كتب - عبدالرحمن صالح الدوسري:قيل للسعادة: أين تسكنين؟قالت: في قلوب الراضين.قيل: فيما تتغذين؟قالت: من قوة إيمانهم.قيل: فيما تدومين؟قالت: بحسن تدبيرهم.قيل: فيما تستجلبين؟قالت: أن تعلم النفس أن لن يصيبها إلا ما كتب الله لها.قيل: فيما ترحلين؟قالت: بالطمع بعد القناعة وبالحرص بعد السماحة وبالهم بعد السرور وبالشك بعد اليقين، لكن السؤال أين تجد السعادة وراحة البال؟ وقبل أن تبدأ بالإجابة على كل واحد منا أن يسأل نفسه «هل أنت سعيد حقاً؟».الإجابة لن تتأتى من فراغ، وليس لها علاقة بالمستوى الثقافي للشخص، ولا كيف له أن يفلسف الإجابة، لكنها إحساسه الداخلي ومدى معايشته للسعادة ومدى معرفته لها، وأين له أن يجدها ويتحصل عليها.واتفق المفكرون والفلاسفة على مر العصور على أن المال لا يستطيع أن يشتري السعادة، ولكن ما مدى قناعة الناس أن «المال لا يجلب السعادة»، فإن كان المال وحده غير قادر على إحضارها، وإن كان الحب وحده عاجزاً عن إدخالها إلى بيت الزوجية، فمن هو باستطاعته إحضارها مبتسمة وفرحة إلى بيتنا؟الطاقة الكامنةديفيد فيسكوت في كتابه «التأملات»، يضع الكثير من الإجابات عن أسئلة حائرة تبحث عن دروب السعادة، يقول «إننا جميعاً نتطلع إلى السعادة ونبحث عنها، لكن السعادة ليست هدفاً في ذاتها، إنها نتاج عملك لما تحب، وتواصلك مع الآخرين بصدق، إنها تكمن في أن تكون ذاتك، أن تصنع قراراتك بنفسك، أن تعمل ما تريد لأنك تريده، أن تعيش حياتك مستمتعاً بكل لحظة فيها، إنها تكمن في تحقيقك استقلاليتك عن الآخرين وسماحك للآخرين أن يستمتعوا بحرياتهم، أن تبحث عن الأفضل في نفسك وفي العالم من حولك».من السهل أن تسير في الاتجاه المضاد، وأن تتشبث بفكرة أن الآخرين ينبغي أن يبدوا غاية اهتمامهم بك، إن تلقي باللائمة على الآخرين وتتحكم فيهم عندما تسوء الأمور، ألا تكون مخلصاً، وتنهمك - عبثاً ـ في العلاقات والأعمال بدلاً من الالتزام، أن تثير حنق الآخرين بدلاً من الاستجابة، أن تحيا على هامش حياة الآخرين، لا في قلب أحداث حياتك الخاصة، إنك في الواقع تعيش حياة غير سعيدة عندما لا تحيا حياتك على سجيتها، حيث ينتابك إحساس أن حياتك لا غاية منها، ولا معنى لها، وأن معناها الحقيقي يفقد مضمونه عندما تتفقده من قرب وبدقة.يضيف فيسكوت «إنه لمن المفترض -ضمناً- أن حياتك خلقت كي تكون لك، إن حياتك وهبت لك كي تخلق لها معناها، وإن لم تسر حياتك على النحو الذي ترغبه، فلا تلوم إلا نفسك، فلا أحد مدين لك بأي شيء، إنك الشخص الوحيد الذي يستطيع إحداث اختلاف في حياتك له من القوة ما يبقيه راسخاً، لأن الدعم الضئيل الذي قد تتلقاه من هنا أو هناك لا يعني شيئاً ما لم تكن ملتزماً بأن تقطع كامل الطريق بمفردك مهما واجهت من مصاعب».ويــردف «أن أي عهــد يقطعه لك الآخرون على أنفسهم ليس له من القوة ما يمكنه من إحداث ذلك الاختلاف الدائم، إن الخيانة والاستسلام -رغم شدة آثارهما- ليس لديهما القدرة على تقييد مسيرة تطورك أو إعاقة نجاحك، ما لم تكن أنت من يختلق الأعذار كي تفشل هذا الفشل الذريع». ويواصل «أنت لديك القدرة أن تتغلب على كل العوائق تقريباً لو استطعت أن تواجه الحياة بشكل مباشر، وأنت كإنسان يريد أن يحيا حياة هانئة يتحتم عليك أن تجتاز الكثير من العوائق طوال الوقت، فإن أول شيء يلزمك التغلب عليه هو ذلك الاعتقاد السخيف أن هناك من يدخل حياتك كي يحدث لك كل التغييرات اللازمة».