عواصم - (وكالات): اعتذر الوسيط الدولي الأخضر الإبراهيمي للشعب السوري لعدم إحراز تقدم في محادثات السلام في جنيف بعدما انتهت جولتها الثانية دون نتيجة سوى الاتفاق على اللقاء مجدداً، عازياً الإخفاق إلى رفض وفد الرئيس بشار الأسد جدول الأعمال. من جهته، أكد الرئيس الأمريكي باراك أوباما خلال استقباله العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في كاليفورنيا أنه «يريد تعزيز الضغط على نظام الأسد بينما وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود». ميدانياً، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن «النزاع السوري المستمر منذ نحو 3 أعوام، أودى بحياة أكثر من 140 ألف شخص». وكان من المتوقع أن تنتهي أمس الجولة الثانية من المفاوضات التي بدأت الاثنين الماضي، وأن يحدد الإبراهيمي بالتوافق مع الوفدين موعداً لاجتماع جديد.
ولكن بعد رفض وفد الحكومة السورية جدول الأعمال قرر الإبراهيمي أن يعود كل طرف إلى دياره من دون تحديد موعد جديد، لإعطاء الوقت للجميع للتفكير.
وقال الإبراهيمي «إن الحكومة تعتبر أن أهم مسألة هي الإرهاب في حين ترى المعارضة أن الأهم هو سلطة الحكومة الانتقالية، اقترحنا أن نتحدث في اليوم الأول عن العنف ومحاربة الإرهاب وفي الثاني عن السلطة الحكومية، مع العلم أن يوماً واحداً غير كاف للتطرق إلى كل موضوع». وأضاف «للأسف رفضت الحكومة، ما أثار الشك لدى المعارضة بأنهم لا يريدون التطرق إطلاقاً إلى السلطة الحكومية الانتقالية». وأعرب الإبراهيمي عن «الأسف» واعتذر «من الشعب السوري الذي علق آمالاً كبيرة» على هذه المفاوضات. وتابع «آمل في أن يفكر الجانبان بشكل أفضل وأن يعودا لتطبيق إعلان جنيف» الذي تم تبنيه في يونيو 2012 من قبل الدول العظمى كتسوية سياسية للنزاع المستمر منذ نحو 3 سنوات. وأضاف «آمل في أن تدفع فترة التأمل الحكومة إلى طمأنة الجانب الآخر أنه عندما يتم التحدث عن تطبيق إعلان جنيف أن يفهموا أن على السلطة الحكومية الانتقالية أن تمارس كل السلطات التنفيذية. بالتأكيد محاربة الإرهاب أمر لا غنى عنه». وممارسة «كامل السلطات التنفيذية» تعني حرمان الرئيس بشار الأسد من صلاحياته حتى وإن لم يكن ذلك مكتوباً صراحة في بيان جنيف 1، الأمر الذي يرفضه النظام السوري.
من جانبه، صرح الناطق باسم وفد المعارضة السورية لؤي صافي أن جولة ثالثة من المفاوضات مع الحكومة السورية بدون حديث عن انتقال سياسي ستكون «مضيعة للوقت». وذلك بعدما أنهى الإبراهيمي المفاوضات بدون تحديد موعد جديد مع عدم موافقة الوفد الحكومي على جدول الأعمال. واعتبر أن «النظام ليس جدياً ولم نأت لمناقشة بيان جنيف بل لتطبيقه». وأكد صافي أنه «يجب أن نتأكد من أن النظام يرغب في حل سياسي ولا يناور لكسب الوقت».
في المقابل، صرح رئيس الوفد الحكومي المفاوض السفير بشار الجعفري أن «الاعتراض كان على القراءة الاستنسابية الانتقائية من الطرف الآخر لمشروع جدول الأعمال». وأضاف «نحن وافقنا على جدول الأعمال الذي تقدم به الوسيط الدولي، الخلاف بدأ عندما قدم الطرف الآخر تفسيره الخاص لجدول الأعمال بحيث يخصص يوم واحد لمكافحة الإرهاب ومن ثم يوم آخر لهيئة الحكم الانتقالية بدون أن ننهي موضوع الإرهاب». وتابع الجعفري «أرادوا أن يبقى النقاش حول موضوع مكافحة الإرهاب مفتوحاً إلى اللانهاية وكل همهم الانتقال إلى البند الثاني دون قراءة مشتركة لموضوع مكافحة الإرهاب».
وأكد «إننا قلنا للوسيط الدولي أن الأجواء التي تحيط باجتماعات جنيف لا تنبئ أبداً بحسن نوايا لدى الطرف الآخر». واعتبر وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ أن فشل المفاوضات في جنيف يشكل «إخفاقاً كبيراً»، محملاً النظام مسؤولية الوصول إلى هذا المأزق. وفي وقت سابق، أجمع الطرفان المفاوضان على أن المفاوضات وصلت إلى «طريق مسدود» من دون تحقيق أي تقدم فيما اعتصم الإبراهيمي بالصمت ولم يعقد مؤتمره الصحافي اليومي المعتاد. ولم تتمكن راعيتا المفاوضات موسكو وواشنطن من إحداث اختراق في المفاوضات، غداة إعلان الإبراهيمي أنهما وعدتا بالمساعدة في حلحلة العقد بين الوفدين اللذين جلسا مرتين فقط في غرفة واحدة منذ بدء الجولة الاثنين الماضي.
وفي واشنطن، قالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية ماري هارف «بوضوح، يجب أن يضغط الروس على النظام السوري بشكل أقوى مما قاموا به حتى الآن». كما صرح الرئيس الأمريكي باراك أوباما خلال لقائه العاهل الأردني عبدالله الثاني أن الولايات المتحدة تدرس مزيداً من الخطوات للضغط على نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
ميدانياً، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن النزاع السوري المستمر منذ نحو 3 أعوام، أودى بحياة أكثر من 140 ألف شخص. ووثق المرصد «مقتل 140041 شخصاً منذ انطلاقة الثورة السورية»، في إشارة إلى الاحتجاجات المناهضة لنظام الرئيس بشار الأسد، والتي بدأت منتصف مارس 2011، وتحولت بعد أشهر إلى نزاع دام. من جهة أخرى، أفاد المرصد بأن مناطق في منطقة القلمون الاستراتيجية، شمال دمشق، والمتاخمة للحدود اللبنانية تعرضت للقصف من قبل القوات النظامية فيما دارت اشتباكات عنيفة بين هذه القوات ومقاتلي المعارضة في مدينة عدرا شمال العاصمة. إنسانياً، قال رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بيتر ماورير إن الحكومة السورية والمعارضة لم تحترما المبادئ الأساسية لقانون المساعدات الإنسانية الدولي رغم إجلاء سوريين محاصرين من مدينة حمص القديمة. من ناحية أخرى، ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن السعودية عرضت تزويد المعارضة السورية بصواريخ مضادة للطائرات للمرّة الأولى، من صنع صيني، قادرة على اعتراض الطائرات إضافةً إلى صواريخ روسية موجهة مضادة للدبابات.