بقلم - الشيخ زياد السعدون:
لايزال الحديث موصولاً عن لغات الحب الخمس التي ذكرها الكاتب «جاري تشابمان» في مؤلفه «لغات الحب»، وحديثنا اليوم عن اللغة الثالثة وهي: «تبادل الهدايا».
مما لاشك فيه أن النفوس قد جُبلت على حب من يحسن إليها، والهدايا من أوسع الأبواب التي يدخل منها الحب، ولهذا نجد نبينا عليه الصلاة والسلام يعلم الناس كيف يحب بعضهم بعضاً، يقول عليه الصلاة والسلام «تهادوا تحابوا»، فالهدية تجلب الحب للمعطي والآخذ، فقد كان عليه الصلاة والسلام، لا يقبل إذا أعطي صدقة، لكن يقبل الهدية ويكافئ عليها، والهدية مهما كانت قليلة فقيمتها أكبر من ثمنها، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام «لا تحقرن جارةً جارتها ولو بظفر شاة»، فالهدية تنزع الحقد والكراهية من النفوس، وتزيل الشحناء والبغضاء من الصدور، وكثير من الهدايا اليوم ليست بهدايا بل هي مقايضات، «أعطاني أعطيه، أهدى لي.. أُهدي له»، وهذه الصورة لا تجلب المحبة لكنها قد تجلب التقاطع والتدابر بين الناس، بل بعضهم إذا أهدى لشخص هدية بمائة دينار، ثم أُهدي له الآخر بعشرين ديناراً قال «صج ما يستحي جايبله هدية بمائة دينار ويجيبلي بعشرين!!!».
ومما يفقد الهدية تأثيرها في جلب المحبة، إذا عُير الإنسان بها، بل على العكس تماماً، ولهذا بعض الأزواج والزوجات ما أن تحدث مشكلة بينهم حتى يُخرجوا ملف الهدايا، وكل واحد يذكر صاحبه أنه أهدى له كذا وكذا وأنه «ما يستاهل هذه الهدايا»، ثم يقولون «يالله سوي زين وارميه في البحر»، فإذا أراد الزوجان أو غيرهما زيادة المحبة فليختر الهدية التي يحبها الطرف الآخر ومعها كلمات الود والاعتذار، ربما تكون الهدية أقل من المقام أو لا تعجب.
ولا يذكر بعضنا بعضاً بالهدايا، بل بعضهم يهدي الهدية وإذا زعل أخذها، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «العائد في هبته كالكلب يقئ ثم يلعق قيئه»، فلنجعل من هدايانا لغة من لغات الحب التي يتقرب فيها بعضنا من بعض.