عواصم - (وكالات): شن الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر في أول تصريحات له منذ إعلانه القطيعة مع السياسة وحل تياره، هجوماً لاذعاً على حكومة رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي، واصفاً إياه بـ «الطاغوت، الذي يتمسك بالكرسي باسم الشيعة والتشيع»، فيما دعا إلى مشاركة كبيرة في الانتخابات المقبلة.
وقال الصدر في كلمة مباشرة من النجف نقلتها قنوات عراقية «صارت السياسة باباً للظلم والاستهتار والتظلم والامتهان ليتربع ديكتاتور وطاغوت فيتسلط على الأموال فينهبها، وعلى الرقاب فيقصفها، وعلى المدن فيحاربها، وعلى الطوائف فيفرقها، وعلى الضمائر فيشتريها». وأضاف في إشارة إلى المالكي، السياسي الشيعي النافذ الذي يحكم البلاد منذ عام 2006، أن «العراق تحكمه ذئاب جائعة، متعطشة للقتل والمال، جاءت من خلف الحدود». وذكر أن «حكومة المالكي لم تعد تسمع لأي أحد حتى صوت المرجع وفتواه، وصوت الشريك وشكواه، مدعومة من الشرق والغرب بما يستغرب له كل حكيم وعاقل».
وهذه اول تصريحات للصدر منذ اعلن في قرار مفاجئ امس الاول، وقبل اكثر من شهرين من الانتخابات البرلمانية المقرر اجراؤها نهاية ابريل المقبل، انسحابه من العمل السياسي في البلاد واغلاق مكاتبه السياسية وحل تياره.
وقد برر الصدر حينها قراره بالقول انه جاء «حفاظا على سمعة آل الصدر، ومن منطلق انهاء كل المفاسد التي وقعت او التي من المحتمل ان تقع تحت عنوانها، ومن باب الخروج من افكاك الساسة والسياسيين».
يذكر ان مقتدى الصدر الذي يملك مكاتب سياسية في معظم انحاء البلاد ويتمثل تياره في البرلمان بـ 40 نائبا من بين 325 وفي الحكومة بـ 6 وزراء، كان في منتصف 2012 احد ابرز السياسيين الذي عملوا على الاطاحة بالمالكي من دون ان ينجحوا في ذلك. واكد الصدر في كلمته امس قطيعته مع العمل السياسي المباشر، قائلا «ان كانت هناك بينكم اصوات شريفة سياسية او غيرها فلتستمر ولكن بعمل مستقل او غير ذلك بعيدا عني وباطر عامة»، مضيفا ان «ما صدر من قرارات مني او اوامر لم تتحملوها فغفر الله لي ولكم ولكنني فخور بها الى يوم الدين». وقال «يجب الاشتراك في هذه الانتخابات وبصورة كبيرة لكي لا تقع الحكومة في يد غير أمينة، وبالنسبة لي فأنا سأصوت وسأدلي بصوتي لكل شريف يريد خدمة الشعب وساقف مع الجميع على مسافة واحدة». وتابع «ارجو من العراقيين ان يشتركوا في الانتخابات والا يقصروا ومن يقصر فستكون هذه خيانة للعراق وشعبه». وأعلنت كتلة «الأحرار» النيابية التابعة للتيّار الصدري، تراجعها عن قرار الاستقالة، وذلك على خلفية خطاب مقتدى الصدر. وقال النائب عن الكتلة حاكم الزاملي، إن جميع نواب كتلة الأحرار تراجعوا عن الاستقالة بعد الخطاب الذي يدعم جميع العراقيين، ولا يدعم كتلة معينة. ميدانيا، انفجرت 14 سيارة مفخخة في العراق حاصدة ارواح العشرات من المدنيين في اقل من 24 ساعة، وسط صمت حكومي وعجز رسمي عن وقف التدهور الأمني الذي تعيشه البلاد منذ عشرة أشهر.
ولم تتبن أي جهة هذه الهجمات التي عادة ما يبادر في وقت لاحق تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام -»داعش»» إلى تبنيها، فيما لم يصدر أي رد فعل من الحكومة أو من أي جهة رسمية كما هي في الحال حيال معظم أعمال العنف اليومية. ويغرق العراق منذ أبريل العام الماضي في دوامة عنف غير مسبوقة منذ النزاع الطائفي المباشر بين السنة والشيعة بين عامي 2006 و2008، تعكس تدهوراً أمنياً كبيراً بلغ حد العجز عن استعادة أجزاء من ناحية استراتيجية يسيطر عليها مسلحون منذ أيام. وقتل أكثر من 480 شخصاً في أعمال العنف اليومية في البلاد منذ بداية فبراير الجاري، فيما قتل أكثر من 1460 شخصاً في هذه الأعمال منذ بداية العام الحالي.
في الوقت ذاته، لا يزال مسلحون مناهضون للحكومة يسيطرون منذ فجر الخميس الماضي على أجزاء من ناحية سليمان بيك الاستراتيجية الواقعة على الطريق الذي يربط بغداد بشمال البلاد، في وقت لا تزال فيه مدينة الفلوجة وبعض مناطق الرمادي غرب بغداد تخضع لسيطرة مسلحين مناهضين للحكومة أيضاً وذلك منذ بداية العام. وتسببت سيطرة المسلحين الذين ينتمي معظمهم الى «الدولة الإسلامية في العراق والشام» على الفلوجة وبعض أجزاء الرمادي بمعارك دفعت بمئات آلاف من سكان محافظة الأنبار إلى النزوح عنها. وقد أعلنت بعثة الأمم المتحدة في العراق أن أكثر من ألف طفل في المناطق المحاصرة من قبل القوات الحكومية والتي تخضع لسيطرة المسلحين المناهضين لها بحاجة إلى مساعدة فورية.