أنزلت المحكمة الكبرى الجنائية الرابعة أمس، عقوبة الإعدام بحق قاتل الشرطي محمد عاصف خان، والسجن 5 أعوام لمقاومته الشرطة عند القبض عليه، بينما عاقبت 6 من المشتركين في الجريمة بالسجن المؤبد، وسجنت متجمهراً 6 سنوات، وعاقبت آخر 5 سنوات لسرقته السلاح المستخدم بالجريمة من الشركة العامل لديها وغرمته 500 دينار.
ولخصت المحكمة تفاصيل الجريمة، بأنه في يناير 2013 استولى المتهم التاسع على سلاح ناري قاذف «إشارة» من الشركة العامل لديها، وأخذه إلى منزله، وعندما طلب شقيقه ـ المتهم الأول ـ السلاح سلمه إياه.
وقالت المحكمة إن المدانين الأول والثاني والخامس والسادس والسابع والثامن اجتمعوا بمنطقة السهلة 14 فبراير 2013،، واتفقوا على استهداف رجال الأمن بالحجارة والأسياخ و»المولوتوف» والسلاح الناري القاتل بطبيعته، وكان بحوزة المتهم الأول.
واتجه الجميع لمنطقة السهلة لتنفيذ أعمال شغب وإلقاء «مولوتوف» على الشرطة، وكان السلاح بحوزة المتهم الأول، وحال مشاركتهم بالتجمهر انضم إليهم المتهم الرابع، واستهدفوا جميعاً رجال الشرطة بـ»المولوتوف» والحجارة، فيما أطلق المتهم الأول قذيفة من السلاح صوب رجال الشرطة، فأصابت المجني عليه محمد عاصف خان، فاخترقت جسده أعلى الحوض وانفجرت بداخل جسده وأودت بحياته، فيما تمكن مرافقوه من تفادي الإصابة، حسبما ذكرت المحكمة في حيثيات حكمها. وأضافت المحكمة أن التحريات دلت على المدانين، وصدرت أوامر النيابة بالقبض عليهم، وحال تنفيذ أمر القبض على الأول، وبعد إعلامه بصفة مأموري الضبط، بادر لمقاومتهم لمنع القبض عليه ومحاولة الهرب بالقوة، إلا أنهم تمكنوا من الإمساك به ووضع القيد بيديه.
وذكرت المحكمة أن الدليل استقام على صحة الواقعة من اعترافات المدانين الثاني والثالث والرابع والتاسع في تحقيقات النيابة العامة، وما شهد به رجال الشرطة المرافقين للمجني عليه بتحقيقات النيابة وأمام المحكمة، وما أدلى به الطبيب الشرعي أمام المحكمة وما ثبت بتقريره بشأن تشريح الجثة وتقارير مختبر البحث الجنائي، وحسبما جاء بأقوال المدانين بمحاضر الاستدلالات.
واعترف المدان الرابع ـ حسب المحكمة ـ أنه شاهد المظاهرة وشارك فيها دون علمه أن قصد المتجمهرين قتل الشرطة، بينما ذكرت الشرطة المرافقين للمجني عليه أن المتجمهرين استهدفوهم، وأثناءها أصيب خان وشاهدوا النيران تخرج من جسده، وجرى نقله للمستشفى قبل أن يتبين أنه فارق الحياة.
وقالت المحكمة إن مدير الأمن والسلامة بشركة سفن، أقر أن الشركة لديها عدد كبير من الأسلحة «قاذف الإشارة الضوئية» ويصعب حصرها، وقال بتحقيقات النيابة إن المدان التاسع عامل شحن وتفريغ بالشركة، وحضر ذات يوم مع الشرطة وأرشدهم للسفينة التي سرق منها السلاح.
وأوضحت أن الطبيب الشرعي شهد أمام المحكمة أن السلاح له تأثير قاتل إذا ما أطلق من مسافة 140 متراً، ومن الطبيعي حدوث الإصابة الموجودة بجسم المجني عليه من هذا السلاح وفقاً لأقوال الشهود.
