عواصم - (وكالات): رأى خبراء ومحللون أن «الاتفاق النووي المرحلي الذي أبرمته إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومجموعة «5 +1» في نوفمبر الماضي، يؤجج التوتر بين الرئيس الإيراني حسن روحاني، وقيادات بالحرس الثوري الإيراني التابع لسلطة المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي».
وذكروا أن «الاتفاق المؤقت يهدد الأساس الأيديولوجي لقوة الحرس الثوري الذي تشكل لموازنة قوة الجيش وحماية الثورة من التدخل الخارجي والداخلي». ويستغل روحاني ثغرة فريدة أوجدها الاتفاق النووي «لتقليص وجود المؤسسة الاقتصادي وبالتالي نفوذها الأوسع في البلاد»، وفقاً للمحللين. وتحدثت تقارير عن أن «روحاني يستخدم الزخم السياسي بعد تحسن العلاقات مع الغرب بسبب البرنامج النووي في كبح جماح النفوذ الاقتصادي للحرس الثوري».
وبدت مقالة نشرتها وكالة أنباء فارس الإيرانية روتينية اذ نقلت عن وزير الطرق والتنمية العمرانية قوله إن الوزارة لم توقع عقداً مع شركة «خاتم الأنبياء» للإنشاءات لاستكمال طريق سريع رئيس من طهران إلى الشمال. لكن أمرين ميزا الخبر، الأول أن «خاتم الأنبياء» واحدة من كبرى الشركات التي يسيطر عليها الحرس الثوري والثاني أن رئيسها عباد الله عبد اللهي قال قبل أيام إن الشركة وقعت العقد مع الوزارة. وشكك وزراء في عقود قائمة بين الحكومة والحرس بل ألغيت بعض العقود بعد أن ظلت عالقة منذ وصول روحاني للرئاسة خلفاً لمحمود احمدي نجاد.
وانتقد قادة كبار في الحرس الذي تأسس قبل نحو 35 عاماً للدفاع عن نظام حكم رجال الدين في إيران المحادثات النووية لكنهم كانوا أكثر تكتماً عند الحديث عن القيود على مصالحهم الاقتصادية.
وقال الميجر جنرال محمد علي جعفري في ديسمبر الماضي إن حكومة أحمدي نجاد كانت تصر على مشاركة الحرس في الاقتصاد.
وأضاف «لكننا أخبرنا روحاني أنه إذا شعر أن القطاع الخاص يمكنه تنفيذ هذه المشروعات فإن الحرس الثوري مستعد للتنحي جانباً بل وإلغاء العقود». وبنفس اللهجة انتقد جعفري المفاوضات النووية وروحاني مضيفاً أنه «لا يمكن للحرس التزام الصمت».
وقال محسن سازكارا أحد الأعضاء المؤسسين للحرس الثوري «كان من المتوقع أن يكون للحرس رد بارد وقاسٍ، وهذا لأنهم يرون أنفسهم يديرون الأمور، والأهم من ذلك أنهم ليسوا سعداء بإبعاد أياديهم عن بعض مشروعات النفط والطاقة والطرق، وأظهروا هذا الاستياء بعدة طرق». ورغم الانتقادات التي توجهها القيادة العليا للحرس الثوري للاتفاق النووي إلا أن الحرس الثوري ليس على قلب رجل واحد. وفي الوقت الحالي أبقى دعم المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي العناصر المحافظة داخل صفوف الحرس تحت السيطرة. وقال سازكارا «خامنئي يدعم المحادثات، ومن جانب آخر ليس أمام الحرس من خيارات كثيرة نظراً للوضع الاقتصادي الذي يثير فزع الجميع».
ويسيطر الحرس الثوري على قطاعات واسعة من الاقتصاد وينخرط أيضاً في الأنشطة السياسية والثقافية. وقالت وزارة الخزانة الأمريكية في تبريرها لفرض العقوبات أن الحرس الثوري يسيطر على «أعمال بمليارات الدولارات». وفي بعض الأحيان تتداخل أعمال الحرس التي تشمل حصة في كبرى شركات الاتصالات في البلاد وشركات إنشاء تعمل عن كثب مع منظمة «استاد» التي يسيطر عليها خامنئي تقدر قيمتها بـ 95 مليار دولار. وقال الباحث الكبير بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات والخبير في شؤون الحرس الثوري علي الفونيه إن «الحكومة استخدمت حجتين رئيسيتين لإلغاء العقود». وذكر أن «البيانات العامة لقادة الحرس الثوري الإيراني توضح بجلاء محاولة قادة الحرس تقويض انفتاح روحاني على الغرب».
وقال محللون إنه في الوقت الذي برز فيه استغلال روحاني المفاوضات النووية لتقليص النفوذ الاقتصادي للحرس الثوري، قد ظهر التوتر جلياً بين الجانبين خاصة حينما تثار قضية المحادثات الجارية بشأن البرنامج النووي للبلاد التي تعد الأكثر إثارة للجدل بالنسبة للحرس الثوري. وبعض قادته الكبار أوضحوا أن وقف تخصيب اليورانيوم بالكلية قد يكون مطية لتفكيك البرنامج النووي الإيراني الذي يخشى الغرب أن تكون له أهداف عسكرية.
ورأى المحللون أنه «إذا ذهب روحاني إلى مدى بعيد في المفاوضات المقرر أن تبدأ الشهر الجاري بشأن اتفاق طويل الأمد فقد يسحب خامنئي دعمه الذي سيسمح للمحافظين في صفوف الحرس الثوري بالتدخل».
في سياق متصل، اتفقت إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية على التعاون بشأن «7 نقاط جديدة» في المجال النووي حتى 15 مايو المقبل، بحسب ما اعلن ممثل ايران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية رضا نجفي. ووفقاً للبيان الذي أوردته وكالة الأنباء الإيرانية «سيقدم تفاصيل الاتفاق المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى مجلس الحكام».
970x90
970x90