تبدي بريطانيا حرصاً كبيراً على تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع منطقة الخليج التي ظلت طوال السنوات الماضية بمنآى عن الأزمة الاقتصادية الخانقة التي مرت بالعالم، حيث في الوقت الذي تغرق فيه المملكة المتحدة في أزمات اقتصادية متلاحقة فإن دول الخليج العربية تبحث عن فرص لاستثمار فوائضها المالية في الخارج.
وترى بريطانيا في تعزيز العلاقات الاقتصادية مع منطقة الخليج متنفساً مهماً من اختناق الأزمة الاقتصادية وتداعياتها مثل ارتفاع نسب البطالة.
وفي الوقت الذي حل فيه رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان ضيفاً على بريطانيا وبحث تعزيز العلاقات الاقتصادية معها، فإن مؤتمراً يبحث العلاقات التجارية بين بريطانيا والكويت سيبدأ أعماله في لندن خلال أيام، في مؤشر مهم على مستوى الاهتمام الرسمي في المملكة المتحدة بتعزيز العلاقات مع دول الخليج، خاصة ما يتعلق بالجانب الاقتصادي بعد أن أصبحت منطقة الخليج الغنية بالنفط كتلة اقتصادية بالغة الأهمية على المستوى العالمي.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين بريطانيا ودولة الإمارات خلال العام الماضي 9.6 مليار جنيه استرليني (15 مليار دولار)، فيما تطمح بريطانيا الى رفع هذا الرقم بحلول العام 2015 ليصل الى مستوى 12 مليار جنيه استرليني (19 مليار دولار)، فيما تعمل لندن على مضاعفة تبادلها التجاري مع الكويت خلال العامين المقبلين ليصل الى مستويات 4 مليارات جنيه استرليني (6.2 مليار دولار).
واستنفرت كافة أركان الدولة في بريطانيا من أجل استقبال رئيس دولة الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان والوفد الكبير المرافق له من أجل إنجاح زيارته التاريخية، وهي "زيارة دولة" رسمية لا تسمح القوانين في بريطانيا للملكة بمثلها سوى مرتين فقط في السنة.
وبدا واضحاً حجم الترحاب الذي لقيه رئيس دولة الامارات، كما بدا واضحاً أن ثمة العديد من الملفات الهامة التي تحظى باهتمام مشترك بين البلدين، وفي مقدمتها أكثر من 100 ألف بريطاني يقيمون في دولة الإمارات بصورة دائمة، فضلاً عن مليون سائح بريطاني يقصدونها سنوياً، لتكون الوجهة الأولى على مستوى منطقة الشرق الأوسط بالنسبة للبريطانيين.
أما على صعيد العلاقات الاقتصادية بين بريطانيا والكويت فيجري العمل في لندن على قدم وساق لتنظيم مؤتمر استثماري كبير في الثامن من أيار/مايو الحالي لبحث الاستثمارات الكويتية في بريطانيا، والاستثمارات البريطانية في الكويت.
ونقلت جريدة "فايننشال تايمز" البريطانية عن مسؤول كبير في الحكومة البريطانية قوله إنه "خلال السبعينيات والثمانينيات كانت بريطانيا على علاقة قوية جداً بدولة الكويت، وكنا شركاء الى حد بعيد، لكن لاحقاً تراجع مستوى العلاقات وانخفضت تبعاً لذلك الروابط التجارية بين البلدين"، في إشارة الى أن المؤتمر يمثل محاولة بريطانية جديدة لإعادة إنعاش العلاقات.
وتقول الصحيفة البريطانية إن المؤتمر سوف يحضره مسؤولون كبار من كلا البلدين، بما في ذلك وزراء ورجال أعمال، وسوف يتم فيه بحث الفرص الاستثمارية في كلا البلدين، بما في ذلك برامج الخصخصة بدولة الكويت.
كما نقلت "فايننشال تايمز" عن وزير التجارة والصناعة الكويتي أنس الصالح قوله: "نحن نريدهم أن يروا الكويت من خلالنا.. نريد أن نري البريطانيين لماذا الكويت أفضل للاستثمار والعمل من أي مكان آخر في المنطقة".
وبحسب الصحيفة البريطانية فان المؤتمر الكويتي المنوي عقده في لندن يمثل خطوة جديدة من حكومة ديفيد كاميرون لتعزيز العلاقات مع دول الخليج في ظل الأوضاع الاقتصادية التي تعيشها البلاد.
يشار الى أن الأرقام الرسمية الصادرة عن الحكومة في لندن كانت قد كشفت بأن الصادرات البريطانية الى دول الخليج العربي الستة ارتفعت خلال العام الماضي 2012 بنسبة تجاوزت 18%، فيما تعمل الحكومة على تعزيز الروابط التجارية بما يرفع هذه الصادرات بصورة أكبر.