^ هل الهوية العربية لدول الخليج العربي مهددة؟ وهل أمنه في خطر؟ هذان هما السؤالان البارزان اللذان حاول مؤتمر “عروبة وأمن الخليج العربي” الذي أقامته جمعية الوسط العربي الإسلامي السياسية أن يجيب عليه من خلال مجموعة من ورقات العمل التي ألقيت في المؤتمر، والذي حضره عدد من الباحثين والمعنيين بالشأن السياسي والأمني الخليجي والعربي. أما عن الهوية العربية لدول مجلس التعاون الخليجي فإنها ليست محل نقاش، حتى إن بعض الحاضرين تحفظ على التسمية، لكن الواقع يشير إلى محاولات مستميتة من بعض القوى الإقليمية ومن يدور في فلكهم لطمس هذه الهوية وخلق هوية سياسية جديدة للبحرين، هؤلاء هم الذين لا يحبون الجهر بالقول بعروبة الخليج، وإذا ظهر أحدهم في وسائل الإعلام فإنه يكتفي بذكر الخليج دون وصف حفاظاً على علاقته مع تلك القوى، لكن الأغلبية الكاسحة من الشارع البحريني لديها عقيدة راسخة أن مملكة البحرين، وقد أعزها الله بالعروبة والإسلام، لن تكون مجردة من هويتها يوماً، ولن تعمل إلا في محيط إقليمها العربي الخليجي، والتي تمثل هي وحدة مهمة من وحداته السياسية. أما عن الأمن الخليجي فإن أحداً لا يمكنه تغافل الأحداث التي مرت وتمر بها المنطقة العربية فيما عرف بالربيع العربي وتداعيات تلك الأحداث على المنطقة بأكملها، خصوصاً بعد محاولات القوى الإقليمية والدولية تحقيق أكبر استفادة ممكنة من هذه الأحداث لتحقيق مآربها، حدث ذلك مع إيران والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل؛ فإيران حاولت تصوير نفسها أنها راعية ما أسمته بالصحوات الإسلامية المشروعة، وأن نجاح تلك الثورات يمثل نجاحاً للثورة الخمينية في إيران، بل امتداداً لها، وكادت بعض الشعوب أن تخدع بهذا المنطق إلى أن جاءت الثورة السورية وكشفت سوءة المواقف السياسية الإيرانية من الربيع العربي، وبينت تناقضات المنطق السياسي الإيراني الذي يرتكن لمحددات طائفية بالأساس ويغذي الاحتقان الطائفي في المنطقة العربية. حدث الشيء ذاته مع الولايات المتحدة الأمريكية التي حاولت استخدام نفس المنطق الإيراني في تحقيق المكاسب السياسية الوهمية، وحاولت تسويق نفسها أنها الراعي الرسمي لرغبات الشعوب العربية الطامحة إلى الحرية والداعم لها ضد الأنظمة الديكتاتورية، ونسيت أو تناست أنها كانت الراعي الرسمي لكل الأنظمة العربية التي سقطت، وأنها كانت الصديق المقرب لبن علي ومبارك وصالح الذين انقلبت عليهم. أما إسرائيل فإنها تدعم كل ما يمزق مجتمعاتنا، فهي أكثر المستفيدين من إشعال نيران الفتن الطائفية في بلادنا، وأكثر الرابحين من الصراع السُني الشيعي في المنطقة العربية، لأنها تدرك أن كل ضعف يصيب الجسد العربي والإسلامي يتحول إلى مكمن قوة لديها، وبعضنا للأسف يستميت من أجل تحقيق مزيد من الفرقة بين صفوفنا دون أن ينتبه إلى أن مزيداً من تشتيت مجتمعاتنا ما هو إلا تحقيق لأهدافهم، وأن تقويض أمننا تكريس لتحقيق أمنهم وأمانيهم بالسيطرة الكاملة على مقدراتنا. تلكم كانت بعض الأفكار التي اعتملت لدي أثناء وبعد متابعتي لجلسات مؤتمر عروبة وأمن الخليج العربي الذي جاء في توقيت مهم، دون أن تفوتني الإشادة بقيادات وأعضاء جمعية الوسط العربي الإسلامي التي قامت على تنظيم المؤتمر.