ونقلت المحكمة ما أثبته تقرير الطبيب الشرعي أن إصابة الشرطي حدثت باستخدام إحدى مقذوفات سلاح إشارة ضوئي، اخترق جسم المجني عليه وانفجر داخله، في حين أثبت تقرير المختبر الجنائي احتواء عينات دم المجني عليه وجسمه على عناصر الكربوهيموجلوبين والصوديوم والبوتاسيوم والمغنيزيوم والكالسيوم، واحتواء المقذوف المستخرج من جسمه على ذات المواد، إضافة لاحتوائه على نترات البوتاسيوم وهو من المفرقعات وفق قرار وزير الداخلية رقم 23 لسنة 1985، وأن المقذوف يستعمل في الإشارة الضوئية المستخدمة في حالات الإرشاد وطلب الإغاثة.
وذكرت المحكمة أنه ثبت بتقرير المختبر الجنائي احتواء موقع الحادث على بقايا قنينات زجاجية حارقة بها آثار مادة الجازولين والكلور، وجميعها من المفرقعات، وبقايا طلقتين من نفس النوع المستخدم في إصابة المجني عليه.
ووفقاً لما تقدم، فإن المحكمة حسبما توصلت إليه، لم يثبت لديها علم المدانين الرابع والتاسع بما قصده باقي المتهمين بشأن قتل الشرطي أو غيره من رجال الأمن، ولم يثبت لديها انصراف قصد أي منهم إلى إحداث النتيجة الإجرامية، ومن ثم لا يسوغ مساءلتهما عنها، ما يقضي ببراءتهما مما نسب إليهما من تهم القتل أو الشروع فيه.
ووجهت النيابة العامة إلى المدانين من الأول حتى الثامن أنهم اشتركوا وآخرون مجهولون في تجمهر بمكان عام ـ أكثر من 5 أشخاص ـ الغرض منه الإخلال بالأمن العام والاعتداء على الأشخاص ومقاومة السلطات، وقتلوا وآخرون مجهولون موظفاً عاماً وهو الشرطي محمد عاصف، عمداً مع سبق الإصرار وباستعمال مادة مفرقعة، وأعدوا لهذا الغرض سلاح الخرطوش وقاذف إشارة ضوئية واستدرجوا المجني عليه، وما إن ظفروا به حتى أطلقوا عليه النار.
وقالت النيابة إن الجناية اقترنت بجريمة أخرى وهي أن المدانين شرعوا وآخرون ـ في ذات المكان والزمان ـ في قتل رجال الشرطة، وحازوا عبوات قابلة للاشتعال.
وأسندت للمدان التاسع أنه اشترك مع الأول إلى الثامن بقتل الشرطي وساعدهم وأمدهم بقاذف، وتمت الجريمة بناءً على الاتفاق والمساعدة، كما سرق سلاح الخرطوش من شركة للملاحة باعتباره من العاملين فيها تنفيذاً لغرض إرهابي.
ووجهت للمدانين الأول والتاسع أنهما حازا سلاح الخرطوش والقاذف الضوئي دون ترخيص من وزارة الداخلية، فيما أسندت للأول تهمة استعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين بنية حملهم بغير حق على الامتناع عن أداء مهامهم.
يذكر أن المدان الأول المحكوم بالإعدام هو شقيق المدانين الثاني والثامن المحكومين بالمؤبد وللتاسع المحكوم بالسجن 5 سنوات، والمدان الثالث المحكوم بالمؤبد هو شقيق للرابع المحكوم بالسجن 6 سنوات، والمدانان الخامس والسادس شقيقان أيضاً وكلاهما محكومان بالمؤبد.
عقدت الجلسة برئاسة القاضي على الظهراني، وعضوية القاضيين الشيخ حمد بن سلمان آل خليفة ومحمد عزت.