ويتابع «إنك الشخص الوحيد الذي يمكنه أن يلعب دور المنقذ ليحرر حياتك من قيودها، وإلا ستظل حياتك ترسف في أغلالها، إنك تستحق السعادة، ولكنك أيضاً تستحق أن تحصل على ما تريد، لذا انظر إلى الأشياء التعيسة في حياتك، ترى أنها عبارة عن سجل لعدد مرات فشلت فيها أن تكون ذاتك، إن تعاستك لا تعدو أن تكون سوى ناقوسٍ يدق كي تتذكر أن هناك ما ينبغي أن تفعله لتسترد سعادتك». ويقول «لأن الإحساس بالسعادة هو أن يحب المرء الطريقة التي يشعر بها، فإن كونك غير سعيد يعني أنك لا تحب الطريقة التي تشعر بها، إنك الشخص الذي يفترض أن يفعل شيئاً حيال ذلك، فتحقيق السعادة يتطلب منك أن تخوض دائماً بعض المخاطر الصغيرة، ولكنها مهمة في ذات الوقت، إنك في حاجة لأن تجعل الآخرين يقدرونك حق قدرك، تجنب مناورات ومجادلات لا هدف لها، إنك في حاجة لأن تتفوه بالحقيقة وتصحح أكاذيبك، إنك في حاجة للتوقف عن تمثيل دور الضحية حتى يمكنك الاستمتاع بنجاحك دون شعور بالذنب».ويتابع فيسكوت تقديم النصائح «لكي تجد السعادة، فأنت بحاجة لأن تكون ذاتك لا أن تتظاهر بما ليس فيك، إنك في حاجة لأن تتحرر من توقعاتك الناتجة عن معتقداتك عما يجب أن تكون عليه الحياة حتى لا تحكم على الآخرين -على غير أساس من الواقع- بأن لديهم قصوراً أو أنانية، وأنت بحاجة لأن تكف عن الحياة داخل ذكريات الماضي، وتتعلم الصفح وغض الطرف كي تواصل مشوار الحياة».ويقول «إنك بحاجة لأن تكون مستمعاً جيداً حتى تستخلص أفضل ما لدى الآخرين من خبرة، وأن تأخذ نفسك على محمل الجد، ولكن ليس لدرجة أن تلزم نفسك أن تكون كاملاً طوال الوقت، أو ألا تستطيع التعرف على أخطائك وجوانب ضعفك، أنت بحاجة لأن تدرك أنك في حالة نمو متواصل لذا فإنك لزاماً عليك دائماً إدراك الحلول الوسط التي تعوق تقدمك في الحياة، والعلاقات التي تشعر أنك تقدم فيها الكثير من التنازلات، إنك في حاجة لهدف يوجه حياتك، ولأن تعلم لتحقيق هذا الهدف، وأن تخلق الحياة التي تريدها، لا أن تحيا على أمل الحرية الأجوف».المسؤولية تقع عليكإن كل فصل من الفصول التالية في الحياة يعالج موضوعاً محدداً له أهميته على طريقك على حد قول فيسكوت، وأن تكون ذاتك وأن تجد السعادة، وهي بالمناسبة نصائح مباشرة لها من التوجيه والفطرة ما جعلنا نزكيها لك، إنك تعرف معظم تلك النصائح بالفعل، ولكنها مقدمة بتلك الطريقة توحي لك أن تقبل نفسك حتى تستطيع أن تعرف موهبتك وكيف تمنحها للآخرين. إن هذا الكتيب ثري في المعرفة، وقد يسقط منك الكثير من المعاني المهمة أثناء قراءتك الأولى له، وسواء كنت تقرأ صفحة في كل يوم، أم قرأته كله في جلسة واحدة، فإن كل صفحة من صفحات هذا الكتيب تستحق أن تعاد قراءتها أكثر من مرة. أحياناً يتطلب انفتاحك على فهم جديد أو سماحك لأن تدرج نصيحة على قائمة النصائح المهمة التي تتبعها في حياتك جهداً كبيراً، ولكن الرجوع لأحد فصول هذا الكتيب عند مواجهة أية مصاعب، يفتح آفاقك على أفكار جديدة قد تكون غفلت عنها من قبل. ويحث الكاتب الجميع على «أن تفكر في هذه النصائح بشكل جدي، فقد جمعتها على مدار عمر طويل من العمل مع الناس، وكتبتها حتى تنفذ لقلب كل موضوع وتتحدث إلى قلبك مباشرة، إن تحقيق السعادة يكمن في أن تفهم نفسك وتقبلها كما هي الآن».