المتحدة في هذا المجال.
وبين التقرير أن الحكومة البريطانية لا توفر حالياً أي تدريب على كيفية استخدام القوة، بينما توفر تدريباً عالي الجودة وذي مستوى عالمي في مجال الدفاع للعديد من البلدان بما فيها منطقة الخليج، ويأتي ذلك امتثالاً لسياسة المملكة الداخلية والدولية وتطبيقاً لالتزاماتها القانونية.
وأكد أن جميع الدورات التدريبية المخصصة لقوات الأمن في البحرين، تمتثل للقانون الإنساني الدولي وقانون النزاعات المسلحة والحاجة للتصرف مع احترام حقوق الإنسان في أصعب الظروف.
وأشار إلى أن الأعضاء الستة في مجلس التعاون الخليجي تتفق على نفس الرؤية، وتساند مبدأ أن تصبح البحرين آمنة ومستقرة، لافتاً إلى أن القضايا الإقليمية بما فيها الصراع في سوريا وعدم الاستقرار والطائفية في العراق والمفاوضات مع إيران لها أيضاً أثر في الشؤون الداخلية للبحرين، ولذلك فإن الحكومة البريطانية تشجع جميع الأطراف الإقليمية الفاعلة للعب دور بناء في دعم عملية الإصلاح والمصالحة في البحرين.
وأكد التقرير في مواطن عدة أن الحكومة البريطانية تشعر بقلق نتيجة الدعم المتزايد من بعض الوكلاء الأجانب للمعارضة الراديكالية والعنيفة في البحرين، مؤكدة أن محاولة استغلال الاختلاف الطائفي أمر غير مقبول وتشجع الحكومة جميع الأطراف الإقليمية الفاعلة أن تلعب دوراً بناء وداعماً في عملية الإصلاح والمصالحة في البحرين.
مستقبل العلاقات الخليجية البريطانية
من جانب آخر أكد التقرير أن الحكومة البريطانية تسرع وتضاعف جهودها في الخليج، ففضلاً عن التنسيق في السياسة الخارجية - تبعاً للخطة الجديدة للحكومة في الخليج - سيتم أيضاً بناء جسور تعاون مع دول الخليج في مجالات رئيسة مستقبلاً، بما فيها الصحة والتعليم والطاقة والثقافة والدفاع والأمن.
وقال إن الحكومة تسعى إلى الاعتماد على رصيدها التاريخي في المنطقة، وعلى مزايا اللغة الإنجليزية سيما على شبكة الإنترنت باعتبار اللغة الإنجليزية هي اللغة الثانية في الخليج.
وبين التقرير أن الحكومة البريطانية تعترف بأهمية الحفاظ على الحيوية وضمان علاقات متينة للمملكة المتحدة مع حلفائها في الخليج، لذا وظفت مجموعة واسعة من الأطراف المعنية فيما يتعلق بتجويد العلاقات الخليجية البريطانية، بينها دول الخليج ذاتها، وستأنس الحكومة بآراء من خارج الحكومة أثناء تقدم العمل.