من جانبه قال وكيل النيابة القائم بأعمال رئيس نيابة العاصمة محمد صلاح، إن المحكمة الكبرى الجنائية الرابعة عاقبت أمس وبإجماع الآراء، قاتل الشرطي محمد عاصف خان بالإعدام، والسجن المؤبد لـ 6 آخرين، و6 سنوات لمدان آخر، و5 سنوات للمدان الأخير وتغريمه 500 دينار، ومصادرة بقايا السلاح والذخائر المضبوطة.
وأرجعت النيابة وقائع القضية إلى اتفاق المدانين التسعة في غضون فبراير الماضي، على قتل من يستطيعون نيله من رجال الشرطة، وعقد المتهمون الثمانية الأوائل العزم على مخططهم الخبيث وبيتوا النية على تنفيذه.
وطلب المدان الأول من شقيقه التاسع العامل بإحدى شركات الملاحة، تزويده بأحد القواذف البحرية المستخدمة في السفن للإرشاد والإغاثة، بعد أن أعلمه بنيته في استعماله بالتعدي على أفراد الشرطة، فأحضر له ما يريد غير عابئ بنتيجة ما أقدم عليه.
وبدأ المتهمون بتاريخ 14 فبراير 2013 في منطقة الخميس، بتنفيذ ما عقدوا العزم عليه وما وسوست به شياطينهم ونفوسهم المجرمة، فوزعوا أدوار الشر فيما بينهم، وافتعلوا حالة من الشغب والتخريب بقصد استدراج أفراد الشرطة إلى مكان تمركز المدان الأول بسلاحه، وما إن وصل عدد من أفراد الشرطة إلى المكان، حتى هاجموهم بالزجاجات الحارقة والأحجار.
واستغل المدان الأول انشغال رجال الشرطة في مواجهة الأحداث، وباغت المجني عليه بكل خسة ووضاعة بإطلاق طلقة مشتعلة من قاذفه، إلى داخل بطن المجني عليه لتلتهب من جرائها أحشائه حتى انفجرت، ولم يملك المجني عليه وقتها وبعد المباغتة سوى ترديد عبارة «يا الله.. يا الله»، وكأنه ما أراد أن يبارح دنياه سوى بترطيب لسانه بذكر اسم المولى عز وجل، حتى لقي ربه شهيداً، شاكياً إليه من قتلوه.
وكانت النيابة العامة باشرت التحقيق في الواقعة فور تبليغها، إذ أجرت المعاينات اللازمة وندبت المختبر الجنائي والطبيب الشرعي، وانتهى الأخير في تقريره أن الوفاة نتجت عن إصابة حيوية أعلى الحوض الأيمن من إحدى مقذوفات الإشارة الضوئية، وانفجاره بعد اختراقه جسم المجني عليه محدثاً به احتراقاً بالأنسجة وتجمعاً للغازات داخل البطن ما أدى للوفاة.واستمعت النيابة إلى أقوال شهود الواقعة من باقي أفراد الدورية، واستجوبت المدانين حيث اعترف بعضهم بارتكاب الواقعة، كما أجروا معاينة تصويرية لكيفية ارتكابها.
وأحالت النيابة جميع المدانين من الأول حتى الثامن، محبوسين إلى المحكمة الكبرى الجنائية، بتهم الاشتراك في تجمهر بغرض الاعتداء على الأشخاص باستخدام العنف، ووقعت منهم تنفيذاً لغرضهم جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد باستعمال مادة مفرقعة، والشروع في قتل آخرين، وحيازة عبوات حارقة، وللأول والتاسع حيازة سلاح خرطوش ومفرقعات، وللتاسع الاشتراك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع الباقي في جريمة القتل، وللأول استعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين.
وتداولت القضية أمام المحكمة الكبرى الجنائية الرابعة، واستمعت الأخيرة لمرافعة ودفاع المدانين والنيابة العامة، وصممت على توقيع أقصى عقوبة على المتهمين وهي الإعدام، وأصدرت حكمها سالف الذكر.
عقدت الجلسة برئاسة القاضي علي خليفة الظهراني، وعضوية القاضيين الشيخ حمد بن سلمان آل خليفة ومحمد عزت.