بقلم - الشيخ زياد السعدون:
لايزال الحديث موصولاً عن لغات الحب الخمس التي تحدث عنها الكاتب جاري تشابمان في كتابه «لغات الحب الخمس»، ونتوقف اليوم مع اللغة الرابعة وهي «الأعمال الخدمية». إن النفوس مجبولة على من يحسن إليها ويخدمها، ولهذا نجد الرسول عليه الصلاة والسلام من أجل إشاعة المحبة العامة بين أفراد المجتمع يحض الناس على أن يقدم بعضهم لبعض خدمات، والأحاديث في هذا الباب كثيرة جداً، أذكر منها «إماطة الأذى عن الطريق صدقة»، فهذه خدمة عامة تقدم لكل أفراد المجتمع، بل أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن رجلاً دخل الجنة بخدمة عامة حين أزال غصن شجرة من طريق الناس، فكيف لا أحب جاري مثلاً فهو يساعدني ويقف معي ويقدم لي الخدمة تلو الأخرى لا لشيء إلا أنه جاري، وكما قال الشاعر:
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم
فطالما استعبد الإنسان إحسان
فالإحسان وخدمة الآخرين تجلب المودة وتذهب الشحناء والبغضاء من النفوس، فما بالك بمن حولك من زوجة وأولاد، فالخدمات تفعل في نفوسهم فعلاً عجيباً، فهذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تقول عنه عائشة رضي الله عنها: «كان يكون في مهنة أهله فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة»، فهو عليه الصلاة والسلام يساعد أهل بيته في الأعمال التي تقوم بها النساء في البيوت، كما قالت عائشة رضي الله عنها: «مهنة أهله»، فما بالك لو دخل الرجل إلى المطبخ وساعد زوجته في أعمال المطبخ، وأعانها على ترتيب البيت، وهي تخدمه وتلبي له احتياجاته وتهيء له أجواء الراحة والاستقرار، فقد أثبتت الدراسات الحديثة أن أسعد اللحظات الزوجية هي تلك التي يقوم فيها أحد الزوجين بخدمة الطرف الآخر، وكلما كانت تلك الخدمة ممزوجة بالكلام العاطفي فإنهما يصلان إلى القمة من المحبة والمودة. ليت كل زوج وزوجة يتفهمان هذه الحقيقية، وهي «خدمة الآخرين تجلب السعادة».