عواصم - (وكالات): اتهمت السعودية نظام الرئيس بشار الأسد بـ «التعنت» محملة إياه «فشل» مؤتمر جنيف الذي انتهت جلساته الجمعة الماضي دون التوصل إلى أي نتيجة، فيما دعا وزير الخارجية الأمريكي جون كيري «داعمي النظام إلى الضغط» عليه ليضع حداً «لتعنته في المفاوضات ولأساليبه الوحشية على الأرض»
وذكرت وكالة الأنباء الرسمية السعودية أن مجلس الوزراء السعودي أبدى «أسفه لفشل مؤتمر جنيف 2 حول الأزمة السورية في تحقيق نتائج ملموسة محملاً النظام مسؤولية هذا الفشل، بسبب تعنته وحرفه المؤتمر عن أهدافه وفق مقررات» مؤتمر جنيف 1. وقد حملت دول الغرب النظام السوري مسؤولية فشل مفاوضات جنيف، وخصوصاً فرنسا وبريطانيا. كما دعا كيري «داعمي النظام إلى الضغط» عليه ليضع حدا «لتعنته في المفاوضات ولأساليبه الوحشية على الأرض». لكن وزير الخارجية السوري وليد المعلم اعتبر أن مفاوضات جنيف 2 «لم تفشل بل أحرزت تقدماً هاماً»، بحسب قوله. وأضاف أن «الجولة الثانية أنجزت نقطة مهمة جداً بفضل وعي المفاوض السوري عندما أعلن موافقة سورية على جدول الأعمال الذي اقترحه الوسيط الدولي الأخضر الإبراهيمي والذي يبدأ ببنده الأول ببند العنف ومحاربة الإرهاب». واتهم كيري روسيا بتشجيع الأسد على «المزايدة» والبقاء في السلطة في سوريا، بعد فشل الجولة الأخيرة من المفاوضات في جنيف. وقال كيري «إن النظام يمارس العرقلة، كل ما قام به هو الاستمرار في إلقاء براميل متفجرة على شعبه ومواصلة تدمير بلاده. ويؤسفني أن أقول إنهم يفعلون ذلك بدعم متزايد من إيران وحزب الله ومن روسيا». ووصل كيري إلى ابوظبي لإجراء محادثات حول سوريا والشرق الأوسط والاجتماع بعدد من كبار المسؤولين. وفي موسكو رد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مستشهداً «بأدلة على أن بعض داعمي المعارضة بدأوا ينشؤون كياناً جديداً» يضم خصوماً للأسد انسحبوا من الائتلاف الوطني المعارض. ورأى محللون أن فشل الجولة الثانية من مفاوضات جنيف يهدد بزيادة حدة أعمال العنف بين نظام دمشق ومقاتلي المعارضة، على خلفية عودة التوتر بين موسكو وواشنطن اللتين أطلقتا هذه المبادرة.
ورأى الخبراء أن هذا الطريق المسدود الذي وصلت إليه المفاوضات سيؤدي إلى تفاقم النزاع الذي أوقع أكثر من 140 ألف قتيل وتسبب بتسعة ملايين لاجىء أو نازح منذ 3 أعوام. من جهته، أعلن الاتحاد الأوروبي الإفراج عن مبلغ 12 مليون يورو لتمويل عملية إزالة الأسلحة الكيميائية السورية تحت إشراف منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
ميدانياً، عقدت القوات النظامية السورية ومقاتلو المعارضة مصالحة في بلدة ببيلا إحدى آخر بؤر التوتر الرئيسية في ريف دمشق، والتي دمرها النزاع الدامي. وتجري اتفاقات متتالية للمصالحة منذ أكثر من عام في العديد من المناطق القريبة من العاصمة السورية والتي شهدت معارك يومية شرسة قرر إثرها مقاتلو المعارضة وقوات النظام التفاوض لإجراء مصالحة بحيث لا يدعي أي من الطرفين النصر. ويشرف على اتفاقات وقف إطلاق النار شخصيات عامة - بما في ذلك رجال الأعمال ووزراء سابقون - من المناطق الخاضعة لأعمال العنف. وتقضي الاتفاقات على وقف إطلاق النار، ورفع الحصار الخانق من الجيش والسماح بدخول المواد الغذائية إلى المناطق التي يسيطر عليها المسلحون، وتسليم مقاتلي المعارضة لأسلحتهم الثقيلة ورفع العلم الرسمي للنظام على مؤسسات الدولة في هذه الاحياء.
وعقدت اتفاقات المصالحة هذه في عدد من البلدات الواقعة في ريف دمشق مثل قدسيا والمعضمية وبرزة وبيت سحم ويلدا ومخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين وكان آخرها في ببيلا. كما يجري التفاوض حالياً على اجراء اتفاقية جديدة في حرستا، أحد معاقل المعارضة المسلحة شمال شرق العاصمة. من ناحية اخرى، اعلنت وكالة الانباء السورية «سانا» ان الجيش السوري استعاد السيطرة تماما على قرية معان العلوية في محافظة حماه وسط البلاد والتي شهدت «مجزرة» نفذها مقاتلون معارضون للنظام وراح ضحيتها 40 شخصا في بداية فبراير الجاري. في الوقت ذاته، ضيق جيش الاسد الخناق على يبرود، آخر مدينة مهمة تسيطر عليها المعارضة في منطقة استراتيجية حدودية مع لبنان على بعد 75 كلم شمال العاصمة، بينما أرسل «حزب الله» الشيعي اللبناني تعزيزات إلى المدينة بعد تقدم قوات المعارضة. وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن معارك عنيفة كانت دائرة بين قوات النظام وكتائب إسلامية محلية وجهاديين من جبهة النصرة عند تخوم يبرود في منطقة القلمون. وفي الشق الإنساني، تعذر إجلاء مدنيين إضافيين محاصرين من حمص القديمة وعزا المحافظ طلال البرازي ذلك إلى تعرضهم لاعتداء من «مجموعات مسلحة».
وفي وقت سابق، أقيل رئيس هيئة اركان الجيش السوري الحر المدعوم من الغرب اللواء سليم ادريس بعد تكثف النكسات العسكرية امام قوات النظام السوري وتصاعد قوة الجماعات الاسلامية والجهادية في النزاع. وبعد تقدم قوات النظام السوري في الأشهر الماضية، أعلن المجلس العسكري الاعلى للجيش السوري الحر اقالة ادريس وتعيين العميد الركن عبد الاله البشير مكانه. واوضح مصدر في المعارضة السورية أن المآخذ على ادريس تتمثل في «أخطاء وإهمال في المعارك» و»ابتعاد عن هموم الثوار».