تحقيق السعادةإن تحقيق السعادة يكمن في حب الطريقة التي تشعر بها وأن تكون منفتحاً على المستقبل دون مخاوف، وهو أن تقبل ذاتك كما هي الآن، إن تحقيق السعادة ليس في تحقيق الكمال، أو الثراء، أو الوقوع في الحب، أو امتلاك سلطة ونفوذ، أو معرفة الناس الذي تعتقد بوجوب معرفتهم، أو النجاح في مجال عملك، إن تحقيقها يكمن في أن تحب نفسك بكل خصائصها الحالية -ربما ليس كل أجزاء نفسك تستحق أن تحبها- ولكن جوهرك يستحق ذلك، فقد تستحق أن تحب نفسك بكل ما فيها الآن.إذا كنت تعتقد أنه لك أن تكون أفضل مما أنت عليه كي تكون سعيداً وتحب نفسك، فأنت بذلك تفرض شروطاً مستحيلة على نفسك. إنك الوحيد الذي يعرف نفسه بالطريقة التي ترغب أن تعرفها بها، إنك تستطيع أن تجمع أطول قائمة لأقل أخطائك استثارة للتعاطف، ولكنك بترديدك لهذه القائمة، تكون قادراً على تقويض سعادتك، بصرف النظر عن النجاحات والإنجازات المحققة، عليك أن تعرف أخطاءك، لكن لا تسمح لوجودها أن يصبح عذراً تلتمسه لعدم حبك لذاتك.تبقى السعادة بعيداً عن سلع تباع وتشترى، هي من يقدر على جلبها لبيته وقلبه وعائلته هو إنسان يجيد التعامل أولاً مع نفسه وثانياً مع قلبه وثالثاً مع عقله وأخيراً مع تحريك لسانه بمحاذاة عينه ومقداره لكسبه الحصة الأكبر من محبة الآخرين وليس بما في جيوبهم أو حساباتهم من أموال.منحته اللقب «أكسفورد للتنمية البشرية»محسن الصفار أفضل كاتب ساخر في 2013منحت أكاديمية أكسفورد لتنمية الموارد البشرية، وهي مؤسسة تعليمية بريطانية تعني بارتقاء المستوى التعليمي والفكري في أنحاء العالم، الكاتب والأديب د.محسن الصفار لقب أفضل كاتب ساخر للعام 2013. وقالت الأكاديمية في بيان أمس إن منح اللقب للصفار جاء «تكريماً لدوره في إثراء هذا اللون من الأدب في العالم العربي والعديد من الكتب التي نشرها في مجال الأدب الساخر ونذكر منها كتب عالم مجنون مجنون وكتاب مجنون يحكي وعاقل يسمع وكتاب المجانين في نعيم والعديد غيرها». ويتميز أسلوب د.محسن الصفار في الأدب الساخر المعاصر، بحسب بيان الأكاديمية بـ«البساطة التي تجعله سهلاً ممتنعاً في الوقت نفسه وتتطرق كتاباته إلى المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمجتمع العربي بأسلوب ساخر ولكن في نفس الوقت غير مبتذل ومن أهم مميزاته أن قصصه مختصرة وليست فيها إطالة». يذكر أن الصفار طبيب أخصائي في مجال الطب النفسي وحاصل على شهادة دكتوراه دولة فخرية في الإعلام من أوكرانيا، ويمارس الكتابة الصحافية وتنشر مقالاته في عدة صحف بحرينية وعربية في دول مختلفة ويكتب أيضاً في مجالات الاقتصاد والسياسة والأدب وهو مقيم مع عائلته في البحرين منذ عام 2006.
970x90
970x90